من المستبعد ان تسقط الحكومة الا بإرادة نتنياهو

من المستبعد ان تسقط الحكومة الا بإرادة نتنياهو
أمير مخول – مركز تقدم للسياسات
تترقب الساحة السياسية الحزبية الاسرائيلية قرار حزب شاس بصدد البقاء في الائتلاف الحاكم ام الاستقالة. فيما سياسيا أمنيا يترقب الراي العام قرار نتياهو بابرام الصفقة ووقف اطلاق النار ولا ينفي احتمالية تنكر نتنياهو لذلك.
بعد استقالة كتلة يهود التوراة الحريدية والتي تشكل بتياريها الرئيسيين ديغل هتوراه ويهود التوراة سبعة نواب، يتقلص الائتلاف الحاكم وللمرة الاولى منذ ديسمبر 2022 الى 61 عضوا من أصل 120. وهي وضعية حاكمة قانونيا لكنها ليست بالضرورة ثابة سياسيا. ستدخل الاستقالة حيز التنفيذ يوم 17 تموز/يوليو بمضي 48 ساعة على ايداع رسائل الاستقالة، وبامكانهم قانونيا التراجع خلال هذه الفترة.
ثبت مجددا ما هو مؤكد اصلا، بأن الشرخ الحريدي او اليدني المتزمت مقابل التيار الصهيوني المركزي، هو مسألة بنيوية يبدو ان لا فكاك منها تقف في اسس الدولة واقوى من السياسات والقوانين المدنية. الادارة شبه الذاتية للامور الدينية الحريدية تشمل مؤسساتها التعليمية والتوراتية ومنظومة الكوشير (اصدار شهادات الحلال لكل ما يصنع في اسرائيل او يتم استيراده من مواد غذائية وغير غذائية) والسيطرة على مؤسسة الحاخامية القطرية والحاخامية البلدية في كل مدينة، وهي التي تدير المرافق الدينية وذات الصلة مثل المقابر ومفتشي تطبيق نظام الحلال وغيرها. كل هذا هو جزء عضوي من الحل الوسط التاريخي الذي تمثله دولة اسرائيل بين من يؤمن بأن اسرائيل هي الخلاص وان حماية الخلاص هي الجيش والامن والاقتصاد القوي، فيما التيار الحريدي يقبل بدولة اسرائيل ولا يقبل بأتها تمثل الخلاص الرباني.
كتلة حركة شاس الحريدية من اصول عربية ومغاربية هي الاكبر بين الاحزاب الحريدية وتتشكل من 11 نائبا. في حال انسحبت من الائتلاف الحاكم ستصبح حكومة نتنياهو حكومة أقلية، وليس بالضرورة ان تسقط اذا لم تكن اغلبية لاسقاطها، اي تحالف الحزبين الحريديين مع احزاب المعارضة وهذا مستبعد على الاقل حاليا، بحيث ان جمهورهم وحصريا جمهور شاس يعارض التحالف مع لبيد وليبرمان اللذين يرفعا راية التنافر مع الحريديم، وحصريا في موضع عدم خدمتهم في الجيش.
بشكل غير مقصود كما يبدو فقد رفعت استقالة يهود التوراة من اسهم حركة شاس بقيادة ارييه درعي سياسيا امام نتنياهو. فقيادة شاس السياسية بخلاف عدد من مرجعياتها الدينية، غير معنية بالانسحاب وبالتسبب في انتخابات جديدة قد تخسر فيها الحكم مع حليفها التاريخي حزب الليكود. كما ان الكتلتين الحريديتين تريدان إبرام الصفقة ووقف الحرب على غزة. الا ان شاس حصريا تخشى بشكل كبير من اتساع مؤيدي النزعة الكهانية في صفوفها والذين يلتقون في مواقفهم مع بن غفير المعني بأن يرث حزبه – "القوة اليهودية" – جمهور حركة شاس في حين يسعى سموتريتش بهذا الاسلوب مقابل يهود التوراة، الا ان حظوظ سموتريتش اضعف من بن غفير، رغم انه يهاجم الحرديم لكونهم لا يخدمون في الجيش.
