ام المكارم/ بقلم الطالب احمد يوسف

كل العرب
نُشر: 01/01 23:26

في وسط حي تل الهوى في غزه، سكنت الجدة أم مكرم التي تبلغ من العمر ثلاثة وستين عامًا، مع أحفادها و أرملة ابنها في بيت مؤلف من طابقين  شرفاته واسعة  تحيطه حديقة صغيرة ذات سور عال من الحجر الجميل كأنه قلعة صغيرة أثرية، هذا ما تبقى لها بعد استشهاد ابنها على أيدي جنود الاحتلال في كرم الزيتون الذي قاموا بتجريفه قبل حوالي عشر سنين.
منذ ذلك اليوم وأم مكرم تقوم على تربية أحفادها وإعالتهم وأخذت تبث فيهم حب الأرض والوطن وكرم الزيتون الذي سالت دماء أبيهم فيه وتغرس فيهم العزة والكرامة وعدم الخوف وبأنه لا بد أن يأتي اليوم الذي سيقع على عاتقهم مسؤولية الدفاع عن انفسهم وبيتهم وكرمهم.
وفي آخر عملية قام بها الجيش الإسرائيلي على قطاع غزه والمسماة ( الرصاص المصبوب) كان لأم مكرم نصيب في المعاناة شأنها شأن بقية أهل القطاع ففي احدى الليالي المظلمة العصيبة  المأساوية اخذ بعض الجنود من فرق الجيش بالتوغل في اطراف الحي محاولين الدخول مستخدمين المدفعية في ضرب البيوت السكنية.
بينما تحلق الطائرات الحربية وتلقي القنابل الفوسفورية المضيئة والمؤذية أشد الايذاء، تحرق الاخضر واليابس على حد وصف المراسلين، تحرق ما على الأرض من شجر أو حجر  أو بشر  انتشر الرعب بين الأهالي، فالكل فقد الأمن والأمان ناهيك عن فقد الأحبة والمنازل  التي أخذت تهدم على رؤوس مَن فيها من ضربات المدفعية.
كانت ام مكرم في هذه الاثناء  تختبئ مع احفادها في احدى الغرف السفلية السرية التي تربط بيتهم بالحي فاذا بها تسمع طرقا خفيفا على باب السرداب المؤدي الى الخارج. فتحت بسرعة واذا بمجموعة من المقاومين المتخفين اتوا يحملون بعض الذخائر والقذائف والعتاد، دخلوا بسرعة توزعوا في البيت وعلى السطح وتمركز بعضهم على الشرفات وجاء احدهم فطلب من ام مكرم مغادرة المنزل هي واحفادها حفاظاعلى سلامتهم لكنها ابت ان تخلي البيت فاما الموت بكرامة مع بعض او العيش بحرية فالامران واحد.
وبقيت تهدهد الاطفال وتطمئنهم بأنهم الان في امان اكثر من ذي قبل فهم بجوار المقاومين، ومن ثم  صعدت الى الطابق العلوي فاعدت لهم الشاي بالاعشاب وبعض الشطائر الخفيفة من محتويات المنزل، ثم احضرت لهم بعض البطانيات وقدمتها لكبيرهم فاخذوا يتناوبون العمل ثلاثة يستريحون قليلا واثنان يقاومان وام مكرم حاضرة معهم في كل زوايا المنزل تبث بدعائها لهم الثبات والعزيمة وروح المقاومة والانتصار الا ان وقعت قيفة في ساحة المنزل اصيب على اثرها احد المقاومين الذين كانوا على الشرفة واذا بام مكرم تاخذه وتقوم بتضميد جرحه مع زميله ببعض الادوية والفوط واللفائف التي كانت تدخرها لاوقات الحاجة داعية له بالشفاء واخذت تلفه بالشراشف وتمسح على راسه بلفائف الماء حتى لا ترتفع حرارته الى ان حضر رجال الاسعاف  ونقلوه الى المشفى.
بقيت ام مكرم ثابتة صامدة تقوم على خدمة المقاومين واحفادها طوال ثلاثة ايام وهم في بيتها تطبخ لهم الارز بالعدس والمجدرة وتعد لهم اكواب الشاي، تقدمها لهم بابتسامة هادئة تبث فيهم بلسم الحياة بين لهيب النار وانفجار القنابل وتدعو لهم بالنصر والثبات وان يسدد الله ضرباتهم وينصرهم على اعدائهم مذكرة اياهم دائما انه لن يموت الانسان الا حين يوفى اجله. ولن تخرج الروح الا بيد باريها فاما حياة  بعزة وكرامة او استشهاد.
واخذ المقاومون ينادونها  يا ام المكارم يا ام المقاومين لا تحزني ، فموت مكرم ميلاد لشعب ووطن ولا بد من قدوم الفجر.

تاليف احمد يوسف كيوان
مجد الكروم
مدرسة السلام-الصف الخامس هـ
ملاحظة: القصة على خلفية احداث غزة

تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة