إلى روح أخي وصديقي العزيز الذي لم ولن أجد له مثيل أمير طه عبد الحليم
ويلنا من صدمة لم نفق منها بعد
ويلنا من حقيقة لم نستطع تصديقها قط
ويلنا من لوعة فراق أخ كان سندا لنا في كل وقت
آه لو أن الدموع ستغير من الواقع بشيء
لكان تغير فقد ذرفنا من الدموع بحار
هذه الليلة الخامسة تقضيها وحيدا داخل تلك الحفرة الموحشة، ونحن نقف عاجزين عن مؤانستك، مع أنك كنت دائما لنا خير ونيس
يا إلهي ما أصعب تصديق ذلك!!!!
لقد مر الموت من بين البساتين واقتطف أجمل وأغلى زهرة ورحل
آه كم من الفراغ تركت داخل كل واحد فينا يا أعز وأغلى أخ وصديق
ذهبت وأخذت معك من عيوننا البريق
رحلت وبرحيلك لم يعد لدينا مثيلك رفيق
ليتك تعود وتنظر إلى وجوهنا لترى كم هي شاحبة وذاهب عنها النور
منذ اللحظة التي فارقتنا فيها روحك وانتقلت الى جوار ربها الغفور
كيف لنا أن ننسى صاحب أكبر وأطيب قلب عرفناه؟!!
أين سنجد لهذا القلب مثيل؟!!
كنت مثلنا تأكل وتشرب وتضحك، وفجأة!!!
لم يعد لك وجود، بسرعة رهيبة، خلال ثوان معدودة
رحلت عن هذه الدنيا بكل هدوء وحتى دون وداع
تحولت إلى جثة هامدة وأنت في عمر الزهور
كنت دائما أقول لك بأنه سيأتي اليوم الذي ترى فيه الوجه الآخر للحياة، وجه بعيدا عن الحزن والدموع والعذاب
لم أكن أعلم ولم أكن أتوقع بأن القدر لن يمهلك لتعيش هذا اليوم
أخذك من بيننا دون سابق إنذار
خبر وفاتك كان فاجعة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، ارتجفت اجسادنا ذعرا، احترقت قلوبنا حزنا وبكت عيوننا قهرا
يا له من منظر حارق قاتل للقلوب، منظر جنازة ونعش يصعب علينا تصديق أنك أنت من في داخله
لا زال لدينا أمل بأن نستيقظ من هذا الحلم، ونجدك بيننا لا زلت حيا، ولم تتركنا وترحل
لم تترك فلذات أكبادك وأهلك ومحبيك وترحل
آآه كم كانت الحياة قاسية عليك
آآه كم من العذاب على يديها رأيت
آآه كم من الصبر صبرت
أسأل الله تعالى أن يجزيك صبرك خيرا، وأن يكون اختار لك الأكثر خيرا، ونقلك إلى حياة أفضل، خالية من المشاكل والعذاب، حياة آخرة لا يوجد بعدها حياة، حياة لا ترى عيونك بها إلا السعادة والهناء، وأن يجمعنا وإياك بالأنبياء الصالحين
لن أنسى كل لحظة وهبتني اياها من عمرك لتقف إلى جانبي وتمد لي يد العون والمساعدة ما حييت، والان لم يعد باليد حيلة ولن أستطيع مساعدتك ومد يد العون لك إلا بالدعاء الصالح
وحق لك علينا جميعا بأن لا ننساك بالدعاء:
اللهم أعنه على الموت وكربته، وعلى القبر وغمته، وعلى الميزان وخفته، وعلى الصراط وزلته، وعلى يوم القيامة وروعته، اغفر له مفغرة عزما، لا تغادر ذنبا، ولا تدع، كربا، أغفر له جميع ما افترضت عليه ولم يؤده إليك، أغفر له جميع ما تاب إليك منه ثم عاد فيه
اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه واكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وأبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله، وزوجا خيرا من زوجه، وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار
اللهم أسلمه إليك الأشحاء من أهله وولده، وقرابته وإخوانه، وفارق من كان يحب قربه، وخرج من سعة الدنيا إلى ظلمة القبر وضيقه، ونزل بك خير منزول به، إن عاقبته فبذنب، وإن عفوت عنه فأنت أهل العفو، أنت غني عن عذبه، وهو فقير إلى رحمتك، اللهم اشكر حسنته، وإغفر سيئته، وأعذه من عذاب القبر، واجمع له برحمتك الأمن من عذابك، واكفه كل هول دون الجنة، اللهم اجعل قبره روضة من رياض الجنة ولا تجعله حفرة من حفر النار، اللهم أخلفه في تركته في الغابرين، وارفعه في عليين، وعد عليه بفضل رحمتك يا أرحم الرحمين
وإلى جميع الأخوة أقول لكم:
"اتقوا الله وكونوا من الدنيا على حذر، فإن الدنيا لو بقيت على أحد، أو بقي عليها أحد، لكانت الأنبياء أحق بالبقاء، وأولى بالرضاء، وأرضى بالقضاء، غير أن الله تعالى خلق الدنيا للفناء، فجديدها بال، ونعيمها مضمحل، وسرورها مكفهر، والمنزل تلعة، والدار قلعة، فتزودوا، فإن خير الزاد التقوى
واتقوا الله لعلكم تفلحون"
رحمك الله يا أخي العزيز وأسكنك فسيح جناته ورزق أهلك وجميع من عرفك الصبر والسلوان