الرئيسية خاطرة

زنبقة لا تبكي

رانية مرجية
نُشر: 01/09/25 17:15
زنبقة لا تبكي

هو لم يبكِ،

لم يذرف دمعة،

كان زهرةً حقيقيةً

تتفتح في آخر أنفاسها.

عانق الزنبقة،

فارتجف قلبه بين يديها،

احتضنته للنهايات،

وهمس لها:

“كلّ نهايةٍ بدايةٌ أخرى”.

ثم أسدل جفونه،

ورحل.

صرخت العاصفة،

فأطبقت جناحيها عليه،

حملته كطفلٍ نائمٍ

إلى حيث يلتقي الغيابُ بالخلود.

في طريق العودة،

كان يفيق وينام،

يركض قلبه فجأةً

كما لو أنّه يتذكّر الحياة.

تحت قدميه الأرض،

تفوح منها رائحةٌ قديمة،

رائحة ترابٍ مبتلٍّ

كان قد غادره منذ سنوات،

فارتجف بجسده كلّه،

قشعريرة تشقّه نصفين.

مدّ يديه إلى الحجارة،

راح يحفر الأرض بأصابعه،

يتحوّل إلى جرحٍ مفتوح،

ينزف بحثًا عن جذوره.

لكن الجفاف يعضّ المكان،

لا ماء، لا بذور، لا ظلّ،

فقط صمتٌ قاحل.

تأمّل طويلًا،

ربما لو واصل… سيجد،

لكن التعب أسقطه فجأة.

اقترب من الزنبقة،

ضمّها كما يضمّ سرًّا قديمًا،

وعاد إلى صمته الأول:

لم يبكِ،

لم يذرف دمعة،

ترك للزنبقة أن تبكي عنه.