اكتب وقد أفاد مراسل الجزيرة في القاهرة أن الحوار الفلسطيني قد انتهى دون اتفاق نهائي على المصالحة
وان مصر ستدعو المتحاورين الفلسطينيين لاجتماع قريب بعد أن يكونوا قد عرضوا على تنظيماتهم حصيلة الحوارات-- والاهم من ذلك الاعتراضات الأمريكية على بعض أجزاء الاتفاق وهي برنامج وشكل ومكونات الحكومة
شعرت بغصة في قلبي من الوضع المزري الذي انحدرت إليه هاماتنا كفلسطينيين، بسبب ما فعلته أيدينا من انقسام ومن ارتهان لإرادة الأطراف الخارجية
عدت من عملي وسلكت أزقة المخيم كي أتجنب لقاء أي من معارفي كي لا يداهمني بسؤال عما جرى ويجري في القاهرة، وفجأة خرجت لي الحاجة فاطمة ذات الخمس وسبعين عاما من العمر والمتابعة دوما لنشرات الأخبار، وداهمتني بالسؤال : ( شو صار يا خالتي بحوار زعاماتنا في القاهرة
؟؟ وشو جرى لعقولكم يا قيادة الشعب، وهل هنتم إلى الدرجة التي تجلسون فيها كالأرامل والحزانى في فنادق القاهرة، بانتظار أن يتفحص الأمريكي ومن قبله الإسرائيلي ما توصلتم إليه من تفاهمات، ليشير لكم بسبابته انه موافق أو بوسطى أصابعه ليقول لكم لا
!! )
فأجبتها أولا بأنني لست من أولئك القادة الذين ينتظرون بفنادق القاهرة
وأنني اخجل مثلها وأنا أرى واسمع عن قيادة شعبي وحركته الوطنية والإسلامية بكافة أطيافها-- المؤيدة والمعارضة-- وهي تنشغل وتنهمك في البحث عن صيغ لاتفاق ( وطني ) يرضى عنه الأمريكان، وتقبل به الرباعية، ويوفر جواز المرور لحكومة فلسطينية واحدة موحدة-- تنهي الانقسام، وتعيد بناء ما دمره العدوان، وتحشد الجهود والطاقات لمواجهة ما تدبر له الحكومة الإسرائيلية القادمة، من نهب وتهويد للأراضي وتصعيد للاستيطان
في البداية حاولت التهرب من الإجابة على السؤال، ثم بدأت أراوغ وأتجنب الإجابات الواضحة، وقلت لها : بان الزعامات قد اتفقوا على أشياء واختلفوا على أشياء، وان لجان الحوار قد رفعت أوراقها للجنة التوجيه العليا، من اجل تذليل العقبات وجسر الهوة ما بين المواقف المتباينة
فقالت لي : ( طيب وشو علاقة الاميركان بالموضوع حتى تقعد كل قيادتنا في فنادق القاهرة وتستنا رأيهم بالاتفاق
؟؟
والله عيب يا خالتي على القيادة
والله عيب )
فقلت لها : يا خالتي لان موقف الأمريكان مهم وبدون موافقتهم ما بتشوف حكومتنا النور ولا بصير إلها رجلين تمشي على الأرض
فأنهت أم محمد كلامها بالقول : يعني جماعتنا طبخوا طبخة وبعثوها لأميركا والآن قاعدين بنتظروا حتى يذوقها الاميركاني ليقول إنها طبخة مليحة ومقبولة وإلا بعدها ما استوت ولازمها تظل على النار حتى تنضج
!!!
أنا لا اتفق مع برنامج حماس
ولا مع رؤيتها لبرنامج الحكومة
بل وأنا مع مطالبتها في الحوار الوطني الداخلي بالاقتراب أكثر من البرنامج الوطني الأكثر واقعية-- وهو برنامج منظمة التحرير الفلسطينية
ولكنني اعتبر وعلى قاعدة الاعتراف بالآخر واحترام وجوده، أن من حق حماس وغيرها التمسك بآرائهم
واخجل شخصيا من أن أكون والأمريكان والرباعية في جبهة للضغط على حماس كي تغير من مواقفها
والذي أدهشني أكثر أن جميع المتحاورين في القاهرة-- بل وأقول كل الأمناء العامين للفصائل والأحزاب والحركات الفلسطينية الوطنية والديمقراطية والإسلامية
جميعهم قبلوا على أنفسهم الجلوس بانتظار ما سيقوله السيد الأمريكي
واسأل نفسي الم يمتلك أي واحد منهم الشجاعة والجرأة ليخرج من الفندق ويعود من حيث أتى إلى شعبه ويرفض هذا الموقف المحزن المخجل
؟؟؟؟؟؟
الم يكن بالإمكان أن نتفق كفلسطينيين- جميعا- على خطة سياسية تأخذ بالقواسم المشتركة لمواقفنا
وان نبدأ هجوما سياسيا-- لأول مرة-- على الولايات المتحدة والرباعية، كي يرفعوا كل اشتراطاتهم، ولكي يتعاملوا معنا- إن كانوا يريدون أن يكونوا وسطاء حقيقيين ومقبولين- كما تعاملوا مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة
!! التي لم تعلق لا أمريكا ولا الرباعية أبدا على مواقفها الصريحة المعلنة، الرافضة للحل على أساس دولتين، والتي لا يخفي وزير خارجيتها رأيه-- الداعي للقيام بعملية ترانسفير كبيرة لطرد العرب من داخل إسرائيل، وبسعيه للاستيلاء على اكبر مساحة من أراضي الضفة الغربية تمهيدا لطرد معظم سكانها شرقي النهر