* نطالب القضاء والشرطة باخذ دروهم في محاربة جرائم قتل النساء
* نرى أن المسؤولية عن بناء مجتمع أفضل هي مسؤولية مجتمعنا كله وليست مسؤولية الأطر النسوية فقط
* قتل النساء هو وصمة عار بل لطخات من العار في جبين هذا المجتمع، ودور الحركة النسوية وحركة حقوق الإنسان منع تحويل قتل النساء إلى أمر "طبيعي" يمكن الاعتياد عليه
* لا تسمح لنا أخلاقنا ان ندافع عن حق النساء في الحياة وأن نحارب العنف ضدهن من قبل المنظومة الإجتماعية التي ترى المرأة عورة، دون أن نقف ضد العنف المستشري داخل مجتمنا
كثرت الجرائم ضد النساء داخل مجتمعنا واعتادت وسائل الإعلام عليها، واعتدنا نحن في الاطر النسوية أن ننشر البيانات في أعقاب قتل امراة أو محاولة قتلها على خلفية جنسها. في بعض الأحيان تتوجه لنا ايضا وسائل الاعلام لتسألنا عن موقفنا من هذه الجرائم، وعن نشاطنا المناهض لها. ونحن اذ نهتم بإيصال صوتنا الداعي لبناء مجتمع سليم ومعافىً ويحترم انسانية أفراده. فإننا نرى أن المسؤولية عن بناء مجتمع أفضل هي مسؤولية مجتمعنا كله وليست مسؤولية الأطر النسوية فقط. لأن قتل النساء هو وصمة عار بل لطخات من العار في جبين هذا المجتمع، ودور الحركة النسوية وحركة حقوق الإنسان منع تحويل قتل النساء إلى أمر "طبيعي" يمكن الاعتياد عليه، ودفع كافة المؤسسات السياسية والتربوية والقانونية الى أخذ دورها، ومن هنا جاءت أهمية المظاهرة التي دعت لها مؤخراً الأطر النسوية وانضمت إليها الأحزاب والمؤسسات الأخرى.
العنف المستفحل
في الفترة الأخيرة أخذ العنف يستفحل داخل مجتمعنا، الجرائم ضد النساء تضاعفت كما وشهدنا في السنة الاخيرة مسلسلا من حوادث القتل التي راح ضحيتها رجال ونساء على خلفيات مختلفة، حيث أشارت المعطيات أن تسعة وخمسين بالمئة من جرائم القتل التي وقعت في البلاد العام الماضي كانت داخل مجتمعنا رغم أننا نشكل فقط اثنين وعشرين بالمئة من السكان، حصيلة هذه النسبة بالأرقام واحد وسبعون قتيلا بين نساء ورجال، ناهيك عن المئات من حوادث اطلاق النار وزرع العبوات الناسفة والقاء القنابل اليدوية. لا يمكننا ولا تسمح لنا أخلاقنا ان ندافع عن حق النساء في الحياة وأن نحارب العنف ضدهن من قبل المنظومة الإجتماعية التي ترى المرأة عورة، دون أن نقف ضد العنف المستشري داخل مجتمنعا، ودون ان نعي أن نفس المؤسسة التي لا تحمي النساء من العنف ضدهن لا تحمي شبابنا ورجالنا ونساءنا وأطفالنا من ظواهر القتل والجريمة داخل مجتمعنا، فموقفنا لا يتجزأ. ونرى أيضا ان الاستهتار بقتل النساء على أيدي "الاوصياء " على "الشرف" ساهم في انشاء شباب لا يحترمون قيمة الحياة ولا قيمة الانسان. ولكننا إذ نؤكد مناهضتنا للعنف الذي يضرب بأفراد مجتمعنا نساءً ورجالا وأطفالا، والذي نراه نتاجا لمجتمع مأزوم اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا. وإذ نؤكد على أخذنا المسؤولية أسوة بباقي شرائح مجتمعنا على نبذ العنف واحترام حق الحياة ومقاومة الجريمة على كافة اشكالها. نرى من الضرورة بمكان، أن نوضِح ونؤكد بأن قتل النساء لكونهن نساءً يختلف عن القتل على خلفيات جنائية، وهو يتواجد حتى في فترات يعم بها الاستقرار الاقتصادي والسياسي والاجتماعي. وهو نتاج قيمٍ ومفاهيمَ ترى المرأة عورة وترى مكانها داخل الحرملك فقط، تلك قيم ناتجة عن استضعاف النساء وهي بنفسها تكرس هذا الاستضعاف، قيم نحاربها كما نحارب الجريمة وكما نحارب القهر القومي والاحتلال الذَين يكرسان استضعاف الشعوب،. يُجمِع الخطاب الاجتماعي على نبذ جرائم الاحتلال وعلى نبذ العنف الناتج عن خلفيات جنائية أو طائفية أو عائلية وعلى ضرورة مكافحتها، واما القتل باسم "الشرف" فما زال قضية خلافية وفيها نظر وهذا عار على مجتمعنا.
