* مقص الرقابة العسكرية منع نشر الانباء التي تحبط جيش الاحتلال والمجتمع الاسرائيلي وسمح بنشر اكاذيب البطولات غير الموجودة
* الصحافة الاسرائيلية تحولت الى كتيبة في الجبهة الامامية وكتابها حثوا الجيش على دك لبنان وتحطيمه
* الاعلام العبري في اسرائيل انتقل من مرحلة التطوع الصالح الاجماع القومي الصهيوني الى التحريض الارعن
المقولة بان الصحافة هي كلب الحراسة على الديمقراطية، ليست قائمة في اسرائيل لسببين: الاول ان اسرائيل هي دولة بعيدة عن الديمقراطية الليبرالية الف سنة ضوئية
والثاني لان صحافة البلاط العبرية، التي كانت حتى قبل بدء العدوان الهمجي والبربري على لبنان، صحافة طيعة للمستويين السياسي والامني، تحولت في الايام الاخيرة الى صحافة تحريض ارعن وسافر على الناطقين بالضاد وعلى كل من يقول لا الله الا الله محمد رسول الله
بكلمات اخرى، من خلال متابعة وسائل الاعلام الاسرائيلية المرئية والبصرية والمكتوبة، تتوصل الى نتيجة حتمية بان هذا الاعلام تحول عن سبق الاصرار والترصد الى كتبة ناشطة في جيش الاحتلال الاسرائيلي، فكتبة الاعمدة على مختلف مشاربهم، والمحللون في القنوات التلفزيونية والاذاعات العبرية، تحولوا الى ضباط احتياط مهمتهم اسداء النصائح الى ضباط الاحتلال حول آلية استمرار العدوان وتكثيفه، ودك لبنان اكثر وتدمير بنيته التحتية بشكل اكبر
اللافت في الامر ان الاصوات التي تغرد خارج سرب الاجماع القومي الصهيوني، اختفت من على صفحات الجرائد العبرية والقنوات التلفزيونية والاذاعات، وحلت مكانها جنرالات احتياط في جيش الاحتلال الذين يقدمون للمشاهد او المستمتع او القارئ كمحللين موضوعيين، على الرغم من ان تصريحاتهم وتحليلاتهم بعيدة كل البعد عن الموضوعية
هذا ناهيك عن ماكينة الكذب التي يصنعها الاعلام الاسرائيلي ويقوم بتضليل الراي العام في الدولة العبرية
بالاضافة الى ذلك، لا يمكن باي حال من الاحوال التغاضي عن اعمال الرقابة العسكرية الاسرائيلية، وهي بالمناسبة الرقابة العسكرية الوحيدة في العالم
فمقص الرقيب بدأ منذ بدء العدوان يعمل ساعات اضافية لمنع تسريب معلومات عن مجريات الحرب من شانها ان تضر وفق رؤيتها بالامن القومي للدولة العبرية
من ناحية اخرى يقوم رؤساء تحرير الصحف الاسرائيلية بتفعيل رقابة ذاتية ويمنعون نشر معلومات قد تمس بالجبهة الداخلية الاسرائيلية ووقفتها البطولية على مدار 21 يوما، مع ان الحقيقة مختلفة
علاوة على ذلك، فقد تحولت الناطقة العسكرية الاسرائيلية الضابطة ميري ريغيف الى رئيسة التحرير، مع ال التعريف
فهي التي تتكلم في التلفزيون والاذاعات، وهي التي تقرر للصحافة الاسرائيلية المكتوبة ماذا تكتب وماذا لا تنشر
بكلمات اخرى صحافة "الميري ريغيف" سيطرت على وسائل الاعلام التي باتت رهينة لديها
الانكى من ذلك ان لجنة رؤساء التحرير التي تعقد الاجتماعات المتتالية على مدار الاسبوع، طبعا رؤساء التحرير العرب ممنوعون من المشاركة في هذه الاجتماعات، من منطلقات عنصرية بغيضة ومقيتة
