الرئيسية خاطرة

لغة موحّدة في الملعب التنظيمي

غزال أبو ريا
نُشر: 30/07/25 22:17,  تحديث: 09:58
لغة موحّدة في الملعب التنظيمي

لغة موحّدة في الملعب التنظيمي

بقلم: غزال أبو ريا

1. كرة القدم لغة جماعية

في عالم كرة القدم، لا تكفي المهارات الفردية لتحقيق الفوز؛ فالفريق بحاجة إلى لغة موحدة، يفهمها الجميع دون كلمات، وتُترجم إلى حركات، إشارات، ومواقف جماعية.
لاعب يمرّر دون أن يتكلم، وآخر يغطي زميله دون أن يُطلب منه، والكل يتحرك بتناغم وكأنهم يفكرون بعقل واحد.

هذه “اللغة غير المكتوبة” تُبنى بالتدريب، والثقة، والانتماء المشترك للهدف.
إنها ما يصنع روح الفريق ويحقق الإنجازات، في حين أن العمل الفردي قد يؤدي إلى التشتت وإهدار الجهود.

2. المؤسسة كأنها فريق

هذا الواقع لا يقتصر على الملاعب، بل ينطبق تمامًا على المؤسسات، والأطر، والتنظيمات.
كما في الفريق الرياضي، تحتاج المؤسسات إلى لغة تنظيمية موحّدة:
مفاهيم، مصطلحات، سلوكيات، وأساليب تواصل واضحة.

هذه اللغة توحّد الفرق العاملة، وتُنتج بيئة من الانسجام والثقة.
حين يعرف كل موظف ما هو متوقّع منه، وتتمكّن الإدارة من إيصال رسائلها بوضوح، يتحرك الجميع في الاتجاه ذاته.

3. تعدّد اللغات يولّد الفوضى

أما عندما تتعدّد “اللغات” داخل المؤسسة – سواء بالمعنى الحرفي أو الثقافي – تسود الفوضى التنظيمية.
يبدأ كل قسم بالعمل حسب منطقه، ويصبح التواصل مصدرًا للتوتر بدل أن يكون أداة لتحسين الأداء.

4. الثقافة التنظيمية

الثقافة التنظيمية هي القيم المشتركة، القواعد غير المكتوبة، والروح العامة التي تميز المؤسسة.
وهي تتشكّل – كما في الفريق الرياضي – عبر التكرار، والقدوة، والالتزام من القيادات.

5. مثال من واقعنا المحلي

في سلطة محلية أو مجلس بلدي، عندما يعمل الطاقم البلدي بروح الفريق، وتُبنى لغة عمل مشتركة بين أقسام الهندسة، تحسين الوجه الحضري للمدينة، التربية، الجباية، وخدمة الجمهور، تتحقق إنجازات نوعية.

تصبح الاجتماعات ساحة للتنسيق والتخطيط المشترك بدل الجدل والتخبط.
يفهم موظف الجباية أهمية عمل التربية، وتُقدّر التربية دور الهندسة.
وهكذا، تُبنى ثقافة تنظيمية تشبه “فريقًا رياضيًا منسجمًا”، يعرف كل فرد فيه موقعه ويؤدي دوره بانتماء ومسؤولية.

6. ليس كل نجم يصنع النصر

اللاعبون المميزون لا ينجحون إذا لعب كلٌّ بلغته.
والمؤسسات القوية لا تُبنى فقط بالكفاءات، بل بوحدة اللغة والسلوك والهدف.

7. عندما تسود الصراعات

في حال واجهت المؤسسة أو أحد أقسامها صراعات مزمنة، تبدأ الطاقات تُهدر في “إطفاء حرائق” داخلية، تغذيها صراعات الأنا والمصالح.

حينها يُهمَل الجمهور، وتُهمّش ثقافة الخدمة وجودتها، ويتحوّل التنظيم إلى ساحة استنزاف بدل أن يكون إطار خدمة وتنمية.

8. دعوة لبناء الأمل

إذا أردنا مؤسسات فاعلة وقوية، فعلينا أن نستثمر في بناء لغة داخلية موحّدة، تترجم إلى ثقافة تنظيمية فعّالة تؤمن بالفريق والعمل الجماعي.

وعندما تتعدد الاتجاهات داخل المؤسسة، يكون التجديف متعاكسًا، ما يعيق التقدم.
وعلى من يقود المؤسسة أن لا يلجأ إلى وسائل دفاعية غير ناجعة، أو يغمض عينيه عن الأزمة، بل أن يُكرّس جهوده لإنقاذ المؤسسة، ويؤمن أن بناء طواقم بروح جماعية ما زال ممكنًا ومتاحًا.