الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 14 / نوفمبر 04:01

هَذَيانُ عَاقِل ٍ-بقلم: محمد حسني عرار(العرار)

كل العرب -الناصرة
نُشر: 18/06/10 20:39,  حُتلن: 19:47

زمجر َ الريح ُ يتلاعب ُ بنافذتي، يلاطم ُ الشباك َ باصوات الأشباح السمائية، ويرسم ُ في خارطتي الحيرة والتساؤلات، يخط ُ اغتراب الحروف ِ في ذاكرتي ورحلتي الطويلة في محجة ِ الكلمات، يشدو الريح ُ بألف قصة ٍ ألفتها في أخيلة الليل والقصة ُ الوحيدة هي حكاية الغربة بين الأهل والأحبة


مزاجية ٌ تنهدات الريح تعصف ُ بالسنابل في الحقل الغربي من بيتنا، وتنثر حبوب اللقاح مع الندى في ساعة الفجر الصباحية، يئن الريح ُ برفقة جوقة الحساسين البرية، برفقة الحمائم الوردية، وزهور ٍ من ريحان وليلة قدرٍ وبعض من الزنابق ِ التي تتمايل ُ راقصة ً لانتهاء الربيع ِ وانتشال الصيف من خيوط الشمس المحرقة في بلادنا في قريتنا الغريبة


رحلت ُ من المكان الذي جلست فيه، مع تنهدات صدري ودقات قلبي باحثا ً عن المستقبل في أزقة البيت، راحلا ً الى العلاء ِ مبتعدا عن البهرج ِ الخداع، ساقطا ً أمام الخوف، مغتربا ً في الديار والوطن، أخال نفسي النسر الرحال في احجيات الزمن اطير ُ في كبد السماء مثل شعر المتنبي وسط فلسفة الحكمة والتنوير في اجمل العصور الذهبية


نظرت الى الدنيا فاذ بأناس يسرحون عن ذاتهم الروحية ينخرطون بذاتهم الحسية باحثين عن اللذة في الروابي والوشائع، يبحثون عن جسد امرأة يتذوقون حلاوته الخمرية فيسكرون عليه، واخرون يقصدون الثراء والغنى فيطاردون المادة المتهللة بالمال يسترقون السمع الى حشرجة السماء داعين الله بامطار النقائض فوق اكفهم المتضرعة، ومن بعيد هنالك أناس يحجبهم النور الروحي والدين المحمدي فلا تعرف كنه نفوسهم ، تجدهم يرددون ايات الله واسمائه في جلساتهم ويدّعون الصلاة والتسبيح عند تقلب الجو الثائر فيغطي لؤمهم وطمعهم للوصول الى العلاء والمناصب سجيتهم الدينية


فاذا شطحت معي بالمرأة وجدتها عنصرا ً فريدا ً، بلسما ً ليلي، تجارةً اكتشفت حديثا ً فالكل يلوح بجسدها ويرفرف بعُريها على شاشات التلفاز او في شبكة الانترنت، او حتى عبر المجلات والصحف اليومية، فعند موت احد الزعماء تجد الصحف مهللة التعازي للشعب وبقرب الخبر الرئيسي يدوّن :"ناهد مغنية سقط انها في احد الملاهي الليلة"، وفي صحيفة ٍ اخرى دوّن : "جمالها الهيّ، تزوجت من عشر رجال، وطلقت الف رجل اخرين"


تماما ً يزين ُ القوم لنا الدعارة بالغناء، فصار الغناء من ارتقاء الروح في مقام الصبا ورفرفة العواطف الى انحطاط الجسد في ارذل ِ صفاته وحركاته عبر راقصة ٍ تتمايل مستعرضة ً محاسنها أمام الخلق فهي زانية ٌ، تزني بعيون من ينظر اليها وتضل الشبيبة عن سبيل الله الممتد في وسط الأرض في مكة المكرمة


ترحل عن ذاتك هنيهة تفكرُ، فيقول لك عقلك الباطن : " لا تفكر فالفكر حرام يجر عليك الشؤم فتصير عاصيا لله اذا فكرت"


تعود مرة ً اخرى باختلاجاتك وحنو الليل ِ يطل عليك من كوة ِ النافذة والقمر يستطريك في وسط النجوم حلاوة ً ورقة فتتذكر الوحدة التي تشج ُ نفسك واقتسام ذاتك الى ذوات فانت ازدواجي العقيدة، والشخصية، والهوية


حدثتني احد العصافير هامسة ً لي عن جيل النهضة الجديد فقالت: " هم جيل الجِلّ على الشعر الممشط على شكل شياك قبيحة، يلبسون في اعناقهم الحلي وعقود ٍ مثل الكلاب ِ اللاهثة وراء العظمة النتنة، يرتدون ألبسة تكاد ان تكون بالية لكنها باهظة الثمن، المراهقة ُ تحب ان تلفت الانتباه بملابسها الملتصقة على فخذيها، تشتري ردائا يبرز صدرها للنظر، والمرأة ترش العطر في مشيتها تدل التائهين على مكانها في الأماكن العامة، الرجل خليط ٌ من الرياء والكذب، والشيخ كان وقورا ً فاصبح يجلس في مقهى النت عوضا ً عن الشبيبة"


دهشت ُ لحديث عصفورةٍ ترحل ُ كل يوم في بلد، فتطير ُ عبر المدائن وتخبرني من ترحالها وتحليقها في السماء كيف صار حال امتي، من العلاء ارضا ً الى الانحطاط، فالدين صار لعبة للسلطة، والمرأة اصبحت تجارة مادية، والكل ُ يركض خلف مطامع المال يصدقون نبؤة كارل ماركس الشيوعية أن الدين هو افيون الشعوب ولا وجود لله انما الوجود للمادة

مقالات متعلقة

.