متحف ابو جهاد منارة ترسخ القيم الوطنية النضالية ، وعلامة فارقة في تكوين الراي العام الضاغط على اسرائيل
منذ افتتاحه في السادس عشر من نيسان من عام 2007 ،وضع القائمون على مركز ومتحف ابو جهاد لشؤون الحركة الاسيرة في جامعة القدس ، نصب اعينهم طرح قضية الاسرى وتناولها في مجالات حيوية كان قد جرى هجرها او على الاقل عدم ايلائها الاهمية الكافية ، هادفين في ذلك الى احداث الضغط على دولة الاحتلال لانهاء معاناة الاف الاسيرات والاسرى واللذين لا يزلوا يقبعون داخل زنازين الاحتلال دون ان تعرف لمعانتهم النهاية .
تبلور الفكرة والبدء بها
وكان قد سبق افتتاح المتحف ، ما يقارب العشرة سنين قضاها الاسير المحرر فهد ابو الحاج في جمع الارث الثقافي والفني بكل ما يحتويه من كتابات ورسائل ومشغولات يدوية واعمال فنية ،ابدعتها ايادي الاسيرات والاسرى داخل السجون ،ويقول ابو الحاج في هذا الصدد ( منذ اللحظة الاولى من نيلي للحرية مع اخوتي الاسرى الذين تحرروا في عملية تبادل الاسرى في العام 1985 ، راودتني فكرة الحفاظ على كل ما عايشته من ابداعات للاسرى داخل السجون ،وعدم تركها للاهمال والضياع )،ويضيف ابو الحاج (لعل ان هناك دافع اخر واكثر خصوصية بي ،الا وهو اني قد دخلت الى المعتقلات اميا لا اعرف القراءة والكتابة ،وخرجت منها باحث وكاتب في شؤون الاسرى وايضا الشؤون الوطنية والسياسية بالشكل العام ،ويكمل( وبالتالي اعتبر نفسي من اكثر الاسرى الذين يقع على عاتقهم حماية واحتضان ارث الحركة الاسيرة ).
وقد حاول ابو الحاج في تلك الحقبة البدء في جمع الارث النضالي للاسرى وقد جمع القليل منه ،وبسبب الظروف الامنية والسياسية التي واكبت تلك المرحلة ،وايضا تعرضه للاعتقال والزج به داخل السجون قد حال دون تمكنه من اتمام ما بدء ،ويقول ابو الحاج عن هذه الظروف (بالرغم من ان اعتقالي حال دون اتمامي الفكرة التي بدئت ،الا اننني استطعت ان اراكم عدة افكار، واستفيد مما قمت به من استشارة لبعض الاخوة داخل السجن ،وكان لذلك عظيم الاثر في ازدياد قناعتي بضرورة انجاز فكرة انشاء صرح يحوي ارث الحركة الاسيرة ) وبعد تحرره من الاعتقال ،دئب ابو الحاج على اكمال ما بدء وقام بمخاطبة عدة جهات من اجل ذلك،وتداخلت الظروف والمؤثرات السياسية لتاجل البدء بالمشروع للمرة الثانية ،حيث كانت في تلك الفترة مفاوضات السلام والحديث عن انشاء كيان فلسطيني في ارض الوطن .
وبعد استقرار الاوضاع وتسلم السلطة لمناطق الضفه الفلسطينية ،اقتنص ابو الحاج الفرصة للبدء وارسل بعدة رسائل الى المسئولين والشخصيات الفلسطينين ،وقد كان اول من لبى النداء ا د سري نسيبة رئيس جامعة القدس والذي ادرك الاهمية الوطنية والتاريخية لانشاء مؤسسة خاصة بالترويج لقضية الاسرى بكل ما تحملة من وسائل ومنهجية جديدة ،ويقول ابو الحاج (كترجمة لاهتمام الدكتور سري نسيبة ،بدء على الفور بتجهيز كل ما يلزم لجمع هذا الارث ،وبدء بمخاطبة الجهات الداعمة والممولة لانشاء مركز ومتحف ابو جهاد نوقدم الصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي ،ودولة الكويت الشقيقة الدعم الكافي لانشاء هذا الصرح ،الا ان تم افتتاحه في العام 2007 ).
تسمية ورسالة المتحف
جاءت تسمية المتحف تكريما لامير الشهداء خليل الوزير (ابو جهاد) ذاك القائد الذي كان راعيا للحركة الاسيرة في مرحلة النهوض الوطني ،والتي جعلت الشعب الفلسطيني صاحب مبادرة ولا يعتمد على ردات الفعل ،وفي ذلك يقول ابو الحاج (انه بتسمية المتحف باسم الشهيد ابو جهاد ،نكون قد حفرنا اسم هذا الرمز على انبل ظاهرة نضالية عرفها التاريخ مؤكدين ان ابو جهاد استشهد خلال دفاعه عن قضية انسانية اقر بعدالتها كل المجتمع الدولي والراي العام العالمي ).
