- ابرز ما جاء في المقال :
* في مصلحة مَن اختزال مظاهرة جبّارة في صورة ملثّم يرفع صورة حسن نصرالله؟
* في مصلحة من اختزال مظاهرة عشرات الألوف في "طوشة" بضع عشرات من الشباب غير المنضبط؟
* مثل هذه الممارسات يصبّ في مصلحة أعداء شعبنا وجماهيرنا، وليس من المستبعد أن يكون الواقفون من وراء هذه المسرحية مدسوسين فعلاً
وصل لموقع العرب مقال من الكاتب رجا زعاترة بعنوان في مصلحة من. وكتب زعاترة:
"في الطريق إلى سخنين رأيتُ شابًا، يهوديًا على الأرجح، يقود دراجته الهوائية على أحد الطرق الترابية المحاذية للشارع. ولست ضد الدراجات الهوائية وركّابها ومحبّي الطبيعة والمناطق الخضراء، ولكنّي رحت أفكر بالمدينة التي أقصدها، المحاصرة بالمستوطنات من جهاتها الأربع، المخنوقة بالبطالة، المعرّضة لشتى صنوف المؤامرات من العنف إلى المخدّرات إلى الخدمة المدنية. فردّدتُ: "إنّا نحب الورد، ولكنّا نحب القمح أكثر".
سارت المظاهرة وسرنا معها، لم نر أولها، وبالكاد رأينا آخرها. قرار عدم رفع الأعلام الحزبية لم يُحتَرَم بالكامل، لكن الأساس أنه قرار غير صائب، مع أنّ دوافعه قد تكون واقعية ومسؤولة. فتجربة يوم الاثنين الماضي تثبت أنّ المشكلة أعمق، وتحتاج إلى حلول جذرية، لا يمكن تحميل لجنة المتابعة وزرها؛ إنها مشكلة وعي سياسي أولاً وأخيرًا.
ملثم يرفع صورة حسن نصر الله
ففي مصلحة مَن اختزال مظاهرة جبّارة في صورة ملثّم يرفع صورة حسن نصرالله؟ في مصلحة من أن تكون عناوين الصحف العبرية أن "لافتات حزب الله رُفعت في مظاهرة يوم الأرض في سخنين"؟ في مصلحة من اختزال مظاهرة عشرات الألوف في "طوشة" بضع عشرات من الشباب غير المنضبط؟ وفي مصلحة من جعل الناس تنفر من المشاركة في النشاطات الشعبية، أو تتجنّب اصطحاب أطفالها إلى مظاهرات يوم الأرض وأكتوبر وغيرها؟
يجب القول بوضوح إنّ مثل هذه الممارسات يصبّ في مصلحة أعداء شعبنا وجماهيرنا، وليس من المستبعد أن يكون الواقفون من وراء هذه المسرحية مدسوسين فعلاً من الأجهزة "الساهرة" على قمع جماهيرنا وتشويه صورة نضالها الوطني والديمقراطي العادل.
ولكن المشكلة، كما أسلفنا، أعمق؛ فكلنا يعرف أن دسّ المستعربين والعملاء في مظاهرة كهذه وارد لا بل متوقع، وكلنا (يجب أن) يدرك أنّ التعامل مع مثل هذه المسائل يتطلب أقصى حدود المسؤولية، والأعصاب الباردة، وليس أن يكون المنظِّمون وناشطو الأحزاب جزءًا من "الطوشة"، ويتطلب منّا جميعًا، ومن القيادات تحديدًا، أن نذوّت أنّ دورنا يتجاوز إبداء الاستياء والأسى، فالمطلوب في لحظات كهذه هو وضع الأمور في نصابها وحجمها الصحيحين. فهناك أسباب كافية لليأس، وما نحن بحاجة له هو دبّ الأمل في الناس، وليس أن نكون مصدرًا (إضافيًا) للتيئيس.
في طريق العودة إلى حيفا، لمحتُ رهطًا من الدراجات الهوائية..