في الدورة الثانية لكأس العالم اصبحت هذه البطولة حدثا عالميا مهما وشارك 22 عضوا من اعضاء الفيفا الخمسين في دوري التأهل لكأس العالم مع تاهل 16 فريقا للنهائيات، استضافت ايطاليا البطولة الثانية قي 37 مايو من 1934م وفي هذه الدورة شارك المنتخب المصري لأول مرة وكأول منتخب عربي يتأهل لنهائيات كأس العالم وبلا شك ان ذلك يعتبر بحد ذاته إنجازا
وشارك في هذه البطولة 16 فريقا من مصر إيطاليا وتشيكوسلوفاكيا وألمانيا والنمسا وأسبانيا وسويسرا والسويد والمجر وأمريكا ورومانيا وبلجيكا، وفرنسا والبرازيل وهولندا والأرجنتين
ومما هو جدير بذكره في هذه الدورة أن في بداية عقد الثلاثينيات من القرن الماضي ظهرت في اوروبا التوجهات الفاشية والنازية ولذلك رمى الدوتشي بنيتو موسوليني بكل ثقله من اجل فوز ايطاليا بشرف تنظيم نهائيات كأس العالم الثانية في 1934 واستغلالها للترويج لافكاره ودعم نظامه السياسي وهو النهج الذي سار عليه هتلر للترويج للنازية عندما استضافت برلين دورة الالعاب الاولمبية في 1936 فكانت تلك بداية الاستغلال السياسي للرياضة بعد ان كانت البطولات الرياضية السابقة تهدف الى التقارب بين الشعوب وتعلن هدنة تتوقف خلالها الحروب اثناء الالعاب الاولمبية القديمة وكأن الانسان في تقدمه لم يبتكر منجزات علمية وصناعية وطبية وحسب بل تفتق ذهنه عن افكار ذات مردود سلبي ايضا
وسارعت الاوروجواي حاملة اللقب لرد التحية لايطاليا التي قاطعت الدورة الاولى ولم تلب "الدعوة الكريمة" من الاوروجواي فقاطعت بدورها الدورة الثانية وهي اول مرة وآخر مرة يقرر فيها حامل اللقب عدم الدفاع عن لقبه
وبعد النجاح الكبير الذي حققته البطولة في دورتها الأولى رغم أنها أقيمت في أقصى أصقاع الارض وفي ظل عدم وجود نقل تلفازي ازداد عدد الدول الراغبة في المشاركة فيها ولذلك ظهر للمرة الاولى نظام تصفيات يتأهل بعده 16 منتخبا للمشاركة في النهائيات ولم يستثن اي منتخب من خوض التصفيات بما في ذلك منتخب البلد المضيف الذي اضطر الى مواجهة اليونان ونجح - لحسن حظه - في اجتياز منافسه 4/صفر لانه لو خسر لكانت اول بطولة يفشل فيها المضيف من المشاركة في مبارياتها اما المكسيك فمنعها الحظ السيئ للمشاركة في النهائيات اذ شاركت في التصفيات وفازت ببطولة مجموعتها التي جمعتها مع كوبا وتاهيتي وقطع لاعبوها آلاف الكيلومترات للوصول الى ايطاليا لكنهم لم يشاركوا في النهائيات لان الولايات المتحدة الامريكية وضعت اللجنة المنظمة في حرج شديد حين ارسلت طلبا للمشاركة رغم انتهاء مباريات التصفيات التمهيدية ولم تنتظر الموافقة على طلبها بل ارسلت منتخبها بالفعل الى ايطاليا
وتقرر "لاسباب جغرافية" ان تلعب المكسيك مباراة اضافية مع جارتها الولايات المتحدة وفاز الامريكان 4/2 في المباراة التي قادها الحكم المصري يوسف محمد والتي جرت يوم 24 مايو 1934 اي قبل ثلاثة ايام من انطلاق البطولة وبدلا من المشاركة في البطولة تحول لاعبو المكسيك الى مقاعد المتفرجين
