سيرت جمعية الاقصى لاعمار المقدسات الاسلامية صباح اليوم ما يزيد عن عشرين حافلة من الجليل والمثلث، حيث شدت الرحال الى باحات الاقصى المبارك، للحيلولة دون اقتحامها من قبل جماعة ما تسمى" بامناء جبل الهيكل" التي كانت المحكمة العليا الاسرائيلية قد سمحت لهم يوم امس بالدخول الى باحات الاقصى الشريف بعد قبول التماس تقدموا به بهذا الخصوص
وقال الشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الاسلامية داخل الخط الاخضر في حديث خاص لموقع" العرب" هذا الصباح:"لقد دعونا الجميع لشد الرحال الى المسجد الاقصى للحيولة دون دخول هذه المجموعة الارهابية اليهودية، وعلى المدى البعيد يبقى ردنا مواصلة مسيرتنا في اعمار المسجد الاقصى المبارك من خلال الاعمار المادي ومواصلة شد الرحال من خلال مسيرة البيارق"
واضاف الشيخ صلاح يقول:" في تصوري ان ما تم التخطيط له اليوم، خاصة انه ينسجم مع موقف الشرطة، جاء لصرف الانظار الاعلامية عن تورط كبار رجال الشرطة الاسرائيلية مع عالم الجريمة المنظمة
للاسف يتحول المسجد الاقصى المبارك الى قربان في هذا الموقف، يحاولون ان يستغلوا امكانية ادخال هذه الجماعات المتطرفة وافتعال حدث اعلامي جديد طامعين ان يغطي عن ما هم فيه الان من ازمة باتت تهز ثقة الجمهور اليهودي بشكل خاص بجهاز الشرطة"
وفي رد على سؤال اخر لموقع"العرب" فيما اذا كان المرابطون في باحات الاقصى سيصدون اي محاولة للاعتداء عليه قال الشيخ صلاح:" تواجدنا في الاقصى المبارك سيستمر الى ماشاء الله وقد نضطر ان نبقى حتى صلاة العشاء وبطبيعة الحال ان تواجدنا هو عبارة عن رسالة واضحة اننا لا نوافق باي حال من الاحوال على الاقتحام القهري للمسجد الاقصى المبارك من قبل هذه الجماعات اليهودية الارهابية
وكان موقع القناة السابعة التابعة لليمين الاسرائيلي المتطرف قد نشر بيان ذكر فيه ان قائد شرطة القدس " إيلان فرانكو " دعا الجمهور الاسرائيلي الى الصعود الى القدس بجماهيرهم فيما يسمونه "يوم القدس" ، وهو اليوم الذي يحتفل فيه الاسرائيليون باحتلالهم للقدس عام 1967
وفي الخبر نفسه اورد الموقع ان فرانكو قال " في شبه نصيحة " لأعضاء جماعة " امناء جبل الهيكل " انه من المفضل ان "يدخلوا " المسجد الاقصى في ساعات الصباح الباكرة نحو الساعة التاسعة"
كما أورد الخبر ان من الفعاليات التي ستنظمها جماعة ما يسمى بـ " امناء جبل الهيكل " هو اقامة اعتصام في ساحات البراق بين الساعة في ساعات الظهيرة
مجسم للهيكل المزعوم
الهيكل المزعوم
يشغل الهيكل مكانة خاصة في وجدان اليهود الآن؛ إذ يعتبر أهم مبنى للعبادة حسب زعمهم، فقد مرَّ هذا الهيكل بعدة مراحل زمنية، وتبدأ قصته بأساطير حول كيفية بنائه، وتنتهي بخرافات مخلوطة بالحقائق حول طريقة ووقت إعادة بنائه
"الهيكل" في العبرية "بيت همقداش"، أي بيت المقدس أو "هيخال" وهي تعني البيت الكبير في كثير من اللغات السامية، ويقصد به مسكن الإله
وكان التصوّر عند اليهود أنه في مركز العالم بوسط القدس الواقعة بمركز الدنيا (فقدس الأقداس الذي يقع في وسط الهيكل بمثابة سُرَّة العالم، وأمامه حجر الأساس: النقطة التي خلق الإله العالم عندها، والهيكل هو كنز الإله أثمن من السموات والأرض، بل إن الإله قرَّر بناء الهيكل بكلتا يديه قبل خلق الكون)
وترجع قصة الهيكل إلى قديم الزمان؛ إذ كان العبرانيون يحملون تابوت العهد الذي يوضع في خيمة الشهادة أو الاجتماع، ومع استقرارهم في كنعان قدَّموا الضحايا والقرابين للآلهة في هيكل محلي أو مذبح متواضع مبني على تلٍّ عال
ظهرت مراكز العبادة الإسرائيلية في أماكن مختلفة، ولكن لم يصل لمرتبة المركز الديني الذي تجتمع عليه القبائل العبرانية المتناثرة، إلى أن قام نبي الله داود عليه السلام بشراء أرض من "أورنا" اليبوسي ليبني عليها هيكلاً مركزيًّا
وتولَّى ابنه سليمان عليه السلام مهمة البناء التي أنجزها من الفترة 960 - 953ق
م؛ ولهذا سُمِّي "هيكل سليمان" أو "الهيكل الأول"، وحسب الزعم اليهودي قام سليمان ببناء الهيكل فوق جبل موريا جبل بيت المقدس أو هضبة الحرم التي يوجد فوقها المسجد الأقصى وقبة الصخرة، ويشار إلى هذا الجبل باسم "جبل الهيكل"، وهو بالعبرية "هارهابيت" جبل البيت (بيت الإله)
