الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 12 / نوفمبر 23:02

الشيخ حمّاد أبو دعابس- أجندتنا العربيّة على أصداء العنصريّة

كل العرب
نُشر: 29/10/10 10:10,  حُتلن: 12:38

 الشيخ حمّاد أبو دعابس في مقاله:

إسرائيل ابدت ارتياحها كون الجرائم الأمريكية الكبرى تقزِّم الجرائم الإسرائيليّة " المحدودة نسبياً " حسب نظرهم

 الشّعب الفلسطيني لم يعد لديه شيء يخسره . فقد جرّب كل ويلات الاحتلال ذاق السجون، والاغلاقات والحصار ، والتجويع والإذلال والعنصريّة والقتل والمجازر والحروب


ما يزال جدول أعمال وسطنا العربي يتحرك متأثراً بمسيرة المجازر الإسرائيلية في فلسطين والأمريكية في العراق وأفغانستان ، والعنصرية البغيضة التي يثيرها الجانب الإسرائيلي بقضائه وبرلمانه وأحزابه ويمينه المتطرّف ، بل وبجمهوره العريض الذي يسير بخطىً حثيثة نحو التطرّف والعنصريّة. فبعد إحياء ذكرى هبة القدس والأقصى والمجزرة بحقّ الشباب العرب الثلاثة عشر في مطلع هذا الشهر ، وبعد ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا ، تأتينا ذكرى مجزرة كفر قاسم. ويطالعنا موقع ويكيليكس الأمريكي بالمستندات المرعبة حول المجازر الأمريكية في العراق والتي ذهب ضحيتها مئات الآلاف من الأبرياء . وكأنه تسابق محموم بين الظئر (المرضعة) الأمريكيّة ورضيعتها التي لا تنفطم عنها (إسرائيل ) على من يحطمِّ الأرقام القياسيّة في القتل والإجرام والمجازر بحق العرب والمسلمين . كان تعقيب الصحافة والمسئولين في إسرائيل على التسريبات حول مجازر أمريكا والشيعة في العراق ضد العرب العراقيين وبخاصة السُّنّةّ منهم ، كانت تعقيبات تثير الاشمئزاز والتقزز .

الجرائم الأمريكية الكبرى تقزِّم الجرائم الإسرائيليّة
فقد أبدت إسرائيل ارتياحها ، كون الجرائم الأمريكية الكبرى تقزِّم الجرائم الإسرائيليّة " المحدودة نسبياً " حسب نظرهم . بل لعلّها تُشَرعِن للمجازر الإسرائيلية ، لأنه ما دامت أمريكا زعيمة العالم الحُرّ ترتكب كل هذه المجازر فهو إذاً طريق مشروع لكل من يدور في فلكها .
أما على صعيد الزحف العنصري فبعد القوانين العنصريّة التي لا تتوقّف ومن بينها قانون الولاء والمواطنة ، مروراً بلجنة تيركل المتحيّزة بشكل فاضح مع الجلاّد ضدّ الضحيّة ، ثم بالفتاوى العنصريّة لحاخام صفد والتحرّك العنصريّ ضدّ الطلاب العرب في كليّة صفد ، وليس انتهاءً بقطع أشجار الزيتون وتخريب المحاصيل الزراعيّة في القرى الفلسطينيّة على أيدي أوباش المستوطنين ثم مسيرة العنصريين الاستفزازيّة على مشارف أم الفحم . هذه بعض الأحداث التي نواكبها على مدار الأيام والأسابيع . لقد اختلطت بالهواء الذي نتنفسه والماء الذي نشربه ، واختلطت بكل ما نرى ونسمع ونفكّر. ولا يمكننا تجاوزها أو التغاضي عنها .

