الكتاب خير جليس لكل زمان ومكان، لكن هذه القيمة المعرفية والإنسانية باتت تشهد تراجعاً مؤلماً بين الكبار عامة وجيل الشبيبة، وإذا كان الحديث عن ثقافة الكتاب عند الطفل فالاولى أن تكون أفضل وذلك يعود للعائلة المحتضنة له حيث يلقى اللوم بأن حركة التأليف ضئيلة وثمة مشاكل في النشر وثمة حالة اقتصادية عامة متردية لا تشجع على المطالعة بالإضافة لانعدام التنمية الثقافية وكل ذلك يدفع مبرر بدون رصيد.
وأصدر سليم نفاع مدير المكتبة العامة في مدينة شفاعمرو العامة والذي يعمل مديراً للمكتبة منذ 30 عاماً هذا الاسبوع خلاصة توجهه للأطفال
من خلال باكورة عمله الادبي للأطفال بقصة جميلة جداً تحت عنوان" هيثم يعود للكتاب" وهو من تأليفه ورسومات هيفاء قبلان وتدقيق لطفي منصور واصدار مركز أدب الاطفال في بيت بيرل.
ويقول سليم نفاع : يسرني ان اقدم باكورة اعمالي الادبية "هيثم يعود للكتاب" وهو كتاب للطفل عبارة عن خلاصة تجربة ذاتية تهدف الى تشجيع وتعميق القراءة والمطالعة في مجتمعنا العربي.
والكتاب يناقش مسألة في غاية الاهمية وهي ابتعاد مجتمعنا عن القراءة والمطالعة وذلك كما دلت عليه الدراسات والابحاث في السنوات الاخيرة ومنها ما قام به البروفيسور ماجد الحاج.
القراءة عادة حسنة
ويصل الكتاب الى بعض النتائج من اهمها ان القراءة عادة حسنة بامكاننا ان نغرسها بسهولة لدى ابنائنا منذ نعومة اظفارهم وذلك في الدعم والتشجيع والقدوة الحسنة في البيت والمدرسة ولا يمكن لكل الوسائل التكنولوجية الحديثة ان تشكل البديل او ان تستحوذ على وقت قارئ تعود منذ صغره على القراءة فهما يسيران جنباً الى جنب ويكملان بعضهما بعضاً.
هذا وسبق ان بادر مدير المكتبة العامة سليم نفاع باقامة العديد من المشاريع لتشجيع القراءة ومنها مشروع سنة القراءة والمطالعة وفعاليات عديدة اخرى تهدف لغرس ثقافة المطالعة و حب القراءة لدى الطفل كي يتمكن من الاطلاع على مختلف العلوم والمعارف عن طريق التثقيف الذاتي في مكتبته الخاصة وتوعية الطفل بدوره في المجتمع فأي مجتمع لا يرتقي إلا بنواته الأولى وهم الأطفال
ومساعدة الطفل على استغلال نشاطه اليومي الفعال، والاستفادة من أوقات الفراغ مما يضفي مزيداً من سعادة الطفل ورفاهيته وتنمية إمكانات الطفل وقدراته على الإبداع والتذوق الأدبي والفني في مقارنة مع ما يقرأه الاطفال في العالم.
الطفل العربي الاقل مطالعةًًًًًً في العالم
ويبقى الطفل العربي الأقل قراءة، حيث يشير الكثير من الباحثين وعلماء الاجتماع إن علاقة الطفل بالكتاب في مجتمعنا هي علاقة مخيبة للآمال و محبطة، لا بل يكاد يكون ثقافة المطالعة شبه معدومة، ووفق دراسات اليونسكو لا يزيد الوقت المخصص للقراءة الاطلاعية للطفل العربي (بدون احتساب أوقات القراءة المدرسية)، عن ست دقائق في العام!! أما الكتب والمطبوعات المخصصة للطفل، فهي لا تتجاوز 400 كتاب في العام، وهو رقم هزيل مقارنة بالأرقام الخيالية والتي تتحدث عن ان الاطفال في العالم يقرأون مئات الكتب ،وفي المقابل يعدّ معدل ما يقضيه الطفل العربي أمام التلفاز وأجهزة الكمبيوتر أعلى مما هو عنه الطفل الأمريكي والأوروبي عامة.
