* مناسبة حزينة واليمة تعيد للذاكرة الام فقد الوطن، وتحول ملايين الفلسطينيين الى لاجئين مشردين
* الشعب الفلسطيني متمسك تماما بحقوقه، ولا يمكن لاي كان ان يسلبه احلامه بانجاز حق العودة
رغم مرور السنين مازالت قضية اللاجئين حية في قلوب ابناء الشعب الفلسطيني، وهذا بعكس ما كان يفكر ويقول قادة الصهاينة الذين قالوا الكبار يموتون والصغار ينسون
وقد اصبحت المناسبة فرصة لشحذ همم الجماهير، وقد زاد الاهتمام بها مع السنين وخصوصا بين اوساط اللاجئين
انها مناسبة حزينة واليمة تعيد للذاكرة الام فقد الوطن، وتحول ملايين الفلسطينيين الى لاجئين مشردين، ومناسبة لشحذ الهمم والتعبئة والتثقيف لابناء الشعب الفلسطيني-- وخاصة الاجيال الشابة-- وللتاكيد على وحدة الشعب الفلسطيني في جميع اماكن تواجده، وعلى مركزية قضية اللاجئين، وعلى ان حق العودة حق لا يسقط بالتقادم
هي مناسبة لتذكير العالم بمسئوليته عن هذه الماساة واستمرارها، ولمطالبته بتحقيق العدل ورفع الظلم انسجاما مع القرات الدولية ومع الشعارات السائدة عالميا-- الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان
هي مناسبة لايصال رسالة الى مغتصبي الارض والحقوق الفلسطينية
بان الشعب الفلسطيني متمسك تماما بحقوقه، ولا يمكن لاي كان ان يسلبه احلامه بانجاز حق العودة-- مهما طال الزمن-- وان الصراع سيستمر ويتواصل مادام حق العودة لم ينجز
وهي مناسبة لايصال رسالة الى قيادة الشعب الفلسطيني بان التفويض الذي منح لها ( اي لمنظمة التحرير ) مرتبط بتمسكها بحقوق الشعب وبثوابته، ولمطالبتها بالتمسك بالحقوق وعدم تقديم التنازالات، وبالعمل اكثر لجعل حق العودة على راس اجندتها السياسية
مخاوف مشروعة
كما في كل المراحل كانت هناك مخططات ومؤامرات تستهدف النيل من حق العودة
كانت المخططات تاتي من دول اجنبية او من هيئات دولية
وفي كل مرة كان الشعب الفلسطيني يهب للدفاع عن حق العودة، ويسقط المخططات المشبوهة
لكن الخطير في الامر ان البعض على الساحة الفلسطينية من شخصيات مرموقة
والخطير ان البعض منها ( وهو يحتل مواقع متقدمة في القيادة الفلسطينية ) قد تجرا وتقدم بخطى واسعة ليقدم مبادرات وخطط ومشاريع جوهرها الاساسي تصفية حق العودة، من خلال مقايضة حق العودة بحقوق وطنية اخرى مشروعة للشعب الفلسطيني
ان هذا البعض ( اركان مبادرة جنيف وخطة الهدف ) الذي يفكر ويحلل بعقلية المهزوم، ما كان ليتجرا على تقديم مبادراته المشبوهة لولا ادراكه انه محمي ومدعوم من مراكز قوة كبيرة في المنظمة وفي السلطة
اولئك الذين صمتوا احيانا وتذرعوا احيانا بحرية الراي والحق بالتعبير والتفكير
والخطير في المسالة ان هذه المبادرات والخطط كان يفوح منها دوما رائحة الدولار، التي اغرت وحرفت العديد من الشخصيات المتعطشة للمراكز وللاموال
ان محاولة البعض تجاهل حق العودة، او اعطائه تفسير لا يتضمن العودة الفعلية الى الديار الاولى، قد الحقت ضررا كبيرا في الروح المعنوية للجماهير، ولا تقتصر محاولات تجاهل حق العودة على اصحاب جنيف وخطة الهدف
بل ان التصور الذي تقدمه مبادرة السلام العربية لحق العودة تصور خطير جدا، فهي تقول ( التوصل الى حق متفق عليه ) وعبارة متفق عليه تعطي لاسرائيل فعليا حق النقض الفيتو، مما يجعل مواقفنا رهينة للمواقف الاسرائيلية، وكان الاجدى والمفروض القول حل وفق قرارات الشرعية الدولية وفي مقدمتها القرار 194
كما ان ما رشح عن المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية، من حصر للخلافات حول النسب المئوية من الارض التي سيجري تبادلها، ومن الخلاف على بعض اجزاء ملف القدس
هذه الاخبار مخيفة جدا
فلا احد تحدث عن خلاف على حق العودة-- مع العلم ان التباين والخلاف بيننا كفلسطينيين وبين اسرائيل في موضوع حق العودة هو خلاف تام، ولم تقدم اسرائيل فيه اي مرونة او تنازل
ان ذلك يجعلنا خائفين من امكانية مقايضة هذا الحق بقضايا اخرى كالمستوطنات، او ببعض اجزاء ملف القدس
ويبقى السؤال لدى كل فلسطيني وخاصة اللاجئين
هل سيجري تقديم حق العودة قربانا على مذبح القضية الفلسطينية
!!