مسيرة الأحداث لا تبشّر بخير
إلى جانب هذه الذكريات والحوادث الأليمة ، تبدو أخبار محاولات تجديد المسيرة التفاوضيّة بين إسرائيل والفلسطينيين أخباراً لا معنى لها ، ولا تثير فضول احد ، بل لا يكاد أحد يبني عليها آمالاً. فرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو يشيد بمرتكبي مجزرة أسطول الحريَّة ، دليلاً على أن سفك الدّماء والقتل بدم بارد هي طريق مقبول ، بل بطولة تستحقّ نياشين الشّرف حسب العرف الإسرائيليّ ، ومن كان هذا شأنه فكيف له أن يتخذ من السّلام إستراتيجية أو هدفاً .إنه التردّي الأخلاقيّ والقيميّ الذي تقوده أمريكا وتنتهجه إسرائيل ، فينزع منهما أيَّة أحقيّه في أن تنتسبا للعالم الحُرّ ، أو العالم المتقدِّم . فمن يسلك سلوك الوحوش في الغابات ، ليس له أي مكان في سُلَّم الأمم المحترمة .
ولكن كيف لك أن تُنبِّه السكران الذي يبطش بكل ما حوله ، ويعيث فساداً ، كيف لك أن تنصحه أو تنهاه . فهو في سكره لا يسمع ولا يعقل لنُصح الناصحين . فعليك أن تنتظر ساعة يفيق فيها من سكره ، لكن هذه الساعة لم تَحِن بعد على ما يبدو ، وقد لا تحين أبداً .

"يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار"
هكذا حدّثنا الله تعالى عن بني قريظة الذين نقضوا العهود ، وتآمروا على الإسلام ونبيّ الإسلام ، حتى أجلاهم النبي صلّى الله عليه وسلّم من المدينة وانزل الله تعالى فيهم الآيات في مطلع سورة الحشر . واليوم المشهد يتكرّر ، ولكن ليس تخريب بيوتهم الحجرية والخشبيّة بل بيوتهم الحضاريّة والمدنيّة والإنسانيّة والروحيّة . أي خير يبقى في الإنسان أو المجتمع أو الدولة إذا أصبح القتل ديدنهم، والبغض والكراهيّة والعنصريّة تنفث من أفواههم صباحاً ومساءً . الشّعب الفلسطيني لم يعد لديه شيء يخسره . فقد جرّب كل ويلات الاحتلال ذاق السجون، والاغلاقات والحصار ، والتجويع والإذلال والعنصريّة والقتل والمجازر والحروب إلى بقية القائمة المشئومة . لقد وصل الشعب الفلسطيني منذ زمن إلى أردى الأوضاع وأقساها وليس له إلا أن يتوقّع الارتقاء إلى الأفضل . لكن الذي يجب أن يتدارك نفسه قبل فوات الأوان هو الجانب الإسرائيليّ .

إسرائيل مجرمة حرب
فتقرير غولدستون صنّف إسرائيل كمجرمة حرب وإن لم تكن الكلمات صارخة جداً بهذه الألفاظ . وتقرير الأمم المتحدة أدان مجزرة أسطول الحريّة . وغداً تتوّج إسرائيل كدولة " ابرتهايد " أي تمييز عنصري . ومسيرة العزلة الإسرائيليّة الدوليّة لا تتوقّف . مسئولين إسرائيليين كبار يتخوَّفون من السّفر إلى أوروبا مخافة التعرّض للاعتقال لدورهم في الجرائم . وتكاد إسرائيل تفقد الكثير من أصدقائها في العالم هذه تركيا ، وهذه المغرب التي اعتذرت عن مقابلة ملكها للرئيس بيرس ، وهذه اسبانيا التي يخشى أن يزورها ديختر ، وبريطانيا التي يخشى أن يزورها براك وليفني ، والحبل على الجرار .

تُخرب بيتك بيديك
فنصيحتنا للسكران عندما يفيق : إن من صالحك أن تكون إنساناً قبل أن تكون فتّاكاً ، العنصرية تأكلك قبل أن تأكل غيرك ، تدارك نفسك قبل أن تُخرب بيتك بيديك .
والله غالب على أمره

مقالات متعلقة

.