ودعنا يوم الإربعاء الموافق 18
11
2009 الشيخ الجليل البقاعاوي الجليلي العربي الفلسطيني أبو نايف صالح سويد , إبن قرية البقيعة والتي قال فيها الشاعر :
أربع مِلل هالقريه بنوها وحيّوا بعضن وأرضن حموها
الطبيعه بالشتا إن زادت بنوّها الثلج دافي وعافه ع الهضاب
ربطتني بالمرحوم , ورغم التمايز في السن , علاقة حميمة جدا , علاقة زمالة في العمل النقابي في مجلس عمال مركز الجليل , تحولت الى علاقات أهلية حقيقية وبكل ما لهذه الكلمة من معنى عميق , وذلك لما كان بيننا من توافق وإنسجام في الفكر والعمل والممارسة وفي شتى المجالات
لذلك أرى واجبا عليّ أن أعطي هذا العم والشيخ الجليل ما يستحقه من ذكر لمناقبه وخصاله وإرثه الغنيّ بالمآثر والمواقف والبطولات , إذ ينطبق عليه بالتمام والكمال ما كتبه شاعر العروبة والإسلام شاعرنا الكبير أبومحمد سميح القاسم عن العشر قيم التي شكلت عبر التاريخ جوهر العروبة : الشجاعة , الكرم , الشهامة , الصدق , الإحسان , الإنصاف , الشرف , التواضع , النخوة والكرامة
وما هذا الذي أكتبه كرم مني أو من جيبي وإنما هذه هي صفات هذا الشيخ بحق وحقيقة , والذي في أوائل سنوات الخمسين كان من أول التقدميين والشيوعيين والوطنيين من الطائفة العربية الفلسطينية المعروفية , لا بل كان المرحوم الرفيق طيب الذكر ابوحيدر حسين خطار من يركا قد إنظم للحزب الشيوعي برعاية فقيدنا الغالي ابو نايف , حيث كانت تربطهم علاقات وطيدة وحميمة , وليس هذا فقط , فإن هذا الشيخ الجليل كان عنوان الكرم العربي والكرامة , وكان بيته مزارا للرفاق والوطنيين والناس الشرفاء من كل حدب وصوب , ومن هؤلاء وعلى سبيل المثال اميل حبيبي واميل توما وتوفيق زياد وتوفيق طوبي وجمال موسى وفيصل الحسيني وسميح القاسم ومحمد نفاع وأحرار الجولان السوري المحتل , لا بل كان يقولها وبدعابته المشهورة : " البيت مفتوح للأوادم وعلى طول
وإذا إجا واحد من الشين بيت لعندي بدعس على رقبتو "
أما من أهم ميزاته أنه كان وحدوي بحق وحقيقة , ليس فقط أنه ولا مرة في حياته إفتعل أي فتنة لا بل كان أكثر الناس ممن تصدوا بأجسادهم لأيّ فِعلة فتنوية , ويشهد على ذلك كل أهل بقيعة الصمود والشعراء , وبذلك جسد الحديث النبوي الشريف : " ليس منا من دعى لعصبية " , وبالفعل كان ملتزما بالآية الكريمة التي تقول : " والفتنة أشدُّ من القتل" , رحمك الله يا شيخنا الجليل , وكم نحن الآن بأمس الحاجة لأمثالك في زمن ممارسة ما يسمونه " الفتنة الخلاقة" ليجعلوها مشروع إستعماري عولمي جديد وخاص لشرقنا الغالي ولشعوبنا الإسلامية , تستثمر في تنفذيه مليارات الدولارات في سبيل تفتيت وحدة شعوبنا العربية والإسلامية في سبيل الإستيلاء على مقدراتنا ومستقبل شعوبنا وأجيالنا , وطنيتك وعروبتك مجبولة وممزوجة عضويا بقول الشاعر :
نحن المسمّى , والمسمّى واحدٌ
عربٌ
إذن فلتكثر الأسماءُ !
نعم نحن الآن بأمس الحاجة لأمثالك ولنضرب بيد من حديد فيروسات التزمت وطفيليات الفئوية وجراثيم الفتنة , " الفتنة نائمةٌ , لعن اللهُ من أيقضها" , ورحم اللهٌ شيخنا الذي كان عنوانا لمقاتلتها
وليس هذا فقط فإن شيخنا كان من الأوائل الذين بنوا مكتبة بيتية غنية ومميزة أسهمت إسهاما حقيقيا في تطوير الحركة الثقافية والمثقفين في البقيعة , وكما كان يتندر تجاهه بعض الشيوخ : " والله ابو نايف قِرا كتب ثُقلو" , وكان يشجع على القراءة والمطالعة وكأنه بالفطرة كان يدرك أنها الآن بالذات أهم شيئ عندنا كعرب , إذ أنه إتضح هذه الأيام أن معدل المطالعة للإنسان العربي 0
5 ساعة في السنة بينما الأوروبي 186 ساعة , وبالسياق في سنوات الخمسين فتح ابونايف مدرسة لتعليم العبرية لكل الشباب الذين لم تتوفر لهم الفرص في التعلم في الأطر المدرسية وغيرها , وبهذا سهل عليهم معاناة الحياة وأعبائها
بالأكيد الكثيرين سيدونون سيرة ومسيرة هذا النقابي والوطني والقيادي والشيخ , خاصة مواقفه الجريئة والمشهود لها وبها لمساندة أهلنا في الجولان السوري المحتل , وفي هذه العجالة نردد ونؤكد أن فقيدنا الغالي كان شجاع في السنان واللسان وبذكر مآثره وتراثه ورصيده نردد قول الشاعر :
يا بلادي خذي بكفي وقومي نتصدى للذئب والأفعوان
نذكر كل ذلك ليس فقط لنعطيه ما يستحقه من الوفاء ورد الجميل على كل مواقفه وبطولاته وتضحياته الجمة , وإنما لنستثمر هذه المآثر وهذا الإرث لرص الصفوف النضالية وتقوية القيم التي تحلى بها فقيدنا الغالي لما لها من حاجة وفائدة
رحم الله فقيدنا وأسكنه فسيح جناته