- أشرف هاني الياس:
* كل منا يبحث عن كيانه في وسط هذا الركام المتناثر من شظايا الدنيا الفانية
* ما زلت شابا ورغم أنني بدأت بتحقيق حلمي بدراسة الطب– ألا أنني لا أستطيع أن أقول أني بلغت هدفا
* الكون الذي بني على نظام دقيق والإنسان الذي خلق في أحسن تقويم لا بد أن يكون وراء خلقهما هدف عظيم وغاية سامية
وتشدنا الرياح العاتية حاملة بنسماتها أحلامنا الشقية حيث تحثنا للمضي بمراكب الحياة , وكلٌ منا ينوي الرحيل إلى شواطئ أمانيه، تلك الشواطئ التي استراحت عليها أحلامنا وداعبتها صدى سنين بعيدة قد تمتد إلى أعماق الطفولة, وما زالت منذ ذلك الحين تدغدغ مشاعرنا وتوقظ عزائمنا وتشحذ إرادتنا ، نبذل كل ما بوسعنا لكي نصبوا لها ونبلغها ، وننذر أيامنا متناسين كل الصعاب مجاهدين في البحث عنها, قد نصل وقد لا نصل , حيث أن كل منا يبحث عن كيانه في وسط هذا الركام المتناثر من شظايا الدنيا الفانية وقد يجده أو لا يجده..فليس كل ما يتمنى المرء يدركه تجري الرياح كما لا تشتهي السفن , وتبقى الحياة رحلة أهداف مثيرة لا احد يعرف حدودها ولا حيثياتها .. ويبقى المستقبل المجهول غريق أهداف تحدد مصيره.
هنالك بعض الأسئلة أمضيت جل وقتي في التفكير بها وكلها تصب في تحديد الأهداف وفي كيفية تحقيقها وما الهدف من وجود الإنسان؟ أو ما هو الهدف الذي ينبغي أن يستهدفه الإنسان من حياته وفي هذه الحياة؟ فتوصلت لنتيجة بعد طول دراسة ومراجعه إن العاقل في هذه الدنيا وحده يدرك ويعي بما وهبة ومنحه الله من عقل وما أودع فيه من فطرة , أن الكون الذي بني على نظام دقيق والإنسان الذي خلق في أحسن تقويم لا بد أن يكون وراء خلقهما هدف عظيم وغاية سامية؛ وبالتالي فإن إضاعة الإنسان لأي وقت من حياته وإبقائه في دائرة الفراغ والضياع يتنافى مع هذه الحقائق فلا بد من أن يجعل الإنسان لكل وقت من حياته هدفاً ولكل عمل غاية وأن يبرمج حياته على هذا الأساس؛ ولو تأملت في سير الناجحين والمثقفين في الحياة لرأيت أن النجاح في حياتهم كان بمقدار ما كانوا يرسمون لحياتهم من أهداف وعلى الرغم من اعتقادي أن الحياة هدف و إرادة, فاني قد لاحظت فيها وجود كائن هائل هو وحده الذي أحسب له كل حساب وأخافه و ذلك هو (القدر), و هو معي ساخر دائما ودولاب غدار . وهو لا يبدو لاذعا في سخريته إلا عندما يلمح مني بادرة شعور بأني اقتربت من هدفي.
الهدف هو السير نحوه لا بلوغه
قد علمني بذلك أن المقصود من الهدف هو السير نحوه لا بلوغه,لذلك ما أحسست يوما بأني بمأمن إلا عندما أسير و أعمل, لأن القدر لا يسخر ممن يسيرون و يعملون وينتجون وممن يكنون جسماً فعالاً ونشطاً. و إذا فعل فانه لا يجد لديهم وقتا أو فراغا يتألمون فيه كثيرا لما يفعل بهم , و لكنه يسخر من أولئك الذين يظنون أنهم وصلوا و انتهوا إلى الغايات , فلو كانت الأهداف سهلة التحقيق وبمتناول أيدينا لما كانت لذة للحلم بها ولذة الوصول لها.. ولما كانت سعادتنا ونشوتنا بالوصول لها, فلذة الوصل تكمن في الجدار الصعب الذي يحد بيننا , فعلينا الاجتهاد وتجاوز كل العقبات لتحقيق ما نصبو اليه .
