الحق يعلو ولا يعلى عليه وهو اغلى من السلام
عندما اضطر شاه ايران على الهروب من غضب الشعب الآيراني سنة 1978 وجد ان ابواب النجاة مغلقة امامه في الغالبية العظمى من دول العالم بأستثناء حليفته وسيدته الولايات المتحدة , لأنه كان بالنسبة لها صبياً من صبيانها في منطقة الشرق الآوسط ويحمل راية الدفاع عن مصالحها ومصالح اسرائيل وجميع الدول الأمبريالية
لكن اجازة الهروب لم تدم طويلاً في الولايات المتحدة لأن حكومة الرئيس \" ريغين \" في ذلك الوقت ضاقت بحليفها الشاه لأنه اصبح كالمعلبات الفسادة غير الصالحة للأستعمال , وبما ان الأمريكيين يمارسون السياسة بعقلية التجار ويمارسون التجارة بعقلية اليهود سارعت حكومة \"ريغين\" الطلب من الشاه مغادرة الولايات المتحدة في الحال واللجوء الى دولة اخرى , عاد سيناريو اللجوء الى ما كان عليه منذ البداية
اذ وجد الشاه نفسه شخصية غير مرغوب فيها وان ابواب قبوله مغلقة , الباب الوحيد الذي فتح امامه بعد ان لفظته جميع الدول كان باب مصر برئاسة انور السادات الذي كان في ذلك الوقت من اكبر القادة استبداداً في الشرق الأوسط والقارة الأفريقية , وعرف بقرارته العشوائية ,الأستفزازية , والمزاجية التي تعكس شخصيته المراوغة والمزدوجة
وافق السادات على قبول شاه ايران معززاً مكرماً لأنه طاغية مثله وعدو لحركة التحرر العربية , قام السادات بهذه الخطوة المثيرة والمنافية لكل الأعراف السياسية والأخلاقية دون ان يأخذ بعين الأعتبار ارادة الشعب الأيراني والمصري فضرب السادات بخطوته الحمقاء مشاعر هذين الشعبين وغالبية الشعوب العربية بعرض حائط قرارته الأنفرادية العجيبة , وقد اتضح فيما بعد ان السادات قبض ثمن قراره هذا هو ومن حوله وكان هذا الثمن بضع ملايين من الدولارات لم تعرف طريقها الى الخزانة المصرية
التاريخ اليوم يعيد نفسه فوق مواقع وصفحات جديدة يكتبها زعيم النظام المصري ووريث السادات ومكمل طريقه الرئيس \"مبارك \" هذا الرئيس الحاضر في حمل رايات التخلف والفساد في مصر والتصدي للحركة الوطنية والغائب عن مراقبة ومنع المعاناة التي يعيشها هذا الشعب الصابر المرابط
لقد اعاد مصر الى اجواء ومناخ عهد التوريث كما اعاد الطبقية والتبعية والفوضى السياسية والمحسوبية والجمود الفكري والتنموي
تحت طائل هذه السياسة والأنحلال في المؤسسات والأنفلات في الأجهزة المختلفة يحتضن الرئيس مبارك اليوم بطريقته الخاصة أكثر من طاغية واحد يشكلوا خطورة اكثر من طاغية ايران السابق , اختار مبارك ان يكون اول من يحمل الماشطة لتمشيط الشعر النتن لحكومة اليمين الفاشي في اسرائيل برئاسة ثلاثة من السفاحين وهم نتنياهو , ليبرمان, وبراك
امتعض العالم واصيب بالذهول بعد وصول هذه الحكومة الى سدة الحكم في اسرائيل , خاصة انها جاءت بعد العدوان الأجرامي على غزة