وقد كرَّس سليمان جزءاً كبيرًا من ثروة الدولة والأيدي العاملة فيها لبناء الهيكل، وبعد الانتهاء منه قامت عدة ثورات انتهت بانقسام مملكة سليمان إلى مملكتين صغيرتين، وبناء عدة هياكل في أماكن متفرقة، وهو ما شتَّت مركزية العبادة، وأفقد الهيكل كثيرًا من أهميته، وهجم فرعون مصر "شيشنق" على مملكة يهودا، ونهب نفائس الهيكل، كما هاجمه "يو آش" ملك المملكة الشمالية ونهبه هو الآخر، وقد هدم "بُخْتَ نَصَّر" البابلي هيكل سليمان عام 586م، وحمل كل أوانيه المقدسة إلى بابل
ومع هدم هيكل سليمان قام "زروبابل" أحد كبار الكهنة الذين سمح لهم الإمبراطور الفارسي "قورش" بالعودة إلى فلسطين بإعادة بناء الهيكل في الفترة 520 - 515ق
م، أي في أربعة أعوام، ولم يكن في عظمة هيكل سليمان، ومعظم الباحثين يميلون إلى القول بأنه لم يختلف كثيرًا عن الهيكل الأول في بنيته، ويعود هذا إلى أنه حينما هاجم "بخت نصر" الهيكل لم يهدمه، وإنما نهبه وأحرقه، فتآكلت الأجزاء الخشبية من البوابات والأسقف والحوائط، أما بقية الهيكل المعماري فقد بقيت كما هي، وقد لَعِب هذا الهيكل مثله مثل سابقه دورًا أساسيًّا في إسباغ شرعية على فئة الكهنة التي صارت الفئة الإدارية الأساسية في مقاطعة يهود أو"يهودا" الفارسية، واكتسبت النخبة الكهنوتية والعبادة القربانية (المعتمدة على تقديم القرابين) أهمية خاصة، إلا أن هذا الهيكل تعرَّض للنهب من قبل "أنطيوخوس" الرابع في القرن الثاني قبل الميلاد، وبنى فيه مذبحًا لزيوس "الإله الأب عند الإغريق"، ثم تلاه بومبي الإمبراطور الروماني، وبعده نهبه براسوس أيضًا
جزء اخر من مجسم الهيكل المزعوم
هيكل هيرود الثاني
هو الهيكل الذي بناه الملك "هيرود" (27 ق
م) الذي عيَّنه الرومان حاكمًا يحمل لقب "ملك"، ويشار إلى هذا الهيكل بأنه "الهيكل الثاني"
وترجع قصة الهيكل الثاني إلى أنه حينما اعتلى هيرود العرش وجد هيكل "زروبابل" متواضعًا للغاية، فقرر بناء هيكل آخر لإرضاء اليهود
وبدأ في بنائه عام 20 - 19ق
م، فقام بهدم الهيكل القديم، واستمرَّ العمل في البناء وقتًا طويلاً فمات دون إتمامه، واستمر البناء حتى عهد "أجريبا الثاني" (64م)، وكانت لا تزال هناك حاجة إلى اللمسات الأخيرة عندما هدمه "تيتوس" عام 70م
ويفوق الهيكل الثاني الأول في المساحة، فقد وسَّع هيرود نطاق الهيكل بسلسلة من الحوائط مكونة من صفَّين من الأعمدة طولهما (5
50) ويمكن الوصول إليه من عبر بوابات وأربعة جسور
الهيكل الثالث
وهو مصطلح ديني يهودي يشير إلى عودة اليهود بقيادة الماشيح إلى صهيون؛ لإعادة بناء الهيكل في آخر الأيام، ويذهب الفقه اليهودي إلى أن الهيكل الثالث لا بد أن يُعاد بناؤه، وتقام شعائر العبادة القربانية مرة أخرى، فقد تمَّ تدوين هذه الشعائر في التلمود مع وصف دقيق للهيكل، ويتلو اليهود في صلواتهم أدعية من أجل إعادة البناء، والآراء تتضارب مع هذا، حول مسألة موعد وكيفية بناء الهيكل في المستقبل، والرأي الفقهي اليهودي الغالب أنه يتعين عليهم الانتظار إلى أن يحلَّ العصر المشيحاني بمشئية الإله، وحينئذ يمكنهم أن يشرعوا في بنائه، ومن ثَم يجب ألا يتعجَّل اليهود الأمور ليقوموا ببنائه، فمثل هذا الفعل من قبيل التعجيل بالنهاية
ويذهب موسى بن ميمون إلى أن الهيكل لن يُبْنى بأيدٍ بشرية، كما ذهب راش إلى أن الهيكل الثالث سينزل كاملاً من السماء، ويرى فقهاء اليهود أن جميع اليهود مدنَّسون الآن بسبب ملامستهم الموتى أو المقابر، ولا بد أن يتم تطهيرهم برماد البقرة الحمراء، ولما كان اليهود (جميعًا) غير طاهرين، وحيث إن أرض الهيكل (جبل موريا أو هضبة الحرم) لا تزال طاهرة، فإن تحول أي يهودي إليها يُعَدّ خطيئة، ويضاف إلى هذا أن جميع اليهود حتى الطاهر منهم يحرم عليه دخول قدس الأقداس الذي يضم تابوت العهد؛ لأنه أكثر الأماكن قداسة حتى لا يدوسوا على الموضع القديم له عن طريق الخطأ، وفي الفقه اليهودي كذلك أن تقديم القرابين أمر محرم؛ لأن استعادة العبادة القربانية لا بد أن يتم بعد عودة الماشيح التي ستتم بمشيئة الإله