تتخابط أفكاري فلا أعرف بالضبط ماذا جنيت من حياتي حتى الآن. فأنا – و ما زلت شابا ورغم أنني بدأت بتحقيق حلمي بدراسة الطب– ألا أنني لا أستطيع أن أقول أني بلغت هدفا. و لكني أستطيع القول أن حياتي كلها سوف أنفقها في السير المضني نحو هدف واحد لا يتغير. و أني لأسأل نفسي أحيانا: هل كنت علي صواب في تركي الأهداف الأخرى التي كان من الممكن أن أنجح في تحقيقها؟ فأتلقى الجواب من طبيعتي الخاصة أن مجرد النجاح علي إطلاقه ما كان قط يغريني. هناك شئ جوهري جدا يجب تغييره وهو يجمع و يبلور كل الأفكار السابقة أو أغلبها,لو سألت أحدكم على غفلة : هل لك هدف في الحياة ؟؟؟ هل لديك رد سريع ؟ أم ستنظر إلى الأرض وتتلعثم كلماتك وتبدأ بالبحث عن جواب مقنع ! ما الهدف من حياتك ؟ لو لك هدف ستصبح جادا وصبورا ,أن الميوعة لن تقودك إلى هدفك , ستصبح متقنا لكل ما تؤدى ..لأن عدم إتقانك سيضيع هدفك,ستكون عاملا منتجا وفعالاً !!! لن تضيع وقتك لأنه ليس لديك وقت لتضيعه وستلزم الدعاء والتضرع إلى الله ليساعدك على تحقيق هدفك ,هل يعقل أن يحيا ألاف البشر ويموتوا وليس لهم في الحياة أي هدف ؟؟
قصة بسيطة ومعبرة
هذه قصة بسيطة فلنسمعها معا : طفل صغير ادخله أبواه في حضانة كباقي الأطفال فبدأ بالبكاء رافضا فكرة وجودة في الحضانة , شيء طبيعي أن يبكي ألطفل في أيامه الأولى , ومع مرور الزمن, وصل هذا الولد لجيل يؤهله دخول المدرسة , لم يكن يحبها ولا يحب المواد ولكنه أكمل دراسته وحصل على مجموع أهله لدراسة العديد من المواضيع مثل الحقوق والطب والهندسة وبعد مراجعه ودراسة جدية عميقة قرر الالتحاق بكلية الحقوق , ولكن أهله رفضوا ذلك وبطرقهم الخاصة والمقنعة حثاه بأن يتعلم موضوع الطب لما يحويه هذا الموضوع من أناقة وحلي خارجي للمجتمع , لم يحب الموضوع و لكنه درسه و انتهى منه بتقدير رشحه للعمل في إحدى المستشفيات ولما تسلم العمل و الراتب قيل له يجب أن تتزوج فالكل يفعل ذلك . فتزوج فتاة جميلة من عائلة نبيلة وأنجبا ألابناء فظل يعمل لينفق عليهم...ثم مات !!!! ما فعله ليس سيئا,ليس قبيحا ولكنه بلا معنى بلا هدف لم يحقق منه شيئا,كون هذا الكلام أساسا للشباب وهدف لكل منا فهذه الأهداف أصبحت شيء روتيني جدا , ولكن اختيار هدف لحياتك يحدث في أي جيل ؟ لا يجوز أن نموت و نحيا بلا هدف!!! فلحياة بلا هدف سامي وعالً لا معنى ولا طعم لها , هدفك العمل ؟ أو الزواج ؟؟ هذه وسائل لأهداف وليست أهداف في حد ذاتها, أن الشخص الوحيد الذي يحيا حياة سعيدة لها طعم و معنى هو صاحب الهدف الواضح والصريح مع نفسه وذاته, سمعت أن أطفال المدارس في الغرب من جيل ست سنوات لديهم حصة في البرنامج الأسبوعي اسمها حدد هدفك من الحياة ,بالطبع في هذه السن الطفل لا يفهم المعنى ولكنه بالإلحاح يبدأ في الإحساس بأهمية الفكرة ,وبعد فتره يبدأ كل طفل في البحث عن هدف وتتابع الأسرة في تطوير وسائل الطفل في اتجاه هدفه وتساعده في بناء شخصيته منذ الصغر ,أن الأسرة لا ينحصر دورها في توفير المأكل والملبس فقط, فهذه ليست التربية المقصودة وليست الثقافة التي يحتاجها الطفل ولكن للأسف هذه هي حال معظم العائلات العربية, فالتربية متابعة دائمة ولصيقة لإمكانيات الطفل ومواهبه وتطويرها فان أساسيات التربية اكبر بكثير من مجرد طعام وملابس وسفر ومشتريات , أنها بحد ذاته مجموعه من القوانين التي تنظم حياه الأطفال من الصغر وتواكبهم في مسارات حياتهم للوصول بهم إلى النجاح المطلوب.
التركيز على الأهداف
أن أهميه التركيز على الأهداف وتحديدها هي محفز يساعدك على حياة أكثر اتزانا من الناحية النفسية ,فهو يرشدك إلى طريقك في الحياة,وهو يرشدك إلى الاتجاه الذي ستركز فيه دائما. تحديد الأهداف يلعب دورا فعالاً في تحقيقها: أن الإعطاء للحياة معنى يساعد على وضوح الطريق, هو حافز بحد ذاته يعانقنا دائما ويعطينا القوه والصبر لاستكمال المسيرة مهما كانت الشوائب والصعوبات التي أمامنا ,يساعد على وحده القلب " لا يقدر احد أن يخدم سيدين في نفس الوقت" ولتحديد الهدف فلا بد أن يكون لك هدف واضح يتلاءم مع إمكانيات الإنسان وقدراته وهدف يكون قابل للتحقيق والتطبيق.