الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 14 / نوفمبر 16:02

في رحاب الهجرة- بقلم: ابو وهيب

كل العرب
نُشر: 14/12/09 14:24,  حُتلن: 15:01

* المهاجرون والأنصار تآخوا فكان لهم ما لهم وعليهم ما عليهم فأحب الله الأنصار وأحب الرسول صلى الله عليه وسلم الأنصار فكان يدعوا لهم اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار

هي هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة الى المدينة والتي سطّر من خلالها التاريخ الأيام والشهور فهو الشهر الأول من السنة الهجرية محرم فالشهور اثنا عشرة شهرا ومنها أربعة حرم وهي كالتالي:
محرم, صفر, ربيع الأول, ربيع الثاني, جمادي الأول, جماد الثاني,رجب, شعبان, رمضان, شوال,ذو القعدة, ذو الحجة


والأربعة الحرم هي: ذو القعدة , ذو الحجة ومحرم ورجب

بقوله تعالى (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم)


ويقول عليه الصلاة والسلام "ألا إن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السماوات والأرض فلا تظلموا فيهنّ أنفسكم" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم


إن أول من فرّ وهاجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق رضي الله عنه فكانت بداية هجرتهم من مكة إلى غار ثور وهذا الغار يقع جنوب مكة فرّ إليه الرسول صلى الله عليه وسلم من كفار قريش لتمويههم


يقع هذا الغار جنوب مكة, والمدينة هي شمال مكة وكانت اسماء بنت ابي بكر رضي الله عنهما تأتي الى الغار بالخفية بالمأكل والمشرب للرسول صلى الله عليه وسلم ووالدها ابو بكر وكانت تخبئ الطعام تحت طيات ثوبها لهذا سمّيت بذات النطاقين رضي الله عنها وأرضاها


ليتحقق قول الله تعالى في سورة التوبة:
(إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين اذ هما في الغار اذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا فانزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا هي السفلى وكلمة الله العليا والله عزيز حكيم)


قالها أبو بكر للرسول صلى الله عليه وسلم لو نظر أحدهم إلى قدميه لرآنا فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بالك باثنان الله ثالثهما


بعد هذا الحدث بأيام قليلة هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين بايعوه على الهجرة الى المدينة المنورة ومنهم عبد الله ابن رواحة وغيرهم من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم والأجر جنة الله تعالى


فبايعوه وقال له عبد الله ابن رواحه والله لا نقيل ولا نستقيل لتتحقق من الله تبارك وتعالى البشارة بالرحمة والرضوان والنعيم المقيم بقوله تعالى:
(الذين آمنوا وهاجروا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله واو لائك هم الفائزون* يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنة لهم فيها نعيم مقيم)

وما اقتصرت الهجرة على الرجال فحسب بل على النساء أيضا منهن أسماء زوجة الزبير رضي الله عنهما وكانت حاملا وضعت مولودها عبد الله ابن الزبير على مشارف المدينة فهو المهاجر الوحيد الذي كان جنين في بطن أمه


ولما وُلد حملوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلّلين ومكبّرين لرب العالمين

عبد الله ابن الزبير الذي جاهد بالله حق جهاده في أفريقيا والأندلس والقسطنطينيّة كان بطل من ابطال الفتوحات لمّا قتل قائد وملك البربر


إنها مدرسة الهجرة تخرّج منها هؤلاء الأبطال الذين لم يبدّلوا تبديلا هم المؤمنون والمهاجرون والمجاهدون بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله تركوا البيت والأبناء والعشيرة والزوجة وكل متاع الدنيا ليتحقق فيهم قول الله تعالى:
(إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولائك بعضهم أولياء بعض والذين لم يهاجروا ما لكم من ولايته من شيء حتى يهاجروا و إن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلاّ على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير)


إن كل من شهد بان لا اله إلا الله ومحمد رسول الله انخلع من الولاء للأسرة والعشيرة والجاهلية المتمثّلة في قريش بالتعصّب القبلي الجاهلي فكان ولائهم وإنقيادهم لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم


للتجمّع الصغير آن ذاك الذي بدأت نشأته من دار ابن الأرقم إلى أيّامنا هذه أصبح المجتمع الجاهلي يخاف ويهاب الخطر الجديد الوليد بقيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا المجتمع الذي آخى بين التجمع الإيماني والإسلامي


قالها أهل المدينة بعبارة صادقة للمهاجرين لكم ما لنا وعليكم ما علينا قاسموهم البيوت والميراث والزوجات وغيرها


استنصروهم في الدين فكان بعضهم أولياء بعض


وعن ابن عباس رضي الله عنه قال:
بُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم لأربعين سنة يوحى إليه وتوفّي وهو ابن ثلاثة وستون سنة وقد مكث في الهجرة عشر سنين ولما دخل المدينة استقبلوه أهلها بأنشودة طلع البدر علينا من ثنيات الوداع فدخل المدينة داعيا اللهم أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا صلوات ربي وسلامه عليك يا رسول الله


إنها المدينة, وطيبة, ويثرب, ودار السلام, والمغفرة, والرضوان, والإسلام, والرزق الكريم, والروضة, والحسنة, كلها أسماء المدينة المنورة ولما خرج من مكة قال والله انك لأحب بلاد الله علي ولولا أنّ اهلك أخرجوني لما خرجت


فتآخى المهاجرون والأنصار فكان لهم ما لهم وعليهم ما عليهم فأحب الله الأنصار وأحب الرسول صلى الله عليه وسلم الأنصار فكان يدعوا لهم اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار فكانوا أولياء بعضهم لبعض

مكث الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة ما يقارب عشرة سنين حتى أن عدّ العدّة ورجع إلى مكة فاتحا بإذن الله تعالى


إن حدث الهجرة حدث تاريخي فيه معاني كثيرة إن هذا الحدث بداية نشأة الدولة الإسلامية والمجتمع المسلم فيجب علينا ربط هذا الحدث في قلوبنا حتى نجعل كل أيّامنا وحياتنا هجرة إلى الله تعالى


المسلم يشهد بالتوحيد فهو مهاجر إلى الله تعالى ويصوم ويزكي ويحج البيت فهو ايضا مهاجر الى الله وكل يوم لا يعصي الله فيه فهو مهاجر الى الله يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويموت في سبيل الله او يُقتل فهو مهاجر الى الله


(والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنّهم الله رزقا حسنا وان الله خير الرازقين ليدخلنّهم مدخل يرضونه ان الله لعليم حليم)

نسال الله ان نكون من المهاجرين إلى الله حتى يرزقنا الله الرزق الحسن والمدخل الذي يرضاه الله حتى نفوز بجنة عرضها السماوات والأرض وكل عام والجميع بخير

 

مقالات متعلقة

.