والى جانب ايطاليا التي تأهلت على حساب اليونان والولايات المتحدة شاركت البرازيل على حساب بيرو والارجنتين على حساب تشيلي والسويد بعد فوزها على استونيا 6/2 وعلى ليتوانيا 2/صفر واسبانيا بعد فوزها على البرتغال 9/صفر و2/1 والمجر والنمسا بعد فوزهما على بلغاريا 4/1 و4/1 و6/1 على التوالي كما تأهلت تشيكوسلوفاكيا بعد فوزها على بولندا 1/صفر وتعادلهما صفر/صفر وتأهلت عن المجموعة العاشرة رومانيا والسويد بعد تعادل السويد مع يوغسلافيا ورومانيا بنتيجة 2/2 وفوز رومانيا على يوغسلافيا 2/1 كما تأهلت عن المجموعة الحادية عشرة هولندا وبلجيكا بعد فوز هولندا على ايرلندا 5/2 وعلى بلجيكا 4/2 وتعادل بلجيكا وايرلندا 4/4 ومن المجموعة الثانية عشرة تأهلت فرنسا والمانيا بعد فوز المانيا على لوكسمبورج 9/1 وفرنسا على لوكسمبورج 6/1
فلسطين في سجلات الفيفا رغم خسارتها مباراتي تصفيات كأس العالم الثانية امام مصر 1/7 ذهابا في القاهرة و1/4 في فلسطين الا ان دولة فلسطين سجلت اسمها مبكرا في سجلات الاتحاد الدولي لكرة القدم وكان يوم 10 مارس 1934 تاريخيا حين لعبت مباراتها الاولى في القاهرة تلتها المباراة الثانية في 6 ابريل واصبحت مصر أول دولة عربية تشارك في نهائيات كأس العالم
في هذه الدورة تم الغاء نظام المجموعات وعلى عكس النظام الذي اجريت به البطولة الاولى - والبطولات الحالية - بتوزيع المنتخبات الى مجاميع تلعب مبارياتها بطريقة الدوري من مرحلة واحدة وهو النظام الذي وضعه الفرنسي روبير جيران اول رئيس للاتحاد الدولي لكرة القدم قررت اللجنة المنظمة للبطولة الثانية توزيع المنتخبات الستة عشر الى ثمانية ثنائيات تلعب بطريقة خروج المغلوب وهو نظام غريب وغير عادل لان منتخبات جاءت من اقصى الارض وقطعت آلاف الكيلومترات ودعت البطولة بعد ان خاضت مباراة واحدة فقط ومثلما كانت الولايات المتحدة آخر الواصلين كانت اول المغادرين اذ اوقعتها القرعة في مواجهة البلد المضيف ايطاليا واذا كان الايطاليون جاملوا الامريكان حين منحوهم فرصة اللعب امام المكسيك والمشاركة في البطولة فانهم لم يرحموهم في المباراة الافتتاحية التي جرت بحضور موسوليني الذي ابلغ اللجنة المنظمة واتحاد الكرة الايطالي لن يرضى بغير الفوز بالبطولة مهما كان الثمن وسحق الطليان منافسيهم الامريكان 7/1 "الشوط الاول 3/صفر" وهي اغزر مباراة في البطولة من حيث الاهداف علما ان الهدف الامريكي الوحيد سجله لاعب مهاجر من اصل ايطالي هو بترو دونيللي وكان نجم المباراة الايطالي شيافيو الذي سجل (هاتريك) وودع البرازيليون البطولة من اليوم الاول 27 مايو بعد خسارتهم مباراتهم الاولى - والوحيدة - امام اسبانيا 1/3 ولحق بهم في اليوم ذاته جيرانهم الارجنتينيون بعد