الرئيسية قصة

الأصدقاء الثلاثة 

زهير دعيم
نُشر: 03/08/25 20:10
الأصدقاء الثلاثة 

الأصدقاء الثلاثة 
قصّة للأطفال  : زهير دعيم 
     سامر طفل جميل ، يُحبّ الحيوانات ، وخاصّة البيتية منها،  وقد الحَّ على أبيه مرارًا أن يشتريَ له واحدًا منها .
وافقَ الأب أخيرًا شريطة أن يحوز على المرتبة الأولى في 
صفّه!.
لم يجد سامر في ذلك مُشكلةً كبيرة ، فهو طالبٌ نشيطٌ ومجتهد، ويُنافس رَهَف على المرتبة الاولى ، منذ الصف الاول ، فتارة كان يسبقها  وطورًا تسبقه .
وكم كانت فرحة سامر كبيرة في نهاية الفصل الثاني ، حين حصل على المرتبة الاولى ، وحين وفّى والده بوعده له ، فاشترى له حَمَلًا وجَدْيًا صغيريْنِ ، وبنى لهما قفصًا صغيرًا جميلًا وسط حديقة المنزل الواسعة .
أحبَّ سامر الحَمَلَ وهدوءَه محبةً كبيرة ، كما وأحبَّ الجدْيَ الأسود ذا القرنيْنِ الصغيرين  رغم شقاوته ، فكان يأتي بعد انتهائه من واجباته المدرسية  فيفتح باب القفص ويُخرج الجدي والحَمَل في جولة في الحديقة ، حيث الربيع يملأ الأرجاء بعُشبه الأخضر وأزهاره المُلوّنة  وفراشاته المُزركشة  وطيوره المُغرّدة .
في أحد الأيام ،  حين أخرج سامر صديقيْه من القفص كعادته ،  لاحظَ جُرحًا تحت إحدى عينيّ الحَمَل ، فسأله عن السبب فقال :" لا شيء ...لقد اصطدمْتُ بحديد القفص!"
لاعب سامر صديقيْه  وأطعمهما العُشب الأخضر الطريّ، وسقاهما الماء النقيّ ، وبالغ في مداعبة الحَمَل الذي كان هادئًا كالعادة ، بينما راح الجدي الشّقي يقفز هنا وهناك ، مُتباهيًا بخفّته وقوّته ، وينظر من طرف خفيّ نظرة حَسَدٍ  إلى العلاقة الحميمة التي تربط سامرًا بالحمل.
وأعاد سامر الكرّة بعد أيام ، وما اشدَّ دهشته حين رأى جرحًا آخر تحت العين الأخرى للحمل ،  في حين أنّ الجرح الأول لم يندمل بعد  فبادره على مسمع من الجدي قائلاً : "لا تقل يا صديقي أنّ هذا الجرح من القفص ايضًا !! " لكنَّ الحَمَلَ في هذه المرّة ايضًا ابتسم ابتسامةً جميلة وأجاب : " نعم يا صديقي انه القفص ".
نظر سامر الى الجدي فرآه مُضطربًا على غير عادته ، فداخلته الشكوك التي لم يعرف لها سببًا.
عاد سامر بصديقْيه الى القفص وكانت الشمس ما زالت تضيء الكون ، فداوى صديقه الحمل باليود ، وأوصاه كما أوصى الجدي أن ينتبها ويحذرا من القفص الحديدي .
لكن سامر لم يعد الى البيت ، بل اختبأ خلف أغصان إحدى الاشجار القريبة  وأخذ يراقب الموقف . 
ربض الحمل في إحدى اركان القفص ، وربض الجدي في الركن البعيد ، وساد صمت طويل قطعه الجدي بعد دقائق قائلًا " لقد أخطأتُ اليكَ أكثر من مرّة يا صديقي ، لقد كنتُ مُعتديًا أثيمًا،  بينما تجلّت فيكَ الاخلاق الحميدة ،  فكنت مثال الصبر والصداقة الحقّة ....انني أطلب منكً المسامحة والغُفران ،  وأعدكَ بأن اكونَ من الآن فصاعدًا نِعْمَ الصّديق " 
وبكى الصديقان وتعانقا عِناقًا حارًا طويلًا لم يقطعاهُ الّا عندما دخل سامر القفص ، وأخذ يُصفّق لهما تصفيقًا حارًّا.