* الفلاحون كانوا في طريقهم الى سهل البطوف ومنه، يعرّجون عليها، يستريحون بعض الوقت
* حسن بشير شاب من المدينة، طموح أمضى كثيرا من سنوات شبابه في بلاد الغربة طالبا للعلم
* المكان هو ملك لعامة الناس وليس ملك لاحد وقد تم العمل به من أجل خدمة الجمهور العام وقد تم دفع المال والجهد وتسخيرها للخدمة العامة
عين البلد في سخنين الواقعة من الجهة الشرقية الجنوبية للبلدة كانت تشكل مصدر المياه الأساسي للبلدة القديمة حتى سنوات الستينات حيث تعتبر من إحدى أنقى وأعذب العيون في المنطقة، وهي قديمة العهد وتعود إلى زمن الكنعانيين الذين استخدموا ماءها فهي عين صافية ونقية ولكنها أُهملت حتى بادرت ادارة مدرسة تعليم رياضة الكونغ فو برئاسة حسن بشير بالإضافة الى خالد مفضي حيادرة ويحيى طربيه الذين قرروا القيام بأعمال ترميم شاملة وجذرية في المكان وتحويل العين وما حولها الى مكان سياحي بكل ما تعنيه الكلمة من معنى فبادر حسن بشير القيام بحملة تطوعية اشترك فيها العديد من شبان المدينة وفي مقدمتهم الشبان المنتسبين لمدرسة تعليم رياضة الكونغ فو التي يديرها.
غلبت حالك يا حسن بشير
فيأتي الذين يأتون الى عين البلد، المختبئة حياء في عب الجبل، يأكلون مما معهم، ويشربون من مائها العذب، يمتعون النظر بالطبيعة الخلابة ويشنّفون السمع بحفيف الشجر وتغريد الطيور وحين يغادرون يقذفون الفضلات في وجهها يتركون المكان غير صالح لمن يأتون بعدهم، وقد يكونون هم انفسهم، الآتين بعدهم! نحن تبنّينا الشعار "النظافة من الإيمان" وتركنا مضمونه لغيرنا! فلماذا "غلّبت حالك" يا حسن بشير؟؟
هل يمكن ان تتغير عقليتنا
يقول "أبو فرح" وهو المربي يوسف فرح من ابناء مدينة سخنين "لماذا غلبت حالك يا حسن بشير ،وحسن بشير هذا، شاب من المدينة، طموح أمضى كثيرا من سنوات شبابه في بلاد الغربة طالبا للعلم، وحين برّح به الشوق وعاد الى الوطن، لم يكتف بتدريس الصغار والكبار على ألعاب الجودو والكراتيه والكونغ فو وبغرس الروح الرياضية فيهم، بل وضع نصب عينيه مشروعا آخر، تطوع، وجمع حوله مجموعة من الشبان الغيورين، وكان له ذلك بسواعدهم القوية اقاموا المدرج، ووسّعوا مصب النبع، ثبتوا على الجدران شبكات حديدية تحمي الاطفال من الغرق، والكبار من الانتحار، واحاطوا منطقة العين كلها بسور، يبرزها منطقة سياحية جذابة، ولم يكتفوا باشجار الزيتون واللوز والتين والسريس والقندول والسنديان، فاضافوا اليها شتى اصناف شجر الزينة. لقد اعتقدوا- لبساطتهم- ان بامكانهم تغيير عقليتنا، وشفاءنا من رغبتنا الجامحة في تحطيم كل ما هو جميل.
كانت تسكب دمعها قطرة قطرة...
تغيرت العين فكانت تسكب دمعها قطرة قطرة، في حفرة ضيقة، فاذا بها اليوم تقذف بمياهها المقدسة عبر حنفيات. كان الفلاحون في طريقهم الى سهل البطوف ومنه، يعرّجون عليها، يستريحون بعض الوقت، ثم، يزيحون بأكفهم ما طفا على سطح الماء من قش وحشرات، وبأكفهم يشربون ويشكرون، لم يفكر أي احد منهم في قذفها بحجر واحد، كانت مأوى للعشق العذري، يلتقي فيها العاشق بفتاته ساعة تأتي لملء جرتها، وربما هناك غنت جوقة العاشقين الاغنية الخالدة "عالعين يا ام الزلف".
