* نحن جاهدين لاستنفاذ طاقاتنا وإمكانياتنا لتعمير حياتنا وبناء مستقبل أفضل لأبنائنا ومجتمعنا من خلال تعظيم القيم
* سباق على التعالي والاستكبار وأصبحت القيم في عرفنا وقاموسنا تنازل واستخفاف وسذاجة فأين الغرابة في أن يحل الشجار بفنائنا ومن حولنا
غريب هذا الزمان الذي هو قدرنا أن نعيش فيه ، لنرى كيف تبدلت أحوالنا وانقلبت رأسا على عقب، وبتنا في حيرة من أمرنا ، وعمت الفوضى وتجلت في كل تحركاتنا وسلوكياتنا
حتى كدنا نؤمن أننا لا نحسن ولا نتقن أي شيء وهكذا رويدا رويدا أضعنا طريقنا ، وانعدمت الأهداف وضاعت القيم في حياتنا ، وبتنا ننشغل في المظاهر البراقة ورغد العيش
فأصبح اكبر همنا التلذذ في اختيار أطيب الطعام ، والاستعداد لرحلة تعقبها رحلة أخرى ، ولا عجب بعد ذلك في أن تسوء أحوالنا ويحل الضيق والضنك والهم بفنائنا عند ذلك نتجرع مرارة العيش التي أصبحت تلاحقنا ، حيثما ذهبنا وفي كل مكان حللنا
في بيوتنا وأحيائنا ومدارسنا ، وبدل أن ننشغل في صنع حياة سعيدة لنا ولأهلنا وأبنائنا ومن جاورنا
في أن نسعى جاهدين لاستنفاذ طاقاتنا وإمكانياتنا لتعمير حياتنا وبناء مستقبل أفضل لأبنائنا ومجتمعنا
من خلال تعظيم القيم التي نؤمن بها ، والأهداف التي تجمعنا ونتعاون لتحقيقها
بدل كل ذلك وإذا بنا نتراجع وننحدر ونهوي في واد من سفاسف الأمور وصغائرها ، وأصبحنا على استعداد للخوض في قضايا هامشية وعبثية حتى لو أخذت منا جل وقتنا
أصبحنا نتخاصم ونتشاجر لأقل موقف أو كلمة أو حتى نظرة قد تفسر على أنها ازدراء واحتقار وعدم اعتبار،وقطعت الأرحام والأوصال ويدخل الوسطاء من أصحاب الخير ليصلحوا الحال ، ولكن دون جدوى فشجارنا إن وقع وان كان تافها سيطول به المقام ، وعقود من الزمان لن تغير الأحوال ، وأصبح من المحال الجمع بين خمسة من الإخوان والخلان الذين كانوا بالأمس القريب يجمعهم الحب والصداقة والعرفان
إذا قل نحن أصبحنا كالصغار، في كل لحظة قد يتشاجرون ولصغائر الأمور هم متخاصمون ، لكنهم على الأقل يحسنون فن التصالح بلا ضغائن ولا تأويل ولا ظنون
أما نحن الكبار فلنا في كل يوم شجار
في العمل في البيت أو في الحي أو في المدرسة، فقدنا روح التعامل وفن التسامح
نفسر الكلمة ونغوص في الظنون ونعتبرها مقصودة للنيل من كرامتنا
بدرت من شخص كان بالأمس صديق حميم ، أو نظرة رمقني بها شخص مررت به فنالت من مشاعري، فهي في نظري مقصودة لازدرائي والتقليل من احترامي وهكذا دخلنا في دائرة ، ومتاهة من الحساسية المفرطة ، وكبرياء النفس الغير موزون بالعقل الراجح
فضاع عند ذلك حلمنا وقل صبرنا وبنينا لذاتنا هالة من القدسية ، التي لا نسمح لأحد بالمساس بها دونما اعتبار لمشاعر غيرنا
أنانية واعتبار وتقديس للذات وعدم الاستعداد للصفح والمسامحة والعفو لمن تجرئ فأهان ابن الأكرمين
نعم يمكن القول أن كل واحد منا يتسابق اليوم ليلبس عباءة ابن الأكرمين ، فهو سباق على التعالي والاستكبار وأصبحت القيم في عرفنا وقاموسنا تنازل واستخفاف وسذاجة فأين الغرابة في أن يحل الشجار بفنائنا ومن حولنا ، حيثما تحركنا
يصاحب سلوكياتنا ويتجلى حتى في مناسباتنا ومؤسساتنا
إذا لا شك أننا أصبحنا كالصغار نتشاجر يعلو صراخنا كلما جمعنا محفل أو مكان ، ولكن يطول بنا بعد ذلك الخصام والهجران لأننا لا نحسن التصالح والعفو، فقد أضعنا شيم السادة والكرام