الناصرة… عروس الجليل الخالد/ بقلم: رانية مرجية

يا ناصرةَ الأزمانِ، يا سِحرَ الربى
يا فجرَ زيتونٍ على قممِ الصبا
فيكِ المشاعلُ لا تنامُ بنورها
والقلبُ فيكِ، وإن شطَّ، ما نأى
يا غيمةً نَسجتْ قناديلَ السما
يا زهرةً بَسَمتْ على ثغرِ الدُجى
فيكِ المسيحُ مشى، وفيكِ ترنّمت
أمُّ الجمالِ بترتيلِ الرجى
فيكِ الجليلُ يُقبِّلُ الأنفاسَ إن
هبّتْ نسائمُهُ على قُبَلِ الرُبا
عُذْراؤكِ العذراءُ تحرسُ حلمَنا
وتُضيءُ أرواحَ الطفولةِ والنوى
والعيدُ فيكِ حكايةٌ من بهجةٍ
تنثالُ فوقَ جبينكِ المتأنّقِ
أجراسُ كنائسِكِ تُغنّي للضحى
وزغارِدُ النسوانِ تطفو من شُرُفِكِ
في السوقِ ناصفةُ الحلاوةِ فرحةٌ
والصُلبانُ تتعانقُ السُبحَ مع الفِقَرِ
والكعكُ بالسمسمِ المحمودِ يُروى
من فرنِ أمٍ قدّستْ نارَ الصبرِ
يا ناصرةْ، حاراتُكِ المُتَعبةُ
تحنو على المارينَ مثلِ الجدّاتِ
حجرٌ على حجرٍ، وذاكرةٌ بَكت
من ضيقِ زقاقٍ، وانكشافِ الحكاياتِ
هذي الحواري تُفصحُ الأبوابُ عن
ألفِ السلاماتِ القديمةِ، والهوى
ويطلُّ وجهُ العيدِ من طاقاتِها
حاملًا حنّاءَ، ولبسَ الطيّباتِ
عيدُ الميلادِ يُشعلُ الأرواحَ في
أطفالِكِ البيضِ السُرى والزُهراواتِ
والناسُ تمشي بينكِ اشتياقَها
تهدي المحبةَ في السلامِ، وفي الصلاةِ
أهلوكِ أهلُ الكرمِ، لا يغريهمُ
مالُ الطغاةِ، ولا سيوفُ الأُمنِيَا
هم صامدونَ على المحبّةِ إخوةً
والأرضُ تشهدُ والسماءُ وما حوى
فارسَةَ التاريخِ، يا نغماً بكى
حين اصطفتْ فيكِ الكنائسُ والدُمى
تبقينَ سِفرَ المجدِ، لا تتقشّرا
يا ناصرةْ… يا عطرَنا المتجدّرا