يبدو ان التحرك الذي يقوده رئيس شاس ارييه درعي، هو الابقاء على التحالف التاريخي مع الليكود. كما ان درعي لن يسقط الحكومة ويناور على مرجعياته الدينية، وقد يسعى لاسقاط الحكومة في حالة واحدة وهي حين يكون نتنياهو معنيا بذلك. وإن كان درعي من اكثر المسؤولين المنسقين مع نتنياهو وصان ائتلافه الحاكم وفي الدفع في اكتوبر 2023 الى ضم المعسكر الرسمي برئاسة غانتس الى الائتلاف وحصريا الى كابنيت الحرب.
المتغير السياسي الجوهري حاليا هو ان نتنياهو محاصر باستحقاقات الصفقة وذلك دوليا وامريكيا واسرائيليا داخليا ومن الجيش، وبدأ يتحدث بمفاهيم الصفقة وبإنهاء الحرب على غزة. ابرام الصفقة وانهاء الحرب يصبان في صالح نتنياهو حيث 75% من الراي العام بما فيه قطاعات واسعة من مصوتي الليكود معنيون بالصفقة وانهاء الحرب.
نتنياهو راهنا في خضم التخطيطات للانتخابات القادمة وكيف سيكسب جولة جديدة. في هذا الصدد كسب في المسألة الحريدية بكونه نجح في توجيه الانظار بين مؤيديه الى ان الاشكالية امام التفاهم مع الحرديم هو موقف القيادي في حزبه يولي ادلشتاين رئيس لجنة الخارجية والامن والمعني بأن يرث نتنياهو في قيادة الليكود. يتظاهر نتنياهو بأنه شخصيا عكف على احداث تغييرات في نص مشروع قانون التجنيد بما يرضي الحرديم، وبهذه الورقة يريد ان يلوح عند الانتخابات، وعندها سيملك القدرة على تهميش اديلشتاين.
يريد نتنياهو ان تدور الانخابات على قانون تجنيد الحرديم وليس على ملف الحرب على غزة والذي بات منذ أمد ورطة اسرائيلية وتتسع القناعة محليا ودوليا بأنها حرب سياسية لضمان ائتلافه الحاكم. ثم ان توقيت الازمة هو اقرب الى اللعب في الوقت الضائع من قبل رئيس شاس حيث ستبدأ عطلة الكنيست ولن يكون ممكنا خلالها دون اغلبية خاصة عقد جلسة لحجب الثقة عن الحكومة.
يبقى التساؤل هل هذه الازمة حقيقية ام مفتعلة، وهل هناك مساع امريكية لتغيير الخارطة السياسية الاسرائيلية الحاكمة.
في الخلاصة:
يبدو التنسيق بين نتنياهو ورئيس شاس اريه درعي وثيقا يسعى نتنياهو من خلاله الى الابقاء على حكمه ودون اسقاط الحكومة حتى لو تحولت الى حكومة اقلية.
في حال قرر درعي التحرك لاسقاط الحكومة من المستبعد تماما ان يتم ذلك بخلاف رغبة نتنياهو. هذا الاخير معني بأن تسقط الحكومة في حال لم يكن مناصا من ذلك، على خلفية قانون تجنيد الحريديم وتماثله معهم وليس على موضوع الحرب على غزة ومسؤوليته في اخفاق اكتوبر 2023. وهكذا سيظهر بأنه حامي التحالف مع الحرديم.
ليس بالضرورة ان تسقط حكومة نتنياهو، لكن ليس من المستبعد ان تسقط حكومة نتنياهو لكن بالتوقيت الذي هو معني به وعلى جدول الاعمال المعني به سعيا للابقاء على حكمه.
ثبت مرة اخرى ان مسألة تجنيد الحرديم للجيش الاسرائيلي لا تخضع للاعتبارات القانونية.
سيبقى الجيش يتحدث عن نقص القوى البشرية ما دام الخيار الوحيد المطروح في اسرائيل هو الحرب المفتوحة ودونما التفتيش عن افق سياسي سلمي يلغي الحاجة المزيد من التجنيد وعسكرة كل مرافق الحياة.