ويهدف المتحف الى ابراز دور الحركة الاسيرة في الحياة الفلسطينية ،كما يصور رحلة العذاب ابتداءا من زنازين السجان ،ومرورا بكل ويلات زمن الاعتقال ،وانتهاءا برحلة الحرية ،كل ذلك من خلال القصص والاحداث التي واكبت الاسرى ،وايضا من خلال ما تميز به الاسرى الفلسطينين من ابداع المشغولات اليدوية والاعمال الفنية ،وفي هذا الصدد اشار ابو الحاج الى ان مجمل هذه الاعمال اضحت مكوننا اساسيا من مكونات الفن الفلسطيني الممزوجه بآيات النضال والكفاح .
الاسرى افتتحوا اول جامعة داخل السجون
وفي معرض تطرقه الى جانب ابداعات الاسرى في كل مجالات العلم والثقافة من خلال ما ساغوه داخل السجون ،بالاضافة الى قيام الاسرى باعطاء الدورات العلمية والتثقيفية لكل من يحتاج لها ،قال ابو الحاج (لقد اسس الاسرى الفلسطينين اول جامعة داخل المعتقلات الاسرائيلية ،والتي تميز كل من تخرج منها ليس فقط بالالمام العلمي والثقافي الواسع ،بل ايضا بصقل شخصيته الوطنية بحيث جعلت من الاستحالة على هذه الشخصية ان تعرف الانكسار او التراجع ).
ويضيف ابو الحاج نحن بدورنا شرعنا بتاسيس اول مركز بحثي متخصص بقضايا الحركة الاسيرة ،مستفيدين في ذلك من الحجم الهائل من المخطوطات والرسائل والكتب التي انجزها الاسرى داخل السجون ،والتي نجحنا الى الان بجمع ما لا يقل عن 17 الف منها ،لنبدء بهذا الرقم اطلاق اول مكتبة الكترونية مختصة بقضايا الحركة الاسيرة على مستوى العالم ) ،وختم ابو الحاج بالاشارة الى قيام المتحف بطرح مساق تدريسي مختص بقضايا الاسرى وتدريسه لطلبة الجامعة ،متمنيا ان تحذو باقي المؤسسات حذو جامعة القدس وصولا الى جعل هذا المساق اساس لاي عملية تربية وطنية فلسطينية .
ويخلص ابو الحاج للقول ان هذا المتحف هو عبارة عن محاولة جادة للتعبير عن قوة الارادة والتحدي للشعب القلسطيني ،هذا الشعب الذي عاش ولا يزال معاناة وقسوة الاحتلال الذي حول كل حياتنا الى سجن كبير .
جانب من الزيارات للمتحف
لقد ادرك القائمين على المتحف منذ اللحظة الاولى لافتتاحه ،ضرورة التنوع والتميز في انشطته وفعالياته ،لذا شرعوا بالعمل على ثلاث مسارات متزامنة .
استقبال الوفود الرسمية الاجنبية والمحلية وطلبة المدارس
اذ وانطلاقا من وعي طاقم المتحف لضرورة رفد الراي العام الدولي والمحلي والاجيال القادمة ،بكل تفاصيل الحياة الكفاحية للاسرى داخل السجون ، واولية ابرازها كقضية حقوقية ومطلبية سياسية بالدرجة الاولى ،بالاضافة الى بعدها الانساني الذي لايقل اهمية عما سبق ،فقد استقبل المتحف عدد من الوفود الرسمية ووفود متضامنة اوروبية وامريكية.
الوفود الرسمية
فقد زار المتحف رئيس البعثة الهنجارية csaba czibere على راس وفد هنجاري ضم الى جانب طاقم الممثلية dr meszaros tamas رئيس جامعة بودابست ،وذلك برفقة الدكتور زكريا القاق مساعد رئيس الجامعة للشؤون الخارجية والدكتور سميرة البرغوثي عميدة البحث العلمي بجامعة القدس ،وكان باستقبالهم ا فهد ابو الحاج وطاقم المتحف .
وقدم ابو الحاج شرحا حول مراحل الاعتقال والتي جرى التعبير عنها بوسائل مختلفة في زوايا العرض داخل المتحف ، بدءا من لحظة الاعتقال ومرورا بفترات التحقيق والتي يترافق معها ممارسة كل صنوف التعذيب الجسدي الوحشي والذي يذكر بالعصور الوسطى ،مما ادى الى استشهاد الكثير من الاسرى نتيجة التعذيب ، ولا يقل تاثيرا عن ذلك تعمد مصلحة السجون الاسرائيلية الاهمال الطبي بحق الاسرى مما ادى استشهاد الاسيرين (رائد حماد ومحمد عابدين ) فقط خلال الشهر المنصرم ومطلع الشهر الحالي ، وتطرق ابو الحاج الى القانون الاسرائيلي الاخير وهو ما سمي قانون شاليط والذي يهدف الى القتل البطيء للاسرى وحرمانهم من ابسط حقوقهم ومنعهم من زيارة المحامين والاهل ، وصرحت اسرائيل بان هذه الاجراءات ستبقى سارية الى ان يطلق الاسير الاسرائيلي شاليط ،وهو ما يعتبر اعتراف بممارسة القصاص من الاسرى ،واكد ابو الحاج انه بالرغم من استمرار التعنت الاسرائيلي بحل الصراع واقامة الدولة الفلسطينية ،الا اننا لازلنا مصرين على نيل حقوقنا المشروعة مهما طال الزمن .
