- محمود صالح عودة :
* أصبحنا في طليعة المسئولين عن المسجد الأقصى حماية ورباطًا مع أهلنا في القدس المحتلة
* إفتتاح كنيس الـ"خراب" هذا والدخول في مرحلة بناء الهيكل الثالث المزعوم، يعد أخطر تصعيد إسرائيلي على مدار تاريخها
* على الإسرائيلي الإدراك بأن اعتداءاته الظالمة والمتصاعدة بحق شعبنا لن تثنينا عن مسيرتنا المحقة ولن تنسينا مقدساتنا، وأن المسجد الأقصى وقف لله تعالى
إفتتحت المؤسسة الإسرائيلية قبل بضعة أيام ما يسمى بـ"كنيس الخراب" بقرب المسجد الأقصى المبارك في القدس، تحديدًا على أنقاض حارة الشرف العربية، التي دمّرت بعد احتلال القدس عام 1967 وتم تغيير معالمها الأصلية وتبديلها برموز يهودية.
تاريخ هذا الكنيس يعود إلى القرن الـ-18، حيث قامت مجموعة من اليهود بقيادة الراب "يهودا هحاسيد" بالسعي لبناء كنيس شكنازي على ما يسمونه بـ"حديقة الشكناز" في الحي العربي، لكنه بعد البدء بعملية البناء قامت السلطات العثمانية بهدمه نتيجة عدم دفع اليهود القروض التي أخذوها من المسلمين والضرائب المفروضة على المنطقة، وسماها اليهود آنذاك "حديقة خراب الراب يهودا هحاسيد". في عام 1864 تم بناء كنيس اشتهر باسم "كنيس الخراب" في نفس المكان، بتمويل أحد أفراد عائلة روتشيلد وغيره بعد أخذ موافقة من السلطان العثماني محمود الثاني. بقي الكنيس قائمًا حتى نكبة عام 1948، عندها قامت القوات الأردنية بتفجير الكنيس في إحدى معارك القدس، بعدما كانت قوات الهاغاناه تختبئ داخله.
يعد إتمام مشروع بناء كنيس الخراب بداية بناء الهيكل الثالث المزعوم بحسب "نبوءة" يؤمن بها يهود وإعلانات لجماعات يهودية عديدة، ولقد أُعلن عن يوم 16.3.2010 يومًا عالميًا لبناء الهيكل الثالث المزعوم. كل هذه تصريحات لم تكن واردة سابقًا لكنها باتت اليوم واضحة وصريحة، على مرآى ومسمع العالم، بما فيه السلطات الإسرائيلية، التي توفر الحماية التامة لمشاريع إستفزازية في بيت المقدس المحتل، منها مشاريع تدمير الأحياء العربية بأكملها وتهجير أهلها، وضم المعالم الإسلامية الخالصة إلى قائمة "التراث اليهودي".
الأحداث الأخيرة (والمستمرة) التي شهدتها القدس، من إعطاء قوات الأمن والجيش الإسرائيلي الحرية التامة لليهود بافتتاح كنيس "الخراب" وإقامة طقوسهم التلمودية والتوراتية فيه (مع العلم المسبق بالتوتر الذي سيتبع)، مقابل منع قوافل المصلين من التوجه إلى المسجد الأقصى ثم الاعتداء عليهم بالضرب المبرح الهمجي، وشتمهم وشتم أمهاتهم بلغة قذرة وبوجوه مليئة بالحقد والكراهية، ودس المستعربين الفتانين في صفوف المرابطين المسالمين، ثم دهس الأولاد المتظاهرين بدوريات الشرطة، توضح مدى النفاق والعنصرية والانحطاط الأخلاقي التي وصلت إليه المؤسسة الإسرائيلية، التي تتقبح صورتها يومًا بعد يوم، رغم ادعائهم بأن جيشهم هو "الأكثر أخلاقية".
إفتتاح كنيس الـ"خراب" هذا والدخول في مرحلة بناء الهيكل الثالث المزعوم، يعد أخطر تصعيد إسرائيلي على مدار تاريخها، نظرًا لحساسية الموقع وعمقه في قلوب أبناء الأمة، وعلينا نحن في الداخل الفلسطيني الإدراك أنه بعد حصار غزة وإغلاق الضفة الغربية، أصبحنا في طليعة المسئولين عن المسجد الأقصى حماية ورباطًا مع أهلنا في القدس المحتلة، مما يوجب التواصل المستمر مع القدس مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم. كذلك على الإسرائيلي الإدراك بأن اعتداءاته الظالمة والمتصاعدة بحق شعبنا لن تثنينا عن مسيرتنا المحقة ولن تنسينا مقدساتنا، وأن المسجد الأقصى وقف لله تعالى وحق إسلامي خالص، سنظل ندافع عنه بأموالنا وأرواحنا مهما طال الزمن واشتد الظلم والطغيان، وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ.