الرئيسية شعر

تَــمَــاهٍ ...!

حبيب_شريدة
نُشر: 15/08/25 15:24
تَــمَــاهٍ ...!

تَتَمَاهَى مَعَ الطَّبِيعَةِ رُوحِي

فَتَرَاهَا بِالْحِسِّ وَالتَّلْمِيحِ 

تُشْرِقُ الشَّمْسُ مِنْ وَرَاءِ سِتَارٍ

كَانَ يُخْفِي جَمَالَ وَجْهٍ صَبُوحِ

تَنْسِجُ الفَجْرَ مِنْ سَنَاهَا وِشَاحًا

ذَهَبِيًّا مُنَمْنَمَ التَّوْشِيحِ

تَتَجَلَّى بِهِ عَلَى عَرْشِهَا المَوْضُونِ

يُمْنًاً بِالذِّكْرِ وَالتَّسْبِيحِ

تَعْتَلِي هَوْدَجًا بِمَوْكِبِ نُورٍ

فِي عَنَانِ السَّمَاءِ نَحْوَ الجُنُوحِ

فَوْقَهُ قُبَّةٌ تَمُورُ ازْرِقَاقًا

مَوْرَ بَحْرٍ غَمْرِ العُبَابِ نَضُوحِ 

تَسْبَحُ الحُورِيَّاتُ فِي بَحْرِ ضَوْءٍ

تَتَرَامَى آفَاقُهُ، مَنْدُوحِ

ثُمَّ يَأْوِينَ لِلْخُدُورِ احْتِجَابًا

فِي بُرُوجٍ سِحْرِيَّةٍ وَصُرُوحِ 

يَهْبِطُ اللَّيْلُ حَامِلًا بَيْنَ كَفَّيْهِ

هُمُومِي مُلَفَّعًا بِالمُسُوحِ

فَأَرَى البَدْرَ تَائِهًا فِي دُرُوبِ

اللَّيْلِ مِثْلِي عَلَى حِصَانٍ جَمُوحِ

أَعْبُرُ القَفْرَ مُدْلِجًا وَدَلِيلِي

نَجْمَةُ القُطْبِ وَالأَنِيسُ المُوحِي

وَأُنَاجِي تَحْتَ السَّمَاءِ نُجُومًا

تَتَرَامَى عَبْرَ الفَضَاءِ الفَسِيحِ

لَمْ يَصِلْهَا خُبْثُ ابْنِ آدَمَ بُعْدًا

وَاتِّقَادًا بِالحَرْبِ وَالتَّسْلِيحِ

وَأَجُوبُ البِحَارَ وَاللَّيْلُ سَاجٍ

وَيْكَأَنِّي عَلَى سَفِينَةِ نُوحِ

رُبَّ شِعْبٍ قَطَعْتُهُ فِي دُجَى اللَّيْلِ

وَحَوْلِي الذِّئَابُ فَوْقَ السُّفُوحِ!

وَجَوَادٍ وَاسَيْتُهُ كَانَ يَبْكِي

فَقْدَ خَيَّالِهِ بِدَمْعٍ سَفُوحِ!

تَعْصِفُ الرِّيحُ بِالغُصُونِ فَتُلْقِي

سِفْرَ أَسْرَارِهَا بِحِضْنِ الرِّيحِ

يَلْمَعُ البَرْقُ نَابِضًا بِحَيَاةٍ

تَبْعَثُ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتٍ وَلُوحِ

حِينَ تَبْكِي الغُيُومُ يَضْحَكُ رَوْضِي

بَهْجَةً بِالعَطَاءِ غَيْرِ الشَّحِيحِ

لَابِسًا سُنْدُسَ الرَّبِيعِ احْتِفَالًا

بِقُدُومِ النَّوْرُوزِ عِيدِ النُّفُوحِ

حَيْثُ تَلْهُو فِيهِ الفَرَاشَاتُ بِشْرًا

بَيْنَ أَزْهَارِهِ غَدَاةَ السُّرُوحِ 

وَتُغَنِّي الطُّيُورُ عَزْفًا عَلَى أَوْتَارِ

قَلْبِي المُلَوَّعِ المَذْبُوحِ 

يَنْبُتُ الزَّرْعُ فِي الحُقُولِ فَيَصْحُو

بَيْنَ جَنْبَيَّ عُنْفُوَانُ طُمُوحِي

يُزْهِرُ الوَرْدُ فِي الرَّبِيعِ فَأَنْسَى

وَخْزَ أَشْوَاكِهِ وَتَشْفَى جُرُوحِي

كُلَّمَا أَيْنَعَ الهَجِيرُ ثِمَارًا

خِلْتُهُ النَّزْرَ مِنْ زَفِيرِي اللَّفُوحِ

بِكَ يَا رَبِّ أَسْتَعِيذُ مِنَ النَّارِ

اتِّقَاءً فَنَجِّنِي وَقِ رُوحِي

رَبِّ هَبْنِي رِضَاكَ وَارْأَفْ بِحَالِي

وَأَجِرْنِي مِنْ كُلِّ فِعْلٍ قَبِيحِ

وَاهْدِنِي لِلصَّوَابِ وَالحَقِّ دَوْمًا

وَأَحِلْنِي إِلَى أَصَحِّ الصَّحِيحِ

وَاحْمِنِي مِنْ شُرُورِ نَفْسِي فَإِنِّي

مُسْتَجِيرٌ بِبَابِكَ المَفْتُوحِ

آهِ نَفْسِي تَدَبَّرِي مَلَكُوتَ

اللهِ آيًا وَعِبْرَةً تَسْتَرِيحِي! 

وَانْظُرِي فِي الحَيَاةِ مَعْنًى وَمَبْنًى

سَوْفَ تَبْدُو جَلِيَّةً بِوُضُوحِ

فَالتَّمَاهِي مَعَ الطَّبِيعَةِ مِفْتَاحٌ

لِكَشْفِ الأَسْرَارِ دُونَ شُرُوحِ