يجب تحرير العقول والنفوس من الطائفية البغيضة

يا أهلنا في سوريا، الموحدون الدروز هم جزء لا يتجزأ من نسيج المجتمع السوري. ولا يمكن أن تجتمع العصبيّة الطائفية الاقصائية مع الانتماء الوطني لمجتمع واحد، ولن يؤدي الانغماس العميق والمتطرف في الطائفية على حساب الهوية المدنية والوطنية للمجتمع إلى تمكين المرء من عيش حياة إنسانية متكاملة، فما ستؤدي إليه العصبية الطائفية يتناقض دائماً مع قيم المساواة والعدالة الاجتماعية والمواطنة الحقة، ولن تحل المشاكل الطائفية بقرارات طائفية، ولا بحروب طائفية، ولا بمناهج طائفية، فهذا تشخيص خاطئ وعلاج خاطئ، لأن الطائفية وباء معدٍ ولا تعالج إلا بدواء الاستئصال والاستئصال، هنا لا يعني الحروب والقتل وانما بالتربية الصالحة واحكام العقل وازالة أسباب بقاء فتيل الفتنة، ولا علاقة لله ولا للدين في خلق الطائفية، والدين براء من كل هذا، لأن الطائفية هي الداء والمرض الذي زرعه اعداء الدين في كتبنا مصادرنا وعقولنا ومناهجنا، حتى ننشغل بأمور طائفية ما انزل الله بها من سلطان.
ان التعصب الطائفي يؤدي إلى تسميم العلاقات الاجتماعية الطبيعية بين الناس والصراعات والكراهية بذات الدولة والمجتمع، وذلك بسبب سيطرة وجهات النظر الضيقة للغاية على عقل وقلب من يتعصب بشكل سلبي لمذهبه بشكل متطرف، ما يستدعي وفقاً لوجهة نظره المعوجة والمريضة معاداة الآخر المختلف طائفياً في المجتمع، وسيخسر في هذا السيناريو الانساني كل الاطراف، وبخاصة اولئك الذين من المفترض أنهم يحملون الهوية نفسها، الوطنية والاجتماعية، ويتطابقون في تجاربهم الإنسانية الخاصة بسبب انتمائهم الى المجتمع المدني نفسه المتعدد الأعراق والمذاهب والثقافات المحلية الفرعية كالمجتمع السوري.
لا يكفي اليوم أن نلعن ونرفض ظلام الفتنة والاحتراب المذهبي، وإنما بحاجة إلى التعاون والتعاضد لتنقية الساحات الوطنية من جراثيم التطرف والغلو ونزعات الإلغاء والإقصاء هذا من جهة، ومن جهة أخرى للعمل المؤسسي في كل الفضاءات الوطنية والاجتماعية لتعزيز قيم الوحدة والتفاهم والتلاقي , ويجب على كل دولة تكثر بها القوميات والطوائف صهر هذه الأعراق في قالب المواطنة الصالحة وتقوية الانتماء الوطني عند أفراد المجتمع .
وعليه فإننا ندعو كل أبناء وطننا من مختلف مواقعهم الفكرية والاجتماعية، إلى الوقوف بحزم، ضد كل محاولات زرع الفتن الطائفية بين أبناء المجتمع الواحد وعدم التساهل مع كل أشكال إذكاء روح الانقسام المذهبي في الوطن العربي الكبير.
إن المخطط الذي يستهدف إسقاط الأمة جمعاء في أتون الحروب المذهبية الكامنة والصريحة كبير ومتعدد الأشكال والأساليب والجوانب.. لذلك فإن الامة العربية بحاجة اليوم إلى مشروع عربي متكامل، تشترك فيه جميع المؤسسات والمعاهد والقوى والفعاليات لإفشال هذا المخطط، دون سقوط الأمة في أتون هذه الفتن العمياء، التي لا يربح منها إلا أعداء الأمة.