دخلت سمر غرفة والدها، شاهدته يجلس خلف طاولته، يقرأ في كتاب
اقتربت منه قائلة:
-بابا
هل تأخذني إلى الحديقة العامّة؟ اليوم جمعة، والنّهار جميل
نظر الأب إلى صغيرته مبتسماً، قال:
-سآخذك يا عصفورتي، اصبري قليلاً ريثما أنهي قراءة الصّفحتين المتبقيتين
فرحت سمر
وراحت تتأمل الأشياء فوق الطّاولة
شاهدت أوراقاً بيضاً، وعلبة تلوين شمعيّة، أقلاماً موضوعة في علبة جلديّة، وكرة أرضيّة صغيرة، يخترقها محور، مثبّت على قاعدة معدنيّة
اقتربت من الكرة، وبدأت تديرها مندهشة
صورة توضيحية
كانت الكرة تحوي مساحات ملونة بألوان مختلفة، عليها خطوط وأسماء كثيرة
سألت سمر:
-ماذا تسمّى هذه الخطوط؟
أغلق الأب الكتاب، قال:
-لكل خط اسم، هذا خط الاستواء، وأشار إلى وسط الكرة وهذان مدارا السّرطان والجدي
-طيّب
لماذا يشغل اللون الأزرق مساحة كبيرة؟
-لأنّه يرمز إلى البحار والمحيطات، إنّها تشكّل ثلاثة أرباع مساحة الكرة
-آه
تذكّرت، ألن تأخذني إلى اللاذقية في الصّيف؟
-طبعاً، شرط أن تنالي المرتبة الأولى
-اطمئن
أنا مجتهدة، لكن
أين هي اللاذقية؟
قرّب الأب رأسه من الكرة، أمسك قلماً وأشار به إلى مساحة ملوّنة بالبنّي، قال:
-هذا قطرنا، وتلك مدينة اللاذقيّة
أخذت سمر نفساً عميقاً، كأنّها تخيّلت نفسها أمام البحر ثمّ سألت:
-أين لبنان؟
أشار الأب إلى مساحة بنفسجيّة اللون
-أين مصر؟
-ها هي
إنّها باللون الأصفر
قطّبت سمر جبينها، انحنت على الطاولة، واضعة كفّيها الصّغيرتين على خدّيها، كأنّها تفكّر بأمر ما، بينما توجّه الأب إلى غرفة النّوم ليلبس ثياب الخروج
بعد قليل، نادى صغيرته، كي يذهبا إلى الحديقة، لكنّه لم يسمع ردّاً!
فتح باب غرفته، فوجدها تلوّن الوطن العربي بقلم الشّمع الأخضر، وترسم أراجيحَ وزهوراً وعصافير
ضحك الأب، قال:
-أرى أنّك نقلت الحديقة العّامّة، إلى سطح الكرة
ابتسمت سمر، قالت:
-أنا أحبّ أن ألعب مع كلّ الأطفال العرب
مسح الأب شعر صغيرته بحنان، وقال:
-أرجو أن تكملي تلوين الكرة، لأنني أحب أن تلعبي مع كلّ أطفال العالم