الشرف المنشود
دورنا ليس الاستنكار فقط بل محاولة طرح الاسئلة لمجتمعنا : ما ا الذي يجعل أخا يقتل أخته، ما الذي يجعله يفعل ذلك وهو يعي أنه قد يدخل السجن؟ ما الذي يجعله يرى قضبان السجن أمرا معقولا؟ لماذا نجده مستعدا لدفع سنوات كثيره من حياته، التي من المرفوض ان يقضيها في التعليم والعمل وبناء مستقبله جديد؟ نعم هو يعلم ان ثمن قتل النساء أرخص من قتل غيرهن من أفراد المجتمع، هو يعلم بأن الملف الجنائي قد يغلق وقد يكون عقابه خفيفا، ولكنه يعلم أيضا انه قد يقضي سنوات كثيرة داخل السجن وقد يدفع ثمنا باهظا ومع ذلك يقتُل!. ما الذي يجعل جزءا من العائلات تبارك قتل بناتها، والتي من المفروض أن تكون فلذات أكبادها؟! ما الذي يجعل عائلة مستعدة للتخلي عن أبنها " الذكر" وحرمانه من حريته مقابل ان يقتل أخته ويحافظ على "الشرف المنشود"؟
أي "جرم" يستحق القتل الذي تمنعه كافة القوانين الدولية ومواثيق حقوق الانسان وتحرّمه الديانات؟ ما هي ال"جريمة" التي تقوم بها النساء والفتيات؟ وما هو القانون الذي يحلّه عليهن المجتمع؟ وما هي ال"براهين" ؟ ومن هو ال"قاضي" ومن أعطى الحق لمنفذ "العقاب" بالقيام بجريمته النكراء. أي قانون إنساني وأي شريعة سماوية تبرر القتل؟ فهل جريمة حب الحياة كبيرة الى هذه الدرجة؟
لماذا نئد بناتنا وهن في بداية حياتهن، بدل أن ندافع عن حقوقهن بأن يعشن ويتعلمن ويسهمن في بناء مجتمعاتهن، عن أي عائلة نتحدث فهل تعتبر عائلة تقتل أحد افرادها؟ عائلة؟ وهل تُبقي جريمة القتل شرفا للعائلة؟!.
لماذا نصمت صمت القطيع؟
نحن لن نكتفيَ بتحميل القاتلين أنفسهم المسؤولية عن الجريمة، بل نتهم شرائح من مجتمعا نساء ورجالا الذين يربون ينشئون ابناءهم على مفاهيم تقرر أن الشرف يكمن في عزل النساء وحجبهن عن الناس، مفاهيم تقرر أن رجولة الشاب لن تكتمل إلا إذا فرض وصايته على أخته، وحدد لها سلوكها كما يريد هو لها، مفاهيم تجعل أخا او أبا او قريبا يقتل لأنه "شك في سلوك"، قريبته او لأنها "تأخرت خارج البيت"، أو لأنها قامت بدور لا يريده لها.
تقع مسؤولية جرائم قتل النساء أولا على منفذ الجريمة ولكنها تقع أيضا على مجتمع يستنكر القتل على خلفيات جنائية وقبلية، ويستنكر قتل بنات وابناء شعبنا من قبل المحتل، بينما يصمت تجاه قتل النساء على أيادي أقربائهن ويصمت صمت القطيع.
نحمل مجتمعنا كله مسؤولية الدفاع عن حق النساء والفتيات بالحياة الكريمة الحرة.
نهيب مرة اخرى باحزابنا السياسية، وبالقيادات المحلية ان تقف ضد قتل النساء واحتلال حيزهن في المجتمع
نهيب بلجنة المتابعة العليا ولجنة الدفاع عن الحريات، ان تدافع عن حريات النساء وعن حقوقهن بالحياة الكريمة وبالتعليم والعمل واختيار الشريك وعن حريتهن بالتنقل.
ندعو كافة المدارس بمجتمعنا الى التربية للمساواة، وللكرامة الانسانية ولمناهضة العنف على كافة أشكاله.
نطالب القضاء والشرطة باخذ دروهم في محاربة جرائم قتل النساء في مجتمعنا وكذلك نطالبهما بالدفاع عن قرانا ومدننا التي يستفحل بها العنف ويضرب مجتمعنا بكافة شرائحه.