كيف يتحول المكان الجميل لمكب القشور
ويضيف ابو فرح متسائلاً ،فكيف يتحول هذا المكان الجميل الى مكب لقشور البذور والفاكهة اليوم، وكيف يكتسي برماد المواقد وروث الحيوانات، وحتى المشبك الحديدي، حتى راح يترنح، ثم استسلم وارتمى ارضا! وليسقط من الاطفال من كتب له السقوط، ولينتحر من يرغب في الانتحار، ألا ترون كيف نشرب من العين ثم نرمي فيها الحجارة؟
المكان تحول الى قلعة سياحية رائدة
ويقول حسن بشير المبادر الاساسي لترميم المكان بأن أعمال تطوير المكان بدأت بعد أن تم هندسة مدرجاً رومانياً من الأحجار القديمة بالمكان بشكل نصف دائرة يتم استخدامه كمسرح للعروض الفنية ولأي مناسبة أخرى مما سيزيد الإقبال على المكان وفعلاً تم انجازه ويتسع لمئات الاشخاص واقمنا جدراناً واقية من حول المكان تأميناً لسلامة الزوار وقد عمل الشبان كثيراً بجد واجتهاد وكان العمل متلاحقاً وليس هيناً بل واكبته صعوبات ولكن بحمد الله تم التغلب عليها بالرغم اننا لم نتلقى أي دعم من أي جهة رسمية او أي مؤسسة.
ليس مركزاً سياحياً فحسب
ويضيف حسن بشير ان قيامنا بهذا المشروع الرائد في سخنين على نطاق سياحي ليس فقط يهدف الى بناء مركز سياحي إستجمامي بل ايضاً من أجل اعادة تاريخ نعتز به للآباء والأجداد وان يتم استغلال هذه المياه بشكل صحيح.
ذاكرة الآباء والأجداد في سخنين
خالد مفضي حيادرة احد المبادرين يقول :"ان العين قديمة وقد شرب منها الآباء والأجداد وقد نسيها الأبناء بعد فترة واليوم الناس قد تمسكوا بمياه مكوروت وتركت المياه الصافية والنقية وقد بادرنا في سخنين من أجل أن نحيي هذه العين وأن نعيد لها تاريخها وهيبتها وأن نعيدها للذاكرة السخنينية لانها ذاكرة حياة الاهل في المدينة على مدار مئات السنوات فاردنا ان نجعل منها متنزهاً فإنضم الينا مجموعة كبيرة من الشبان وجمعنا التبرعات من جيوبنا وجيوب اهل الخير في المدينة فكانت تكسو المنطقة اكوام كبيرة من الاوساخ والقاذورات والاتربة والاحجار بعد ان كانت مهجورة لاكثر من اربعين عاماً فتطوعنا واحضرنا كل ما يلزم لتنفيذ الفكرة فبدأنا بإخراج الاطنان من القاذورات والاتربة حتى وصلنا الى المصطبة للعين وقمنا بمشاورة المختصين في مجال الجيولوجيا وعلم البيئة فقد اقر احد الخبراء من قبل وزارة الصحة بان هذه العين تشكل مصدراً قوياً وزخماً لمياه الشرب من حيث انها مياه صافية وعذبة بل ومياه معدنية بكل ما تحمله الكلمة من معنى وبدون شوائب فيما اشار خبير آخر تم استدعاؤه لتقييم كميات المياه بالعين فأقر بأن العين تشكل مخزناً كبيراً لمياه الشرب يستمر بضخ مياه الشرب لسنوات طويلة دون انقطاع.
حب لاخيك كما تحب لنفسك
ويضيف خالد حيادرة "أن المكان هو ملك لعامة الناس وليس ملك له أو لاحد غيره بعينه وقد تم العمل به من أجل خدمة الجمهور العام وقد تم دفع المال والجهد وتسخيرها للخدمة العامة وتأدية الواجب المنوط بها غير انه نرى سلوك البعض نحو المكان هذا خاصة وعدد من الأماكن عامة وللأسف سلوك غير حضاري سلوك لا ينم عن أخلاق الانسان العربي الذي يأمره دينه بكل ماهو خلق حميد،فلا نحتاج أن نضع لافتة لنذكر البعض انه واجب عليهم المحافظة على النظافة لأن هذا من ديننا الحنيف وأخلاقنا فما معنا أن نأكل ونشرب ونلقي بمخلفات الحلويات والمأكولات فى أي مكان نتواجد فيه رغم وجود سلال للقمامة.
نشجع العمل التطوعي البناء
فالأماكن العامة حق للجميع ،يستفيد بها الجميع فيجب علينا أن نحرص عليها فهي رغم إنها أماكن عامة إلا إننا يجب أن نعتبرها أملاكاً خاصة لنا ويجب ان نحرص على زرع السلوك السليم فى نفوس الأبناء وترسيخ الحس الوطنى ،كما ينبغي علينا أن نتكاتف جميعا ونبدأ بأنفسنا وننظف داخل بيوتنا وخارجها ونشجع العمل التطوعى لنعاون مجتمعنا ذا الموارد الضئيلة من أجل ان نجعل النظافة همنا الأول لإنها عنوان رقي الشعوب.
احتضان مهرجانات ثقافية وفنية
ومن يتابع الفعاليات والنشاطات الفنية والثقافية في المناسبات الوطنية ومناسبات أخرى على مدرج وادي العين يعرف كم سخنين بحاجة لمثل هذا المعلم الحضاري حيث احتضن فعاليات ومهرجانات تخللها التعبير عن الخامات الثقافية شعراً وغناءً وعزفاً وتمثيلاً وأصوات فلكلورية رائعة .