هذه اللجنة تتفق فيما بينها على آلية رفع المعنويات لدى الاسرائيليين عن طريق ابراز اخبار تؤكد للقاصي والداني بطولة الاسرائيليين جيشا وشعبا في مقاومة الاعداء
وكانت معركة بنت جبيل التي تكبد فيها الاحتلال الاسرائيلي خسائر لم يحلم بها، هي القشة التي قصمت ظهر البعير، فبدل ان تقوم الصحافة بدورها وتسأل الاسئلة عما جرى، وتبحث عن اسباب هزيمة الجيش الذي لا يقهر امام مقاتلي حزب الله، بدات تقرع طبول الحرب اكثر
واستنفر كبار الاعلاميين الاسرائيليين، من كل الاتجاهات اقلامهم ليرتقوا درجتين دفعة واحدة في دق الطبول لحرب اشرس على لبنان وشعبه ومؤسساته وعمل المستحيل لدحر المقاومة، مهما يبلغ الثمن، حتى بمحو قرى بأكملها عن وجه الارض وتدمير المنازل على ساكنيها، والاهم ألا ترفع صورة المقاومة اللبنانية، الى الاسطورة، وبكلمات ابسط عدم السماح اكثر بأن تمرغ هذه المقاومة انف الجبروت الإسرائيلي
وفيما حاولت «يديعوت احرونوت» طمأنة الإسرائيليين المذعورين من هول معارك بنت جبيل عبر دعوة "تشفي الغليل" اطلقها مسؤول عسكري كبير الى محو قرى لبنانية تطلق منها الصواريخ لكسر شوكة حزب الله بتطهير ميداني ونيران مكثفة، كان رئيس تحرير صحيفة «معاريڤ» امنون دانكنر اكثر صراحة بدعوته المباشرة اركان الدولة العبرية، الى تسوية البيوت والازقة في البلدات اللبنانية بالارض، وهدم الاستحكامات في الارض فوق ساكنيها وتدمير القرى اللبنانية بالكامل
ولم تتأخر صحيفة «هآرتس» التي تدعي انها تمثل اليسار الصهيوني والقوى الليبرالية في إسرائيل عن الركب، حين كتبت في افتتاحيتها ان وقف النار يجب أن يأتي، فقط، بعد تسجيل نجاح واضح وباهر وحسم المعارك
وتنافس معلقون في الشؤون العسكرية في ما بينهم في تقديم النصائح حول سبل دحر حزب الله عسكريا فيما ندرت الاقلام التي تدعو الى اعادة النظر في هذه الحرب التدميرية
ولم يختلف الوضع في أوساط عموم الإسرائيليين كما تجلى في ردود الفعل على الاخبار في شبكة الانتيرنت عكست حال التعبئة الفاشية في المجتمع القائمة على معاداة كل من هو عربي، ونمت عن نزعة القتل والتدمير المتأصلة في النفوس ومواصلة اعتماد منطق القوة والبطش والتركيع لتفادي مزيد من الاحراج الذي تسببه المقاومة اللبنانية
وكتب ابرز المعلقين العسكريين، زئيف شيف، من صحيفة هارتس الاسرائيلية، انه يحظر على اسرائيل ان تنسى الامر الاستراتيجي الاهم في هذه الحرب: ينبغي دحر حزب الله وما يمثله هذا التنظيم الارهابي، بكل ثمن
هذا هو الخيار الوحيد امام اسرائيل ويحظر ان ينشأ وضع من التوازن الاستراتيجي بين اسرائيل وحزب الله، واذا لم يشعر حزب الله انه هُزم في الحرب فستكون هذه نهاية قدراتها الردعية امام اعدائها
وتابع انه يحظر على إسرائيل ان تقبل بوقف نار هش، يريده حزب الله من خلال تكثيف حرب الاستنزاف ضد اهداف اسرائيلية
هذه الحرب قطعت الشك باليقين ان الصحافة الاسرائيلية لا تعرف الموضوعية ولا تعترف بالنزاهة، بل تقوم بدور خطير للغاية على الصحافة بشكل عام، وعلى المجتمع الاسرائيلي بشكل عام، انها صحافة الجيش والدمار والدم