الخسارة امام سويسرا 2/3 علما انهم شاركوا بفريق من اللاعبين الشباب لم يكن بينهم اي لاعب ممن شاركوا في البطولة الاولى قبل 4 سنوات وبلغوا مباراتها النهائية سوى المدافع لويزيتو مونتي الذي لعب باسم ايطاليا كما شهد اليوم الاول ايضا خسارة المنتخب المصري امام المجر 2/4 وفازت السويد على هولندا 3/2 والنمسا على فرنسا 3/2 بعد التعادل 1/1 ولعب وقتا اضافيا هو الاول في تاريخ كأس العالم كما فاز الالمان على بلجيكا 5/2 وفي الدور الثاني الذي اقيم يوم 31 مايو فاز الالمان على السويسريين 2/1 وفاز منتخب تشيكوسلوفاكيا على نظيره السويدي 3/2 والنمسا على المجر 2/1 وتعادل الطليان مع الاسبان 1/1 واعيدت المباراة في اليوم التالي ليفوز الطليان 1/صفر بعد ان تلقوا محاضرة شديدة من المدرب القدير فيتوريو بوزو الذي تولى تدريب المنتخب منذ 1929 واستمر معه حتى 1948 والذي تلقى بدوره تعليمات من موسوليني بضرورة الفوز ومواصلة الطريق حتى حمل الكأس الذهبية
ونجح المنتخب التشيكوسلوفاكي من الفوز على جاره الألماني 3/1 في الدور نصف النهائي كما نجح الطليان في عبور الحاجز النمساوي الرهيب الذي كان فيه المدرب النمساوي هوجو ميزيل يمثل اكبر عقبة امام بوزو ولاعبيه لان فريقه لم يخسر سوى مباراتين خلال 4 سنوات 1931 - 1934 خاض فيها 27 مباراة
وفي نهائي وتحت انظار العسكر ارتدى موسوليني بزته العسكرية وحشد الاف المشجعين من الجنود الذين اخذوا اماكنهم بين المشجعين الطليان وبقي موسوليني ومعه الجماهير الحاشدة محبوسي الانفاس طوال المباراة سيما حين سجل بوك هدف التقدم لتشيكوسلوفاكيا في الدقيقة 76 ثم تمكن الايطالي - الارجنتيني الاصل - اورزري من ادراك التعادل في الدقيقة 81 ومثلما كان الايطالي شيافيو نجم المباراة الافتتاحية بتسجيله ثلاثة اهداف كان ايضا نجم النهائي حين سجل هدف الفوز لايطاليا 2/1 في الدقيقة 96 من المباراة ونال لقب هداف البطولة برصيد 4 اهداف مشاركة مع التشيكوسلوفاكي نيجدلي والالماني كونيني
أحداث ونتائج من الدورة :
- شهدت البطولة اقامة 17 مباراة سجل فيها 70 هدفا بمعدل اربعة اهداف لكل مباراة
- استغرقت الدورة 15 يوما من 27 مايو الى 7 يونيو 1934
- اهدر البرازيلي دي بريتو ركلة جزاء في المباراة امام اسبانيا فكان اول لاعب يضيع ركلة جزاء لكنه عوض عن "ذنبه" حين تحول فيما بعد الى التدريب واكتشف موهبة اللاعب الاسطورة بيليه الذي ساهم لاحقا بشكل فعال في فوز البرازيلي بكأس العالم ثلاث مرات "58 و62 و70" والاحتفاظ بكأس جول ريميه
- اصبح الحكم المصري يوسف محمد اول حكم عربي في نهائيات كأس العالم
-إيطاليا، صاحبة الأرض سجلت وحدها 12 هدفاً، وفازت بالبطولة وبالكأس للمرة الأولى في تاريخها بعدما تغلبت على (تشيكوسلوفاكيا) بصعوبة بالغة، وبعد تمديد الوقت لشوطين إضافيين بنتيجة هدفين مقابل هدف
