* نديم روحانا، مدير عام مدى الكرمل: "من الغريب أن يخضع مركز أبحاث محترم مثل ال IDRC لضغوطات منظمة يمينية مثل NGO monitor المعروفة بأنصاف الحقائق والتشويهات"
بأعقاب ضغوطات من قبل الخارجية الإسرائيلية ومنظمات صهيونية يمينية متطرفة سحب مركز البحوث الدولة التابع للحكومة الكندية تمويله لمشاريع بحثية لمركز مدى الكرمل؛ بروفيسور نديم روحانا: "لن يردعنا هذا من الاستمرار في البحث الاكاديمي والكشف عن تناقضات مفهوم الدولة اليهودية، ووضع الأسس الفكرية للدولة الديمقراطية الحقيقية".
يبدو أن الحكومة الإسرائيلية لا تكتفي بفرض القيود وممارسة سياسة الترهيب على مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني الفاعلة، بل قامت وبخطوة غير مسبوقة بتحريض دولة أجنبية ضد مدى الكرمل – المركز العربي للدارسات الاجتماعية التطبيقية. حيث تشير المعلومات إلى قيام الخارجية الإسرائيلية، وعبر سفيرتها في كندا، بالضغط على مركز التنمية والبحوث الدولية في كندا (IDRC)، الذي يعمل إلى جانب حكومة كندا وبتمويلها، لسحب تمويل متفق عليه لمشاريع بحثية لمركز مدى الكرمل. ويتضح أن إسرائيل وبالتعاون مع تنظيمات صهيونية يمينية متطرفة، استغلت علاقاتها مع حكومة كندا اليمينية للممارسة الضغط على مركز البحوث والتنمية الكندي. كما يتضح أن حكومة كندا خنعت للضغوطات السياسية الإسرائيلية واستجابت لمطالب الأخيرة.
البروفيسور نديم روحانا
البروفيسور نديم روحانا يستنكر
ففي شهر آذار من العام الحالي قام مركز التنمية (IDRC) وبشكل مفاجئ بإبلاغ مدى الكرمل بإلغاء منحتي بحث بمبلغ 776,500 دولار أمريكي. وهذا المبلغ (جزء منه قد صرف في العام الماضي) معد لتمويل مشروعي بحث: الأول حول "جدوى المشاركة السياسية للفلسطينيين في الداخل منذ 1948"؛ والثاني حول "مكانة النساء الفلسطينيات وعلاقة ذلك بالسياسات الاقتصادية الإسرائيلية". وسوغ مركز البحوث الدولية قراره هذا "بسبب إعادة النظر في استراتيجيات وأولويات المركز".
وكان مركز مدى الكرمل قد توجه بأعقاب ذلك بدعوى قضائية للمحكمة الفيدرالية في كندا ضد مكز التنمية والبحوث الكندي مطالبا بإلزام الأخير بتنفيذ الاتفاقية الموقعة مع مدى الكرمل وإعادة الأموال. وخلال الإجراءات القضائية تبين إن الغاء المنحتين جاء لأسباب سياسية صرف، ونتيجة تدخل السفيرة الإسرائيلية وحملة التحريض التي تشنها مجموعات إسرائيلية يمينية متطرفة، مثل منظمة NGO Monitor. وجاءت تصريحات رئيس مركز التنمية والبحوث في كندا، د. دافيد ملوم، المشفوعة بالقسم أمام المحكمة الفدرالية في كندا لتأكد تلك الشكوك. حيث قال: "عرفت لأول مرة عن مشاريع مدى الكرمل بواسطة ال NGO Monitor".
في هذا السياق قال بروفيسور نديم روحانا، مدير عام مدى الكرمل: "من الغريب أن يخضع مركز أبحاث محترم مثل ال IDRC لضغوطات منظمة يمينية مثل NGO monitor المعروفة بأنصاف الحقائق والتشويهات. لا يمكن لمركز التنمية والبحوث الدولية في كندا، المناداة بالتعددية الثقافية في بلاده، لكن عندما يتعلق الأمر في إسرائيل يحاول منعنا حتى من إجراء بحث في هذا المجال. هذا مثال عن نفاق بعض المؤسسات الغربية المانحة التي تدعي تأييدها للديمقراطية والتغيير الديمقراطي، وفي نفس الوقت تعمل بناء على أجندات مخفية".
توسيع نشاطات مركز التنمية
يذكر أن المسؤولون في مركز التنمية الكندي، وفي مناسبات مختلفة، كانوا قد عبروا عن رضاهم من تقدم العمل على المشروعين في مدى الكرمل، بل وتم الحديث عن إمكانية زيادة مبلغ التمويل للمشروعين، والعمل على تمديد فترة البحث المقررة، وتوسيع نشاطات مركز التنمية لمشاريع أخرى في مدى الكرمل. كما كان مركز التنمية الكندي قد تلقى رسالة من السفارة الكندية في إسرائيل تؤكد على جدية وأهمية الأبحاث التي يقوم بها مركز مدى، وأن مدى الكرمل هو مركز مهني وموثوق.
