* رؤوسنا قد أصابها الدوار من كثرة الكلام والتكرار وفشل محاولة إعادة المسار إلى طاولة الحوار
عجبت لطاولة المفاوضات التي أبت جميع المداولات والمحاولات , أن تلمّ شمل الفلسطينيين والأسرائيلين لجمعهم حولها في محاولة للتوصل والخروج " باتفاق مناسب " ينهي مأساة الفلسطينيين اللاجئين منهم والقاطنين ولحل مشكلة الشرق الأوسط
رغم علمي الثابت بأنها طاولة فارهة , تضم أطيب أصناف الطعام وألذ أنواع المُدام , ولكن قد يعتريها عيب شرعي , وإن كان فرعي , طولها وكبر حجمها مما يجعل من الصعوبة أن يسمع المتحاورون , لأصوات الذين على الطرف الآخر جالسون , وهم في ذلك معذورون , فللأُذن طاقتها المحدودة لاستراق السمع
كذلك هناك سبب آخر يجعل المفاوضين من كلا الطرفين , أن ينفر من لقاء الطرف الآخر رغم سنين المداولة التي جمعتهم تلك الطاولة وهو(
) ولكن , كبر حجمها وبُعدهم عن بعضهم أفقدهم الحميمية, مما أفقد المفاوضات النجاح بالحتمية
وبما أن رؤوسنا قد أصابها الدوار , من كثرة الكلام والتكرار , وفشل محاولة إعادة المسار , إلى طاولة الحوار , على حين غرة , طرأت لي فكرة , اللجوء لسجادة أبو فليحان
ماذا أقول عن سجادة أبو فليحان , فلا المكان ولا الزمان يسعفاني على إيفائها حقها من المديح ولا ذكر المحاسن , ولا جمالها ولا سرد المفاتن
هذه السجادة يا سادة يا كرام
اعتاد أبو فليحان أن يفرشها يوميا أمام منزله , ليلتئم حولها رجالات الحي , لتناول القهوة , وتبادل الأخبار , مما حدث وجرى في الديار , البعيدة كل البعد عن المشكلات السياسية , ولكنها شهدت أكبر من ذلك بكثير , فقد ساهمت تلك السجادة بحلّ الكثير من النزاعات الحدودية بن أهالي القرية
دائما ما يجلس على تلك السجادة , أي خصم اعتدى على حدود مزرعة جاره ليتم تنبيهه وتوبيخه بنفس الوقت , ليعود لرشده والطريق القويم , فتكون المشكلة منتهية قبل آذان العشاء ليذهب الجميع للمسجد وقد حُلّت المشاكل بدون بهرجة إعلامية وضجة صحافية
كذلك تستخدم بعد صلاة العشاء , وبعد أن يخلد كبار السن للنوم , في حل النزاعات الشبابية كاستخدام العنف في مباراة كرة القدم أو لأشياء أخرى
ويكفيها فخرا أنها شهدت نهاية النزاع الشهير بين واعد وراكد , أكبر مصدرين للمشاكل في قريتنا
قد يتساءل أحدهم عجبا , ما سبب نجاح المفاوضات على سجادة أبو فليحان دون سواها من الطاولات ؟ طبعا لا توجد علاقة بين صغر حجمها الذي جعل المفاوضين قريبين من بعضهم , ولا شيء من الأمور الأخرى التي قد تؤثر في العقل أو في المنطق والنقل
ولكن تميزت بجدية المفاوضات , ورغبة جميع الأطراف في حل النزاع الذي بينهم , كذلك عدم وجود الوسطاء والوجهاء فكلٌ يمثل نفسه
قد أكون أصبت في اقتراحي لتحديد مكان لحل نزاع الشرق الأوسط , طبعا بعد موافقة الأطراف المتنازعة " المتفاوضة المتحاورة " على المكان , لكن تبقى معضلة , موافقة أبو فليحان بالسماح للمتفاوضين استخدام سجادته , لمعرفتي أن أبو فليحان لن يسمح يوما أن تُدنّس سجادته مهما كانت المغريات