كما زار المركز البرفسور(bruce fisk ) ،المحاضر في جامعة كندا، وذلك برفقة الدكتور مصطفى ابو صوي نائب عميد كلية بارد بالجامعة ، وقام باستقبال البرفسور مدير عام مركز ابو جهاد ا فهد ابو الحاج ، الذي رحب بزيارته معربا عن امله في ان تسهم الزياره في زيادة المعلومات حول ابعاد .
قضية الاسرى
ولفت ابو الحاج الى ان الاسرى رغم كل الصعوبات نجحوا في اثبات ارادتهم ،واستخدموا في ذلك اساليب عديدة ، مشيرا الى ما يحويه المتحف من مشغولات يدوية واعمال فنية عبر من خلالها الاسرى عن قضاياهم الوطنية ، كما نجح الاسرى في تنشيط الحياة الثقافية والادبية ،لنجد ما يزيد على 17 الف وثيقة ومخطوطه ساغها الاسرى داخل السجون ،والتي اطلع الزائر على عدد منها في مكتبة الحركة الاسير.
المتضامنين الاجانب
وزار المركز وفد شبابي بريطاني ونرويجي الذين اتوا لزيادة اطلاعهم على معاناة الشعب الفلسطيني بالتعاون مع اتحاد شباب الاستقلال ،وقد اعطى طاقم المركز شرحا للوفد واجابوهم على اسئلتهم التي تركزت حول ابعاد الصراع والافق المتاح للحلول السلمية .
كما زار وفد من المتضامنين الاسكتلنديين والذين خصصوا زيارتهم لمتحف ابو جهاد وعبروا عن سعادتهم لوجود مثل هكذا صرح يمكن من خلاله ابراز معاناة الاسرى وتوضيحها للراي العام ،و زار عدد من ممثلي مؤسسات المجتمع المدني الفرنسية المتحف معربين عن املهم في الافراج العاجل عن الاسرى واقامة السلام وتمتع الشعب الفلسطيني بكامل حقوقه الوطنية .
وزار المتحف عدد من طلبة الجامعات الالمانية ،والذين قدموا لفلسطين لدراسة ابعاد الصراع العربي الاسرائيلي ،واعربوا عن النجاح الكبير في ايصال رسالة قضية الاسرى العادلة من خلال معروضات المتحف ،كما وشكروا افادتهم من معلومات كانوا بامس الحاجة لها لتكوين الراي الصادق والنابع من الضمير الانساني الحي ،واستقبل طاقم المتحف وفد من الجامعة الامريكية في واشنطن ضم عدد من الاكاديمين وطلبة الدراسات العليا والمتخصصه بقضايا صراع الشرق الاوسط
،واستقبل طاقم المتحف وفد من الجامعة الامريكية في واشنطن ضم عدد من الاكاديمين وطلبة الدراسات العليا والمتخصصه بقضايا صراع الشرق الاوسط.
وفود المؤسسات المحلية وطلبة المدارس
وقد زار المتحف في الايام الاخيرة وفد من مركز المنتدى الثقافي في بلدة بيت عنان ،ضم فرق فنية تابعة للمركز كما ضم عدد من منتسبي الدورات المختلفة والتي يقدمها المركز ،كما زار المتحف وفد من مؤسسة جذور في بلدة سخنين حيث استهدفت الزيارة رفد عدد من الشباب بمعلومات حول قضية الاسرى ،واستقبل المتحف وفد من اكاديمي وطلبة جامعة النجاح الوطنية ضمن سلسلة الزيارات التي قامت بها للمتحف منذ بدء العام الدراسي .
وام المتحف عدد من طلبة المدارس من مراحل مختلفة ومن كلا الجنسين ،حيث زار المتحف كل من مدرسة نوبا الثانوية للبنين ،ومدرسة مخيم عرب الجهالين المختلطة ،ومدرسة بنات بيت سوريك ،وقد قام طاقم المتحف باستقبالهم والشرح لهم ،كما تم عرض فلم وثائقي يصور الحياة النضالية الطويلة للشعب الفلسطيني سواءا داخل المعتقلات او خارجه كما وشكروا افادتهم من معلومات كانوا بامس الحاجة لها لتكوين الراي الصادق والنابع من الضمير الانساني الحي.