في تاريخ 15.6.2010 وخلال استجواب السيد ملوم، اعترف الأخير بأن مركز التنمية الكندي لم يقم في السابق بإلغاء أي منحة جارية إلا إذا تعلق الأمر بخروقات واضحة. كما أقر أنه قام بإلغاء الدعم دون التشاور مع مدى الكرمل ودون مراجعة التقارير المتعلقة بسيرورة المشروعين. هذا واعترف السيد ملوم أنه وحتى تاريخ 11.2.2010 كان مقتنعا بأن تمويل المشروعين في مدى يتلاءم مع استراتيجية مركز التنمية وأهدافه، لكنه غيّر موقفه بتاريخ 1.3.2010. كما اعترف أنه التقى السفيرة الإسرائيلية في كندا بتاريخ 17.2.2010، أي أسبوعين قبل موعد إلغاء التمويل. وهذا الأمر يثير الشكوك حول تورط وزارة الخارجية الإسرائيلية وضغطها على مركز IDRC، من أجل إلغاء المنحة لمدى الكرمل. يذكر أن طاقم المحامين من قبل مركز IDRC قد منع السيد ملوم من الإدلاء بأية معلومة حول مضمون وفحوى لقائه مع السفيرة الإسرائيلية، بإدعاء أن الأمر "يتعلق بالعلاقات الدولية وله طابع أمني".
وفي تعقيب للبروفيسور نديم روحانا قال: "إذا اتضحت صحة هذه الشكوك، فنحن أمام فضيحة حقيقية وخطيرة. تخطئ حكومة إسرائيل بظنها أن تقليص حيز النشاط الاكاديمي والمدني سوف يمنع مدى الكرمل من الاستمرار في البحث الاكاديمي والكشف عن تناقضات مفهوم الدولة اليهودية، ووضع الأسس الفكرية للدولة الديمقراطية الحقيقية". كما قال بروفيسور روحانا بأن الحكومة الإسرائيلية وذلك التنظيم الصهيوني اليميني المتطرف، لا يملكان الشجاعة والاستقامة الأكاديمية لمواجهة خطاب مدى الكرمل الديمقراطي، لذلك فهما يلجئان إلى تشويه وتزوير الحقائق.
سبب إلغاء المنحة
من الواضح أن سبب إلغاء المنحة من قبل مركز التنمية الكندي هو سياسي بامتياز. فقبل إلغاء المنحة بنحو شهرين، قام اثنان من المسؤولين في مركز التنمية بالاتصال بمركز مدى حول ما أسمياه "أمرا عاجلا" يتعلق بملصق والخبر الذي نشرته صحيفة "الجويش خرونيكال" عنه بتاريخ 12.11.2009. يظهر في الملصق صورة لجندي إسرائيلي على حاجز عسكري يمد يده نحو أمرأة فلسطينية، كلاهما في كامل لبساهما، وتحت الصورة كتب "الاحتلال يمسّها كل يوم، زوجها لا يلمسها إلا بتصريح". يذكر أن الملصق يعود للمنتدى العربية لجنسانية الفرد والأسرة" ولا علاقة لمدى به، لكنه تم ارساله مع بيان صحفي مشترك لمدى الكرمل ومنتدى الجنسانية ضمن حملة "يوم واحد نضال واحد" والتي بادر إليها "ائتلاف الحقوق الجنسية والجسدية في المجتمعات الإسلامية"، كما أن مركز التنمية الكندي لم يمول هذه الحملة، ولا علاقة له بها.
هذا وقد عملت صحيفة " "THE JEWISH CHRONICLEعلى اخراج الملصق من سياقه وعملت على فبركة خبر ملئ بالمغالطات، وصوّرت الملصق على أنه "ملصق اغتصاب يعرض إسرائيل بشكل شيطاني". وفي رده على الخبر طالب مركز مدى الكرمل الصحيفة التراجع عن المغالطات وتصحيح ما تم نشره، لكن الصحيفة رفضت ذلك. كما عمل التنظيم اليهودي اليميني المتطرف ال- NGO Monitor على نقل الخبر المشوّه دون محاولة استيضاح الأمر مع مدى الكرمل.
هذا وقد أثار قرار مركز ال- IDRC استياء العديد من المؤسسات والأكاديميين من دول مختلفة، وقام العديد منهم بإرسال رسائل احتجاج لمركز التنمية لثنيه عن قراره. ومن المفترض أن تبت لجنة تحكيم في هذه المسألة حتى نهاية الشهر الحالي.