أجملُ من الزّنابق المُكلّلة بالنّدى
أعطر من سوسن المروج ورياحين الأودية
تفيضُ حنانًا ، تعصِف حِسًّا ، تطفح تضحيةً وتعجُّ حُبًّا ومحبة
في أعماقها الرأفة ، وفي حناياها تجيش العِزّة والرِّفعة ، وبين جَنبيْها يخفقُ قلبٌ لا يني يعزف ألحانًا عذابًا
هذه ليست أحجيّة ، وليست لغزًا ، وليست من عالم الخيَال
إنّها تتواجد في كلّ بيت ، فتُلوّنه وتُعطِّره وتشدوه
إنّها
المرأة ؛ هذه المخلوقة الرّائعة التي قدَّها الباري من ضلوع الرّجُل ، ومن المكان الدافئ فيه
المكان الرّاعش ، الناصت دومًا لمعزوفة القلب !!!
في يومِكِ وعيدكِ يحلو لنا النشيد ، ويطيب لنا أن نُعايدك ، ونسمو بك إلى الأعالي
في الثامن من آذار – يوم الخليقة كلّها- حريٌّ بنا أن نُعيِّد ، ونرفع قبعاتنا إجلالا واحترامًا
نُعيِّد كلّنا ، في كلّ صقع من أصقاع الدّنيا، نُعيّد بشكل رسميّ ، فتجعل كلّ دولة يومَكِ – يا زهرة الأودية –عيدًا وطنيًا ، نتفرّغ فيه لمُعايدتك وإكرامكِ
وكيف لا يكون هذا وأنتِ الأمّ والحبيبة والزوجة والصديقة والابنة المُدلّله والأخت
بل أنتِ الدُّنيا
أغضب "بهدوء" وشفقة عندما أقرأ كاتبًا يهجوكِ ، ويحاول أن يحطَّ من قدركِ ، فأضحك في ضميري وأقول : ماذا أصابه ؟!!
أهذا الرجل يخفق بين جنبيْه قلب حانٍ أم حجر صلد ؟!! أم هو مزكوم ، أم جاحد غرّرت به رجولته الفارغة ؟
والأنكى عندما يتجاسر نفر من جنسنا نحن " الفحول" فيؤلف جمعية همّها الأوّل كراهية المرأة وتحطيم عنفوانها ، ودوْس كرامتها ورِِقّتها
لا أخفيكِ سيّدتي بأنّني ما كنت هكذا مؤازرًا ، داعمًا ، عاشقًا ، مُدافعًا عنك كما اليوم ، فأنا شرقيٌّ سيّدتي ، رأيت للقمباز والسّروال هيبةً ما رأيتها لفستانك القرويّ ، ورأيت للشّاربيْنِ المعقوفين من وقارٍ مُصطنع ، ما لم أره في خدّكِ الأسيل، وعيونكِ الضاحكة !
رأيت الرَّجُل يصول ويجول ، ورأيت المرأة تعيش في ثياب الأمَة، المُستضعفَة والمُقتنعة بأنّ " ألله " !!! يريدها هكذا ، تنكسر ، تشقى وأحيانًا تحبو ، حتّى لظننتُ وقتها أنّ البسمة على مبسمك إثم ، وأنّ الضّحكة منك جريمة ، وأنّ " لا " كلمة يخلو منها قاموسك
ولكنّ حواسي شربت النُّور المُذاب من إشراقة الشّمس ، وتغذّت من عصف الحقّ الإلهيّ القائل في كتاب الأجيال : " ليست المرأة من دون الرّجُل ، وليس الرّجُل من دون المرأة "
اذًا نحن في "الهوى سوا "
بل أكاد أقول أقل !!! لأنّ تعبَكِ يفوق تعبنا ، وتضحياتك تبِزُّ تضحياتنا ، وحنانكِ تسونامي يُغرِّق البشرية!
حقًّا
الثامن من آذار عرس الدُّنيا ، عرسُ الصغير والكبير والعاشق والمُشتاق والضعيف والمُتعَب والإنسان، فهيّا بنا في الشّرق نحمل راية المساواة عاليًا ، نرفعها في تفكيرنا ، وفي سلوكنا ونهجنا وممارساتنا ، نرفعها رايةً مُقدّسة ، ليمتدّ هذا العيد إلى أيامٍ أخَر ، وفصول أخَر ، ليشمل السنة كلّها التي كلّلها الله بجوده
هيّا بنا في الشّرق نتنازل عن "عِنادنا " الأجوف ، ونقبل عنصر المُشاركة وتحمُّل المسؤوليات ، والارتفاع بالجناحين الاثنين في سماء العدل والتّفاهم وبناء جسور الثقة
هيّا نقبل مقولة " أنا حُرّة " برحابة صدر ، فهذه المقولة وهذا التعبير ليس جريرة ، وليس من التمرّد في شيء ، بل هو حقّ مُقدّس، إن ظلّ هو في نطاق الحريّات الكريمة والشَمَم
دعوني أصرخ في وجوه الحكومات مثلّجة الوجدان :
كفى تفرقةً ، فتخلّفكم قاد بلادكم إلى الحضيض ، وانزلق بها إلى دروب الفقر والحرمان
استفيقوا
أمّا أنت سيّدتي المرأة في كلّ بقاع الأرض ، فأريد أن أهمس في أذنك:
أنت والعمل صنوان
أنتِ صاحبة اليد المباركة ، المُثمرة ، فمن يمنعكِ من العمل ويسدّ الباب في وجهك هو مجرم أو يكاد
إنه يظلم الإنسانية ويحرمها من عطاءٍ مبارك ، ومن ثمرٍ حلو المذاق ، يجمع بين العرق والإحساس ، وبين العقل والشّاعرية
عملك يا سيدتي إبداع ، فاقرعي الأبواب وحتما ستُفتَح
لكِ منّي في عيدِكِ الميمون محبتي الأخوية العظيمة وتقديري
وأخيرا : في الثامن من آذار سأكون أنا ربّ البيت !!