( ما بضيع حق وراه مطالب )
لست خائفا ابدا على حق العودة، لانه حق فردي وجماعي، وحق سياسي وقانوني كفلته كافة الشرائع السماوية والارضية
وهو حق لا يسقط بالتقادم
كما ان هناك جهد كبير يبذله اللاجئون ( افرادا وجماعات وتقوم به مؤسسات متعددة رسمية واهلية ) لجعل هذا الحق يتعمق اكثر، ويتجذر في قلوب وعقول ابناء الشعب الفلسطيني-- وخاصة الاجيال الشابة
وحتى الجاليات الفلسطينية المنتشرة في كل اركان المعمورة، فانها تمر اليوم في حالة استنهاض، وتمارس دورا تعبويا وتثقيفيا لابنائها
لكن ورغم كل هذا الاطمنان الا ان هناك مخاوف مشروعة، اهمها تراجع مكانة قضية اللاجئين في اهتمامات القيادة الفلسطينية، وفي سلم اولويات اطراف الحركة الوطنية، بحيث اصبحت القضية تتحول الى شعارات ترفع ومناسبات يجري التاكيد فيها على حق العودة، دون وضع الخطط الملائمة وممارسة العمل الفعال من اجل ابقاء القضية حية، وللتصدي الواضح والقوي للمشاريع المشبوهة ولاصحابها
كما ان عدم مواجهة المخططات المشبوهة بحزم يحمل في طياته دلالات خطيرة
ولكن الاخطر في المسالة التحول الكامل في الموقف الامريكي، الذي عبرت عنه رسالة الضمانات الامريكية التي قدمها الرئيس الامريكي بوش الى رئيس الوزراء الاسرائيلي شارون، والتي تقول باستحالة تنفيذ حق العودة، وبالدعم الامريكي الكامل للموقف الاسرائيلي الرافض كليا لحق العودة
هذا الموقف الامريكي خطير جدا من زاوية تاثير الولايات المتحدة على دول العالم، وعلى معظم المؤسسات الدولية، وعلى انظمة الحكم في العالم العربي، كما انه خطير بكون الولايات المتحدة فرضت نفسها راعيا وحيدا لعملية السلام
اما توقعاتي لقضية اللاجئين
فانا اقول انها ستبقى حية، وستبقى تشكل المفجر لاي اتفاق سلام يمكن ان يجري توقيعه-- اذا لم يتضمن اعطاء اللاجئين ( كل اللاجئين ) الحق بالعودة الى ديارهم الاولى التي هجروا وطردوا منها
ان قضية اللاجئين قضية تهم سبعة ملايين لاجئ، منتشرين في عدد كبير من الدول المضيفة، الامر الذي يعني انها تؤثر على الاستقرار في منطقة الشرق الاوسط وفي العالم باكمله
توقعاتي ان يزداد التامر اكثر لتصفية حق العودة، وتزداد الضغوط على القيادة الفلسطينية للتضحية بحق العودة-- مقابل اعطائها بعض المكاسب في قضايا اخرى-- وبالتحديد في موضوع الاستيطان
وبوادر هذه الضغوط اتضحت اليوم-- من خلال اشتراط نتنياهو استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين باعترافهم بيهودية دولة اسرائيل، وهو ما يعني الغاء حق العودة، واكثر من ذلك طرد وتهجير من تبقى من الفلسطينيين صامدين على ارضهم في قراهم ومدنهم داخل حدود دولة اسرائيل عام 1948
انا شخصيا اقول ان موازين القوى المحلية والدولية لن تسمح لنا بان نحقق من خلال المفاوضات حلا عادلا لقضية اللاجئين ( ينص على عودتهم الى ديارهم الاولى )، ولذلك فانني اقول: لماذا لا نؤجل البحث في قضية اللاجئين الى حين توفر الظروف الملائمة
؟؟ فاي حل سيجري الان سيكون حتما على حساب حق العودة، وانا هنا اشترط على القيادة الفلسطينية بعدم القبول بانهاء حالة الصراع مع اسرائيل مادام حق العودة او اية حقوق اخرى من حقوق الشعب الفلسطيني لم تتحقق ( تاجيل بحث قضية اللاجئين مع عدم انهاء حالة الصراع مع اسرائيل )
( الخلل في الراس مش في الناس )
اعتقد ان التغطية الاعلامية كانت جيدة، وقد غطت معظم الفعاليات والانشطة، وهذا راجع اولا لوطنية واخلاص العدد الاكبر من الاعلاميين الفلسطينيين، وكذلك لحالة التنافس المتزايدة بين وسائل الاعلام ( بين الفضائيات، وبين محطات التلفزة المحلية، وبين المواقع الاخبارية الالكترونية )
