- حسين أبو صعلوك :
* لابد من الحمية والتحيّز للسيادة ويجب أن تكون فمن بان اولى التحيّز لسيادة الأمة التي يعتبر الفلسطينيون في غزة جزء منها
* إسرائيل تنتهك سيادة هذه الأمة " عالحامي والبارد" على مسمع ومرأى من مصر التي كان خير لها من أن تبني جدارها الفولاذي أن تفتح حدودها مع قطاع غزة
* شبه جزيرة سيناء المصرية شبه محتل من قبل إسرائيل حيث لا تستطيع مصر صاحبة " السيادة" تحريك جندي واحد وألا إدخال أي سلاح ثقيل إلى سيناء ناهيك عن التفريط في ثرواتها
احتل موضوع السيادة في الأيام الأخيرة حيزا كبيرا من حديث الناس. كان مبعثه تبرير مصر لبناء جدارها الفولاذي على حدودها مع قطاع غزة بالحفاظ على السيادة. ولم تمر إلا أيام معدودات حتى جاء إصرار تركيا على مطالبتها لإسرائيل بالاعتذار عما بدر من نائب وزير خارجيتها تجاه السفير التركي في تل أبيب فمن عجيب الصدفة أن يتزامن هذان الموقفان مع بعضهما البعض ليكشفا عن صورتان متغايرتان تماما من صور الحفاظ على السيادة وبالتالي لتزيد هذه الصدفة في ضعف حجة مصر عندما بررت بناء جدارها الفولاذي بالحفاظ على السيادة بل لتكشف عن زيف هذه السيادة. إن موقف تركيا هذا الذي رضخت له إسرائيل على مضض وغيره من مواقف سابقة كانت تركيا قد تبنتها بالرغم من وجود علاقات وطيدة بينها وبين إسرائيل كتلك التي تربط مصر بإسرائيل يدل على أن تركيا تتمتع بسيادة حقيقية على عكس السيادة المزيفة التي تعلل بها مصر بناء جدارها الفولاذي فهذا التعليل لم يقنع احد بل كشف عورة مصر بكل ما يتعلق بالسيادة لان شبه جزيرة سيناء المصرية شبه محتل من قبل إسرائيل حيث لا تستطيع مصر صاحبة " السيادة" تحريك جندي واحد وألا إدخال أي سلاح ثقيل إلى سيناء ناهيك عن التفريط في ثرواتها عن طريق بيع الغاز والنفط لإسرائيل بأثمان باخسة. وما دمنا في معرض الحديث عن السيادة فلا بد من تذكير حكام مصر بأن هناك سيادة للامة التي ينتمي إليها شعبها الذي لطالما ضحى من أجل سيادة الأمة كما لابد من تذكيرهم أيضا بأن سيادة الأمة وسيادة مصر من ضمنها قد امتهنت يوم قسم الاستعمار العالم العربي والاسلامي الى دول بقصد خلق هذه السيادات الفردية التي يدعونها وسلخها عن بعضها البعض وحولها إلى مبعث للخلافات والصراعات بين هذه السيادات سوءا على الارض أو على السيادة التي كانت اصلا واحدة هذا الاستعمار نفسه الذي لا يزالون يدينون له بالوفاء والتبعية ويحرصون على سيادتهم خدمة له.
فإن كان لابد من الحمية والتحيّز للسيادة ويجب أن تكون فمن بان اولى التحيّز لسيادة الأمة التي يعتبر الفلسطينيون في غزة جزء منها وعدم اقتصار هذا التحيّز على السيادات الفردية للدول وعدم اتخاذ الحفاظ على هذه السيادات ذريعة لترسيخ التبعية لأعداء الأمة التي يمثل وجود سيادة حقيقية لها خطرا يهدد أعدائها الذين يتفردون بالسيادات الفردية كيف يشأون. ولكن هيهات، هيهات مادامت مصر تتصدر دول عربية وإسلامية ليس لها حتى علاقات دبلوماسية مع إسرائيل بالتعامل تجاريا مع إسرائيل بمليارات الدولارات حيث يتم ذلك إما مباشرة أو عن طريق وسيط وكأن الدنيا على وسعها قد خلت إلا من إسرائيل وكان السلع والبضائع قد انعدمت من هذه الدنيا إلا في إسرائيل علما أن الدول العربية والاسلامية تندد وتطبل وتطنطن " كلما دق الكوز في الجرة" ولكن على ما يبدو أن من قال " القط بحب البخرمشو" قد صدق لان إسرائيل تنتهك سيادة هذه الأمة " عالحامي والبارد" على مسمع ومرأى من مصر التي كان خير لها من أن تبني جدارها الفولاذي أن تفتح حدودها مع قطاع غزة وان تتعامل تجاريا مع تلك الدول العربية والإسلامية التي تتعامل مع إسرائيل لتخافظ على سيادتها هي وسيادة هذه الدول ولتزرع بذلك نواة لإعادة بناء الأمة من جديد اليس مصر هي أكبر الدول العربية وكانت يوما ما الام الرؤم للعرب والمسلمين.
إن من أكثر أسباب التفريط بالسيادة سواء كانت على مستوى دولة أو أمة أو حتى فرد هو الوقوع تحت فضل الآخرين فها هو الامام أبو حنيفة النعمان يضرب اروع الامثلة في التعفف والحفاظ على السيادة حين احتاج الخليفة إلى فتوى معقدة ولم يرد استفتاء متملقيه من الفقهاء فأرسل إلى أبو حنيفة بعد أن كان منعه الفتوى لانتقاده قضاة ومفتيي الخليفة لكن أبو حنيفة لم يفتي الخليفة إلا بعد أن أذن له أن يفتي للناس جميع وبذلك يكون قد حمى سيادته ولم يذهبها بالتملق لسيد من البشر.
لا يكاد يخفى على " الكبير ولا على المقمط في السرير" أن تعليل مصر بناء جدارها الفولاذي هذا وهي على حالها اليوم وسيادة الأمة العربية والإسلامية ككل ومصر جزء من هذه الامة -إلا إذا كان لحكام مصر رأي آخر- منتهكة على مدار الساعة يخرج السيادة عن مضمونها الحقيقي لان بناء هذا الجدار لم ياتي للحفاظ على السيادة بل جاء تحقيقا لرغبة السادة لانه لا سيادة مع الاذان للسادة.