مفاوضات الدوحة تحت المجهر: بين لقاء نتنياهو وترامب… أين يذهب العرب؟

مفاوضات الدوحة تحت المجهر:
بين لقاء نتنياهو وترامب… أين يذهب العرب؟
بقلم: محمد دراوشه
في الوقت الذي تتسارع فيه اللقاءات السياسية خلف الكواليس، وتُعقد الاجتماعات المغلقة بين نتنياهو والرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، تقف مفاوضات الدوحة كمرآة تعكس هشاشة الموقف العربي، وتطرح سؤالًا وجوديًا: هل لنا دور حقيقي في صياغة مستقبل غزة، أم أننا مجرد متفرجين على طاولة لا نُدعى إليها إلا كضيوف شرف بعد اتخاذ القرار؟
اللقاء الأخير بين نتنياهو وترامب، الذي استمر أكثر من 90 دقيقة، لم يكن بروتوكوليًا. بحسب التسريبات، كان ملف غزة حاضرًا بقوة، وتحديدًا صفقة الأسرى وترتيبات “اليوم التالي”. ترامب، يحاول أن يُقدّم نفسه كصانع سلام، بينما يسعى نتنياهو إلى تثبيت مكاسب سياسية وعسكرية قبل أي انسحاب أو تهدئة.
في المقابل، تتحرك قطر ومصر في الدوحة ضمن مسار تفاوضي معقّد، تحاول فيه الأطراف تقريب وجهات النظر بين إسرائيل وحماس. ورغم الحديث عن تقليص نقاط الخلاف إلى “نقطة واحدة”، إلا أن جوهر الأزمة ما زال بعيدًا عن الحل.
المقترح المطروح حاليًا يتضمن إطلاق سراح نصف الأسرى الإسرائيليين الأحياء، مقابل هدنة تمتد لـ60 يومًا، تتخللها مراحل انسحاب تدريجي من مناطق في غزة. لكن حماس، رغم وصفها للمقترح بـ”الإيجابي”، تطالب بضمانات حقيقية: إشراف أممي على المساعدات، وقف شامل لإطلاق النار، وضمانات بعدم استئناف الحرب. إسرائيل، من جهتها، ترفض هذه الشروط، وتصر على تمرير المساعدات عبر مؤسسة أمريكية، في تجاهل واضح للآليات الأممية.
وسط كل هذه التحركات، يغيب الموقف العربي. لا موقف واضح من جامعة الدول العربية، ولا ضغط فعلي من العواصم المؤثرة. حتى الحديث عن “خطة تهجير” سكان غزة، الذي طُرح علنًا في لقاء نتنياهو وترامب، لم يُقابل برفض عربي صريح. وكأننا ننتظر أن يُحسم مصير غزة دون أن يكون العرب جزءًا من القرار.
الوساطة، كما تُمارس اليوم، تبدو أقرب إلى إدارة أزمة منها إلى حلها. الضغوط تُمارس على حماس لتقديم تنازلات “تكتيكية”، دون أن تُمنح ضمانات حقيقية. أما إسرائيل، فتُمنح الوقت والمساحة لتثبيت وقائع على الأرض. والنتيجة؟ مفاوضات تُدار بما يرضي الأطراف الدولية أكثر مما تُراعي مطالب الفلسطينيين.
ما يقلقني ليس فقط غياب العدالة. بل غياب الصوت العربي الذي يطالب بوقف القصف، بفتح المعابر، بتوفير الماء والكهرباء، وبكرامة الإنسان. إن لم يكن العرب من يرفع هذا الصوت، فمن سيفعل؟
فليكن الصوت في مفاوضات الدوحة صوتًا للضمير، لا للحياد. صوتًا للحق، لا للمجاملات الدبلوماسية.