*بركة: هذا نتاج عقلية الخصخصة وتحويل التعليم العالي إلى قطاع استثماري
*محاضرون يقلصون المادة التعليمية الامتحانات لتشجيع الطلاب على الانضمام للدورات
* النائب بركة بادر لبحث برلماني في قضية إغلاق الكليات الأكاديمية لمواضيع إستكمالية لأسباب ربحية
*صورة قاتمة تظهر في الجلسة: محاضرون لمواضيع إستكمالية يتقاضون رواتب تصل شحيحة واقل من الحد الأدنى للرواتب
بحثت لجنة التربية والتعليم البرلمانية هذا الأسبوع، وبمبادرة من النائب محمد بركة، رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، قضية مبادرة كليات أكاديمية لإغلاق مواضيع إستكمالية للمواضيع الأساسية، بحجة عدم وجود الحد الأدنى من الطلاب، مما يؤدي إلى حرمان جزء كبير من المحاضرين من العمل.
وفي عرضه للقضية امام اللجنة، قال النائب بركة، إن مسألة الحد الأدنى من عدد الطلاب لكل موضوع استكمالي لا يمكن فمهمة، لأن هذه الكليات ترفع سنويا الحد الأدنى من عدد الطلاب لأسباب اقتصادية، مما يضطر الطلاب للبحث عن بدائل ليس بالضرورة تخدم موضوعهم التعليمي، كما ان جزءا كبيرا من المحاضرين يبقون خارج الإطار التعليمي عاطلين عن العمل، أو يعملون جزئيا بأجور زهيدة لا يمكن أن تكفي الحد الأدنى من معيشتهم.
وقال بركة، حسب المعلومات التي وصلتني، فحتى قبل سنوات قليلة جدا كان الحد الأدنى لمواضيع تعليمية في القضايا الاجتماعية والتربوية 15 طالبا، واليوم بات الحد الأدنى 25 طالبا، بمعنى أنه حتى حين ينتسب لهذا الموضوع عدد أكبر من الحد الأدنى السابق فإن الكلية ترفض فتح دورة.
وتابع بركة، هناك ظاهرة رهيبة جدا، وهو أن محاضرين جامعيين يعلمون في هذه الكليات على أساس اتفاقيات خاصة، ولكن على أساس حساب عدد الساعات التي يعلمها، يتقاضون رواتب الحد الأدنى، وليس من المستبعد أن نجد من بين العائلات التي فيها عامل واحد على الأقل وتعيش تحت خط الفقر، تكون عائلات لمحاضرين بحوزتهم اللقب الثالث (دكتوراة).
وعرض رئيس اللجنة البرلمانية رفولون أورليف معطيات تؤكد مسألة إغلاق المعاهد العليا الأبواب في وجه المحاضرين، إذ أن قال إن إسرائيل تقف في المرتبة الأولى من حيث معدل أعمار المحاضرين، فنسبة المحاضرين الذين معدل اعمارهم أكبر من 55 عاما تصل إلى 48% من مجمل المحاضرين، وتحتل المرتبة الثانية الولايات المتحدة، ولكن النسبة فيها 32% وفي المرتبة الثالثة استراليا 25%، وقال أورليف، إن البحوث العلمية تؤكد أن أوج العطاء للمحاضر هو في سنوات الأربعين من حياته.
وتبين خلال الجلسة من معطيات مجلس التعليم العالي أن عدد المحاضرين في الجامعات الإسرائيلية يتناقص على الرغم من ازدياد عد الطلاب، ففي العام 1990 كان في إسرائيل 3884 محاضرا، وفي العام 2000 حوالي 4700 محاضر، ولكن في العام الجاري هناك 4300 محاضر، وفي العام 1990 كان في البلاد محاضر لكل 16 طالبا جامعيا، أما اليوم فيوجد محاضر لكل 24 طالبا جامعيات.
وشارك في الجلسة عضو نقابة المحاضرين الجامعيين غير الثابتين د. عوفر كسيف وهو عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، الذي عرض صورة قاتمة لوضعية المحاضرين غير الثابتين في الكليات وقال إن هؤلاء يشكلون 80% من مجمل المحاضرين العاملين في الكليات ورواتبهم تحد بموجب الدورات التي يقدمونها، وعلى أساس اتفاقيات خاصة، ولهذا فإن الغالبية الساحقة جدا من هؤلاء المحاضرين يبقون في أشهر الصيف من دون راتب أو مدخول، وذكر مثالا أن محاضرا يحمل لقب دكتور يعمل في الكليات منذ 20 عاما، درج على أن يعمل في أشهر الصيف سائق تاكسي.
وقال كسيف، إن محاضرين لا يعرفون مصيرهم ليس فقط في العام الدراسي المقبل بل من فصل تعليمي إلى آخر، وقدم نموذجا لمحاضر حاصل على شهادة دكتورة من أرقى الجامعات البريطانية وحاضر لفترة في جامعة أميركية في الولايات المتحدة، يتقاضى في هذا الفصل التعليمي ألفي شيكل شهريا، بسبب إغلاق الكلية التي يعمل فيها لعد كبير من الدورات بحجة عدم وجود عدد كاف من الطلاب.
وكشف كسيف أيضا عن أن محاضرين بدأوا يحفزون الطلاب على الانتساب للمواضيع الإستكمالية التي يعلمونها، مثل تقليص المادة التعليمية وتسهيل طريقة الامتحانات.
وهذا وقال مدير عام مجلس التعليم العالي خلال الجلسة، إن هناك مفاوضات مع نقابة محاضري الكليات، ويجري التداول في طرق لتجاوز هذا الأمر، مثل السماح لطالب جامعي أن يستكمل نقاطه التعليمية من كليات وجامعات أخرى في البلاد، وليس فقط في الجامعة التي يتعلم فيها، وهذا أمر قائم في عدد من الدول.
وفي تلخيص الجلسة، دعا النائب بركة إلى عدم انتظار حلول قد يستغرق وقتا لتنفيذها، وأن تبادر وزارة التعليم ومجلس التعليم العالي للتدخل شخصيا لدى الكليات لتقليص هذه الظاهرة، ودعم المحاضرين في مفاوضاتهم لوزارة التعليم من أجل ابرام اتفاقية عمل جامعية، واستيعاب المحاضرين في قطاع التعليم ليعلموا وفق مؤهلاتهم وضمان مستوى معيشة تليق بالجهود التي بذلوها طوال سنين حياتهم.