- المركزان الثالث والرابع تطاحن وتبارى عليهما فريقا (ألمانيا الغربية)، و(النمسا)، وانتهت المباراة بفوز (ألمانيا الغربية) بثلاثة أهداف مقابل هدفين (للنمسا)
طرائف وغرائب من الدورة:
- متوسط الأهداف في كل مباراة من مباريات البطولة 4
1 هدفاً، وهو معدل كبير
-حدثت أول (مشاجرة) في تاريخ كأس العالم في هذه الدورة
وكانت الأولى: بين فريق (النمسا) الرهيب، وبين منافسه التقليدي (المجر) ، بعدما كان الفريقان متعادلين في مباراتهما في دور الثمانية بهدف لكل منهما، وطَرد حكم المباراة اللاعب المجري (ماركوسي) بسبب تعديه عليه
والثانية: المعارك كانت بين (بين نفس الفريقين: (إيطاليا) و (أسبانيا) وذلك في المباراة المعادة التي أقيمت بينهما
أبطال العالم وحاملو الكأس لم يشاركوا في هذه البطولة خوفاً على أنفسهم من انتقام لاعبي (إيطاليا) منهم!! ونقصد بأبطال العالم فريق (أورجواي) بالطبع
فريق (الأرجنتين) اشترك في البطولة بالصف الثاني
- عدَّلت (إيطاليا) قوانين الهجرة لتسمح للاعبين المقيمين في (إيطاليا) من الجنسيات المختلفة بالاشتراك مع فريقها، والطريف أنه كان ضمن فريق (إيطاليا) أحسن 3 لاعبين من فريق (الأرجنتين)
- أحضر اللاعبون (التشيك) طعامهم معهم خوفاً على أنفسهم من أية مقالب غذائية (إيطالية)!!
-أول حكم في تاريخ كأس العالم ينال شرف
الإيقاف، هو الحكم السويسري (ميركت)، حكم مباراة أو معركة (إيطاليا) و (أسبانيا) الثانية!!
- كانت (مصر) أول الفرق الإفريقية والعربية التي اشتركت في مسابقات كأس العالم باشتراكها في هذه الدورة، وذلك بعدها هزمت (فلسطين) 4/1 (بالقدس) و 7/1 (بالقاهرة) !!
وكان حظ الفريق (المصري) العاثر يقف له بالمرصاد، إذ كانت مباراته الأولى أمام الفريق (المجري) القوي، والذي يذكر هزيمته أمام نفس الفريق (المصري) قبل ذلك التاريخ بعشر سنوات بثلاثة أهداف مقابل لاشيء
وشاركت الطبيعة في وضع العراقيل أما الفريق (المصري)، إذ شهد ملعب المباراة أعنف عواصف ثلجية مرت (بإيطاليا) منذ سنوات، لدرجة أن اللاعبين المصريين كانوا يتجمدون ويتسمرون في أرض الملعب في أثناء المباراة، أما الفريق (المجري) ، فصال وجال وسط الجو المألوف لديه، وانتهت المباراة بنتيجة 4/2 ، وكان حكم المباراة السويدي (إيكلند)
نتائج الدورة :
دور الـ 16:
النمسا × فرنسا 3/2
هنغاريا × مصر 4/2
اسبانيا × البرازيل 3/1
ايطاليا × امريكا 7/1
المانيا × بلجيكا 5/2
السويد × الارجنتين 3/2
سويسرا × هولندا 3/2
تشيكوسلوفاكيا × رومانيا 2/1
الدور ربع نهائي :
النمسا × هنغاريا 2/1
اسبانيا × ايطاليا 1/1
اسبانيا × ايطاليا 0/1
المانيا × السويد 2/1
تشيكوسلوفاكيا × سويسرا 3/2
الدور نصف نهائي :
ايطاليا × النمسا 1/0
تشيكوسلوفاكيا × المانيا 3/1
مباراة المركز الثالث :
المانيا × النمسا 3/2
المباراة النهائية :
ايطاليا × تشيكوسلوفاكيا 1/1
2/1 بالتمديد