لكني اعيب على بعض وسائل الاعلام استمرارها بتناول الانشطة من خلال تسليط الضوء على ما تقوله بعض القيادات الرسمية، والوجوه االمستهلكة اعلاميا، بحيث كان يجري تركيز الصور على تلك القيادات وتركيز الخبر على حضورها
بينما كان الاجدر التركيز اكثر على الحدث نفسه، وعلى الجمهور العام، وعلى اجيال النكبة، وعلى تطور وعي الاجيال الشابة
اما الفعاليات
فانا انظر بحزن لتواضع الحشود في العدد الاكبر من الفعاليات-- وهو لا يليق بمناسبة كذكرى النكبة-- وهنا اعتقد ان السبب هو وجود حالة من الاحباط النسبي لدى الجماهير، بسبب من فقدانها للثقة بقياداتها، ولوجود فجوة تتعاظم يوما بعد يوم بين الجماهير والقيادة
وتتعاظم الفجوة وحالة الاحباط اكثر فاكثر مع تواصل حالة الانقسام والتشرذم التي باتت تهدد حقيقة مجمل المشروع الوطني، والاخطر من ذلك قناعة الجمهور بان الانقسام الداخلي الفلسطيني والصراع ليس له علاقة بالمصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني، وانما هو صراع على سلطة هزيلة، وصراع على مصالح انانية فئوية ضيقة، وهو عبارة عن عملية محاصصة-- لم تعد سياسية فقط-- وانما غدت محاصصة جغرافية، بما يهدد تكريس الانقسام لاطول فترة ممكنة
كما ان ضعف المشاركة الجماهيرية ناتج عن عدم قيام الفصائل والاحزاب بحشد قواها بشكل كاف، وانما تعاملت مع الحدث ومع الذكرى على انها مهمة عامة للجميع، وانها كتنظيم جزء من كل وليس مهمتها او واجبها ان تدفع بقواها ( من الاعضاء والانصار ) للمشاركة الا بشكل محدود
وهذ ما ظهر جليا عندما غابت قيادات ووجوه عديدة عن الفعاليات في اكثر من محافظة
كما ان هناك سبب اخر لتواضع الفعاليات يكمن في طبيعة هذه الفعاليات، واستمار طابعها التقليدي الكلاسيكي، وعدم تقديم مبادرات جديدة
بل وبسبب هيمنة الجانب الرسمي على الجانب الشعبي في لجان احياء ذكرى النكبة، وهو الامر المغلوط والذي لا يجب ان يحدث ( لان سقف القوى الشعبية يجب ان يكون اعلى من سقف الجهات الرسمية )
بسبب هذه الهيمنة من الجانب الرسمي تم اهمال كبير للجانب الكفاحي للفعاليات، وتم التركيز على الانشطة التقليدية
وللاسف فان محافظي العديد من محافظات الوطن رفضوا رفضا قاطعا ان يتضمن برنامج اللجنة الوطنية العليا لاحياء ذكرى النكبة فعاليات تتوجه الى حدود عام 1948، لترسل رسالة واضحة بتحميل اسرائيل مسئولية النكبة
وجاء الرفض بذرائع غير مفهومة-- تقول باننا لا يجب ان نعرض ابناءنا للقتل والعنف الاسرائيلي
الزمن دوّار
رسالتي لشعبي الفلسطيني
سنصبر على الجوع والظلم والقهر
ونواصل تحدينا للمحتلين الغاصبين
لقد قدمنا أعظم التضحيات
وقاومنا كل المؤامرات
سنواصل النضال
وسنفشل كل مخططات الأعداء
وسندفن الى الأبد مشاريع الأقزام المتخاذلين
أصحاب جنيف والهدف وغيرها من المؤامرات
أولئك الذين صاغوا كل مشاريع عارهم بهدف واحد أكيد هو تصفية حق العودة
هذا الحق المقدس الذي لا نرضى عنه بديلا ولا نقبل تفسيرا له إلا عودة جميع اللاجئين الى ديارهم الأولى
لا بد لنا من أن نكون جميعا بقدر التحدي
وان نفتح عيوننا وعقولنا لنتلمس الطريق الأفضل للوصول الى حقوقنا
وثقوا يا شعبنا يا أهلنا أن العودة ممكنة
وهزيمة الاحتلال ممكنة
وهذا يمكن أن يتحقق فقط
بمزيد من الصبر والصمود وطول النفس
ورص الصفوف والتوحد
وحشد كل الطاقات الوطنية في مواجهة العدو الواحد المحتل لبلادنا
نحن نؤمن إيمانا راسخا بان الزمن دوّار
وانه سيأتي اليوم الذي تنقلب فيه موازين القوى لصالحنا
ونتمكن من تحقيق حلمنا الأبدي بالعودة الى ديارنا الأولى
وسنظل نقاوم وبكل قوة حتى نفشل كل المؤامرات
بما فيها تلك التي تطل علينا هذه الأيام
لإجبارنا على القبول بيهودية دولة اسرائيل
التي تعني بالنسبة لنا القضاء على حق العودة إضافة الى تهجير ما تبقى من شعبنا صامدا على أرضه
مخيم الفارعة – 17/5/2009