الحاسوب ام التلفاز ام الكتاب
ويتسائل سليم نفاع أيهما أفضل الكتاب أم وسائل الترفيه الأخرى بالنسبة للأطفال؟
ومن ثم يجيب: الجواب بديهي في هذا السؤال ولكن ماذا لو سألنا أين الكتاب من الوسائل الأخرى؟ فإن النتيجة إن معظم المدارس في مختلف البلاد العربية لديها مكتبة مدرسية أكل الدهر على كتبها وشرب، نتيجة العجز الفكري في التعامل مع الكتاب كوسيلة معرفية أخرى، وبالمقابل كل المدارس تركز على تدريس مادة الكمبيوتر وكون هذه الوسيلة لغة العصر وتخصص لها حصصاً في الأسبوع وأما التلفزيون فبات جليس معظم الأطفال وأما الكتاب فتناسته الجهات المسئولة التي لا تجيد التعامل مع الكتاب فكيف ستلقن ثقافة المطالعة عند الأطفال ونفس الثقافة ملغية من أجندة المسئولين وصناع القرار.
عطلة شهرين بالانتظار
وفي ظل خروج اطفالنا الى عطلة رسمية تمتد لشهرين كاملين فإن السؤال ما هية الكتب التي يمكن لاطفالنا ان يقرأوها ويستفيدوا منها وفيما إذا كان بالامكان للاهل أن ينموا تلك الموهبة لدى ابنائهم وأن يحموهم من غزو التلفزيون ومخلفاته السلبية وكذلك الكمبيوتر، والبديهي طبعاً حينما يترعرع الطفل ويشعر بالدفء الإنساني المحيط به ويصبح الكتاب جزأ من حياته نتيجة تشجيع الأهل والمؤسسات التربوية التي تهتم باحتياجاته وتسعى لتطويره،هكذا فقط ستكون في القائمة الأولى المستفيدة فهي ستكون من زرعت حب القراءة عند الطفل، وهي من لقنته الدرس الأول، إن الكتاب خير جليس وأوفى الأصدقاء، وهي ستحصد ثمار ما زرعته في طفل سينضج مبكراً، ويكون له الدور الفاعل في المستقبل القريب والبعيد، ومن ثم كلما كان الأهل من المهتمين بالكتاب والقراءة كان الطفل كذلك، وسيكون نفس الطفل إيجابياً ومؤثراً ، لذا الاهتمام بالعوامل المشجعة للمطالعة عند الطفل كوجود مكتبة أو رفوف مخصّصة للكتب سيكون حافزاً على جعل الطفل يتطلع لأن يكون قارئاً جيداً وعاملاً فاعلاً لنشوء علاقة صداقة حميمة بين الكتاب والطفل، حينها سيتحول الكتاب إلى خير رفيق للكبار والصغار معاً.
ماذا يكسب الطفل من المطالعة
ويخلص نفاع بالقول أن الخطوة الأهم في موضوع المطالعة هو أن نتيح لهم الفرصة للإسهام في هذه العلاقة بطريقة شاملة وظاهرة، وعلى الجميع مساعدة الطفل في أن يدرك أهميته هو تجاه الكتاب وأهميته الكتاب أيضاً في حياته دائما، و نشعر طفلنا بذلك ونعلمه فنون ثقافة التفاعل مع شخوص الكتاب، ونلقنه الأسس الصحيحة في كيفية تدوين أي معرفة يحصل، عليها أو أي ثقافة يكتسبها من هذا الكتاب أو ذاك، ونفهمه ثقافة التروي في تقليب الصفحات، ونتروى نحن الكبار أيضا فالموضوع يحتاج لصبر ومثابرة وفهم كامل لاحتياجات الأطفال والثقافة التي تناسبهم، وعندها سنزيد من الحصيلة اللغوية وإكثار المفردات عنده كذلك تنمية مداركه وتوسع خياله وتدفعه لأسئلة كثيرة تزيد من نضوجه واضطلاعه، وتساهم المطالعة في غرس القيم عنده وتعلمه السلوك الهادئ المحبب، كذلك تزيد من تحصيله العلمي وتكسبه شخصية مميزة بين أقرانه الأطفال، من خلال ثقته المبكرة بنفسه وتكسبه احترام الآخرين له، ويتيقن حينها إن الكتاب الذي هو خزان المعرفة البشرية، وخير جليس من الأصدقاء ومن الكمبيوتر والتلفزيون الذي بات يفرض نفسه على اهتمامات معظم الأطفال.