* المطران عطا الله حنا :
- العلاقة بين الإسلام والمسيحية في الشرق العربي نضَّجتها القرون وتاريخ طويل مشترك
- المسيحيين في هذا المشرق العربي هم جزء أصيل من الأمة العربية وليسوا من مخلفات أي نوع من الأستعمار
- نحن نساند كل سعي لمقاومة كل نوع من أنواع الاستعمار الحديث، ولكن بصورة واعية، وبرص الصفوف، وليس بطرق الفتنة
وصل لموقع العرب رسالة من المطران عطاالله حنا الى العالم الأسلامي وذلك بعد الاحداث الاخيرة التي شهدتها مصر في اعقاب اعتداء على بعض المسلمين على بعض المسيحيين الاقباط .
نص الرسالة:
إلى الإخوة والأصدقاء الأعزاء المسلمين ,من أخ لكم مسيحي، المطران عطاالله حنا،من القدس الشريف قلب العالمين المسيحي والمسلم ,تحية وبركة ورحمة منه تعالى لنا ولكم جميعا.
سمعتم كما سمعنا بما حدث في أرض مصر الطيبة من اعتداء بعض المسلمين على بعض المسيحيين. وذلك في يوم عيد الميلاد المجيد، بعد خروج الناس من الصلاة ممتلئين بفرح العيد ونعمته، إذ تصدى لهم نفر من المسلمين فاعتدوا على إخوة لهم من بلدتهم، وكلهم مصريون من مصر النيل نفسها المحتضنة لجميع أبنائها مسيحيين ومسلمين. تم الاعتداء في يوم فرحة العيد فقتل مسيحيون سته ومسلم واحد. وتحول العيد من يوم نعم وبركات إلى يوم موت بين الإخوة، ومن يوم فرح إلى يوم حزن بين الأهل مسلمين ومسيحيين.
في هذه المناسبة رسالتي إلى إخوتي وأصدقائي المسلمين أنَ هناك أمورا يجب أن يحصل فيها تفكير وتحليل لإعداد مستقبل أفضل لجميع أبناء الأسرة العربية الواحدة، ولتدارك ما يحصل من أحداث طائفية من حين إلى آخر في وطننا العربي، بغالبيته المسلمة وبالمسيحيين الذين ما زالوا في ما بينهم يذكّرون بتاريخ الوطن الواحد ومختلف المراحل الحضارية والدينية التي مر بها هذا الوطن.
المطران عطاالله حنا
رسالتي هي أننا يجب أن نسعى معا سعيا جديا لخلق جيل جديد من المسلمين والمسيحيين يعرفون أنهم أبناء وطن واحد وأن رسالتهم واحدة وهي بناء الوطن وتنميته بالمحبة المتبادلة وبالاطمئنان للجميع. أنا أعلم بالتيارات الإسلامية المتنامية لتناهض مختلف أنواع الاستعمار الحديثة التي تستهدفنا جميعا مسيحيين ومسلمين. وقد يخلط بعض المسلمين بين المسيحيين إخوتهم في الوطن وبين مختلف صور الاستعمار الغازية، لأن بعض هؤلاء الغزاة أو المستعمرين، بعضهم وليس كلهم، مسيحيون. مع العلم أن السياسة المستعمِرة اليوم لم يبق فيها أي روح مسيحية، بل هي سياسة يذهب ضحيتها المسيحي والمسلم على السواء. ومن ثم مع احترامنا لجميع الشرفاء في العالم، شرقا وغربا، يجب التمييز بين المستعمر المسيء وبين المؤمن الصادق في إيمانه والساجد أمام ربه والمحتفل بأعياده والمضفي بفرح أعياده فرحا على الوطن كله.
نحن نساند كل سعي لمقاومة كل نوع من أنواع الاستعمار الحديث، ولكن بصورة واعية، وبرص الصفوف، وليس بطرق الفتنة. وقد تكون الفتنة بعضها طبيعي خلّفه التاريخ بين بعض الحمايل والأسر بصورة محدودة، وقد يكون غير طبيعي أي مفتعلا ومستحدثا على يد حركات تعمل إما عن جهل ونقص في الانفتاح الثقافي والحضاري وإما عن وعي وتصميم مسبق وهدفها المزيد من التفرقة أي المزيد من الدمار في الأوطان العربية.
نعم سمعنا أصواتا كثيرة في الإعلام يندّد بما حصل وينصح ويرشد. ولكننا بحاجة إلى مزيد من الإعلام المكثف والذي يشير صراحة إلى الأحداث الطائفية فيأخذها بالتحليل الصادق والجريء، والذي يدعو إلى تربية جديدة إسلامية ومسيحية توجه إلى احترام كل مواطن لكل مواطن، تربية تقول بصراحة إن الدين لا يمكن أن يحمل على اعتداء طائفي ولا يجيز أن يحوِّل المؤمن من كان مختلفا عنه بدينه إلى خصم وعدو أو إنسان مستضعف.
العلاقة بين الإسلام والمسيحية في الشرق العربي نضَّجتها القرون وتاريخ طويل مشترك. وعلينا أن نسهر معا على هذا التراث ليبقى هذا التاريخ مصدر حياة متجددة في كل يوم وليس مصدر موت يدمر التاريخ والإنسان والوطن. أسأل الله أن يوفقنا إلى هذا السعي المشترك لنجعل أوطاننا كلها مكان إيمان وصلاة صادقة ترتفع أمام العلي القدير فتطهّر الإنسان وتقرّبه من أخيه الإنسان، ومصدر حياة وبركة للجميع.
أن المسيحيين في هذا المشرق العربي هم جزء أصيل من الأمة العربية وليسوا من مخلفات أي نوع من الأستعمار وهم أيضا جزء أساسي من النسيج الوطني ، فكنائسنا هي ملك الأمة والأعتداء عليها هي أعتداء على كل الشعب .