الولايات المتحدة حليفة اسرائيل ومعها غالبية الدول الأوروبية لآ زالوا خجلين مترددين من الأتصال مع الحكومة الفاشية الجديدة في تل ابيب كوسيلة من وسائل الضغط على هذه الحكومة , وقد اعتبرت وسائل الأعلام هذا الموقف الأمريكي الأوروبي من حكومة نتنياهو بأنه حصاراً مخففاً والأسباب معروفة وهي ان هذه الحكومة ترفض الأعتراف بخيار الدولتين وترفض الأعتراف بقرارات مؤتمر انابوليس رغم انه من صنع اسرائيلي, هذا هو موقف العالم من اسرائيل الأ ان هناك نظاماً يكرر موقف السادات المغاير لمواقف غالبية الدول في العالم , انه نظام حسني مبارك الذي يرى القضايا الهامة الخاصة بمصالح الشعوب العربية والقضية الفلسطينية بعيون مصابة بالرمد وبأسلوب يسوده التكرار والذاتية وسياسة التآكل والتراجع بكل مفاهيمها الوطنية والمصيرية
لايهم مبارك وحكومته التغيير الذي حصل في اسرائيل المهم ان يستمر بالتعاون والتطبيع لأن هذا التطبيع اصبح آلياً يدور حول نفسه بشكل ذاتي
النظام في مصر اصبح غريباً ومعادياً لمطالب ورغبات الشعب المصري والشعوب العربية , أنه لايربط بين جرائم اسرائيل التي ارتكبتها وما تزال ترتكبها كل يوم وبين علاقته مع اسرائيل , لقد قطع كل الشرايين التي تربط مصر الرأس مع جسد الأمة العربية , العلاقة بين مصر واسرائيل منذ عهد السادات وحتى اليوم علاقة استراتيجية تحالفية متداخلة يسودها العشق والتآلف والتعاون الأمني , لم يفكر هذا النظام في يوم من الأيام ان يقول لأسرائيل لا بل قام وحده بأختراق اغشية الحصار الذي فرض على حكومة نتياهو من اجل تسويق هذه الحكومة ودعمها شرق اوسطياً وعالمياً رغم انها حكومة قتل وتدمير ومشعلاً لحرق الشرق الأوسط
ارسل احد فراعنته الصغار ذي الوجه المطاطي المدعو \"عمر سليمان\" لتهنئة نتنياهو والسفاحين الذين يدورون حوله وفي مقدمتهم وزير خارجيته ليبرمان, جاء عمر سليمان دون خجل كأنه لم يتغير شيئاً في اسرائيل , لم تكن هذه الزياره سوى اذعان وسكوت للنظام المصري فقط , بل كانت ايضاً صفعة واهانة لوزير خارجية مصر \" ابو الغيط \" الذي اشبعنا ثرثرة ووعيداً ضد ليبرمان, لكن الرئيس مبارك كعادته لم يأخذ بالحسبان قرارات وزرائه ولا اعضاء برلمانه انهم بالنسبة لهو \"خشب مسندة \" مهمتهم فقط التسبيح بحمد سياسته التي اغرقت مصر في مستنقع التخلف والعزلة , لقد ادار مبارك ظهره لجميع الأنتقادات التي وجهت له من داخل مصر وخارجها بعد ان ارسل فرعونه الصغير لكسر الحصار عن اسرائيل , أتبع ذلك برسالة تاريخية عبر من خلالها عن تهانيه الخالصة للحكومة الأسرائيلة ونظام الأبرتهيد فيها بمناسبة ذكرى قيامها
في هذه التهنئة داس مبارك على مشاعر وجراح الشعب الفلسطيني التي ما زالت تنزف منذ النكبة حتى اليوم كما عبر عن جحوده ونكرانه لمشاعر هذه الأمة لأنها تعتبر دعماً للعدوان والأحتلال والتفافاً حول العودة وتحرير القدس, في نفس الوقت هي شهادة براءة وصك غفران لأسرائيل المحتلة المغتصبة لوطن الشعب الفلسطيني بعد ان صادرت تاريخه
بحجة السلام داسوا فوق السلام وانتهكوا السلام وحولوه الى خرقة يمسحون بها احذية الحكومات الأسرائيلية