الرئيسية مقالات

خاضت الموّحدة الإنتخابات بمفردها وأثبتت أنها الحزب العربي الأكبر وقادرة أن تذهب منفردة في الإنتخابات القادمة ولكنها تمد يدها للأحزاب العربية

وليد طه
نُشر: 02/09/25 10:46
خاضت الموّحدة الإنتخابات بمفردها وأثبتت أنها الحزب العربي الأكبر وقادرة أن تذهب منفردة في الإنتخابات القادمة ولكنها تمد يدها للأحزاب العربية

كاتب المقال: النائب وليد طه

عندما خافت الأحزاب العربية عدم تجاوز نسبة الحسم بعد رفعها آنذاك، تشكلت القائمة المشتركة للمرة الأولى! فهل الخوف على مصير أبناء مجتمعنا وشعبنا بعد كل هذه المآسي التي نواجهها، سيكون رافعة للأحزاب العربية لتشكيل قائمة وحدوية مشتركة من جديد!؟ 

التحديات التي يواجهها شعبنا ومجتمعنا في هذه الفترة أكبر بعشرات، وربما بمئات المرات، من التحديات التي واجهها شعبنا ومجتمعنا عام 2015, والتي كانت سبباً كافياً آنذاك لتشكيل القائمة المشتركة في المرات السابقة! 

ضحايا الجريمة ازدادت بنسب مرعبة، وسياسة هدم المنازل في النقب وفي باقي مناطق البلاد ازدادت بنسب لم يسبق لها مثيل، والتضييق في التخطيط والميزانيات هو أيضا سجل ارتفاعاً كبيرا، وتشريع القوانين العنصرية التي تلاحق الإنسان العربي في كافة مجالات الحياة شهدت سباقاً محموماً بين مركبات الإئتلاف العنصري الفاشي المتطرف الحالي، والعنصرية ما عادت تُمارس بشكل خجول وإنما نرى ظواهرها وانعكاساتها ضد المواطنين العرب بشكل يومي، وصلت حد الاعتداءات الجسدية واللفظية، والتضييق على الحريات صار أمراً اعتياديا،  بالإضافة إلى عشرات المواضيع الأخرى التي يعاني منها مجتمعنا في ظل حكومة إجرامية متطرفة لم تعرف للجنون حدود! 

كل هذه المُعطيات كان من المفروض أن تكون كافية من أجل أن تجمع الأحزاب ضمن قائمة وحدوية مشتركة واحدة، تبعث الأمل في نفوس أبناء مجتمعنا بقدرتهم، من خلال المشاركة الواسعة، على منع الأحزاب اليمينية المتطرفة من تشكيل حكومة كارثية بعد الإنتخابات القادمة، كالتي نعاني منها اليوم، وتوفير بديل سياسي آخر تستطيع الأحزاب العربية التأثير عليه من أجل معالجة كافة القضايا الحارقة لمجتمعنا. 

القائمة الوحدوية المشتركة المنشودة ليست إطاراً تنصهر فيه الأحزاب على اختلاف توجهاتها واجتهاداتها، وإنما إطاراً يحترم التعددية الفكرية للأحزاب، كما هي، ويساهم في التعاطي مع تحديات مجتمعنا بطريقة تمكنه من تجاوز الهوامش في السياسة العامة، في اتجاه التأثير المباشر والعملي من داخل الملعب السياسي على المشهد العام في الدولة.  

في المرات السابقة التي تشكلت فيها القائمة المشتركة، قدمت القائمة العربية الموحدة نموذجاً يحتذى من أجل تجاوز العقبات التي واجهت تشكيلها، فقبلت في كل المرات بأن تكون الجبهة على رأس القائمة المشتركة، وتنازلت لأكثر من مرة عن مواقع متقدمة في سبيل تذليل العقبات، والتزمت إلتزاماً أميناً باتفاقيات التناوب، ولم تختلق الذرائع من أجل الإلتفاف على التعهدات والإحتفاظ بمقعد ليس من حقها، كما نصت عليه التفاهمات بين الأحزاب يومها.

اليوم، وبعد أن خاضت القائمة العربية الموحدة الإنتخابات بمفردها لدورتين متتاليتين، وأثبتت بالممارسة والأرقام أنها الحزب العربي الأكبر داخل مجتمعنا العربي، وهي قادرة على تحقيق إنجازات إنتخابية إضافية أكبر لو نافست منفردة في الإنتخابات القادمة بحسب كل الإستطلاعات، إلا أنها ما زالت تمد يدها للأحزاب العربية الأخرى من أجل تشكيل إطار سياسي وحدوي مشترك، لا لكي تنصهر فيه الأحزاب وتتخلى عن حقها في الإجتهاد، ولا لكي يفرض أي حزب وصايته وسطوته وسياساته على الأحزاب الأخرى، بل لتكون إطاراً وحدوياً مشتركاً يجمع الأحزاب، كما هي، ويحترم التعددية السياسية والفكرية ويمنح الأحزاب الحق في استثمار الإنجازات الإنتخابية لإنجازات عملية على الأرض في كافة التحديات التي يواجهها شعبنا ومجتمعنا. 

بكل وضوح، أي حديث إنشائي عن "ضرورة" التوافق بين الأحزاب على "برنامج سياسي مشترك" من أجل تشكيل قائمة وحدوية مشتركة، يعني بالضرورة إعلان صريح من صاحبه ضد تشكيل القائمة الوحدوية المشتركة من خلال خليط من المصطلحات التي توهم من يصدقهم من الناس، بأن ثمة سبب مقنع لعدم تشكيلها، بينما الحقيقة أن من يفعل ذلك، هو لا يريد الإنضمام لقائمة مشتركة يرأسها الحزب الأكبر

- القائمة العربية الموحدة! 
المشتركة المنشودة، يجب أن تكون خالية تماماً من  عقلية الوصاية من أحد على أحد، ويجب أن تستثمر كل الطاقات المتاحة من أجل التأثير الفعلي على السياسة الإسرائيلية بطرق غير تقليدية، وإلا فإن كل هذه اللقاءات والجلسات والبيانات والمصطلحات العائمة من الأحزاب، ما هي إلا غطاء إنشائي لإفشال تشكيل القائمة الوحدوية المشتركة. 

بحسب كل الإستطلاعات فإن أبناء مجتمعنا العربي يتوقون لقائمة وحدوية مشتركة، وبحسب كل الإستطلاعات أيضا فإن أبناء مجتمعنا العربي يريدون من الأحزاب العربية أن تشارك بشكل فعلي في التأثير من داخل الملعب السياسي، وهم ينتظرون من الأحزاب العربية اليوم قراراً بتشكيل قائمة مشتركة تمنع من الأحزاب اليمينية المتطرفة من تشكيل حكومة إجرامية أخرى بعد الإنتخابات القادمة.