أبرز ما جاء في المقال:
بات جلياً وواضحاً ان "حلم الجولانيون بالعودة"، يتلاشى يوماً بعد يوم
انطلاق حملة اسرائيلية يهودية متطرفة، لتهويد الجولان، بعد تهويد الجليل والنقب
ارتفاع عدد المستوطنين اليهود في الجولان الى 14 ألف نسمة وزيادة بنسبة فاقت 60%
الموارد الطبيعية الى جانب الحيوانية، والسياحة والمصانع والمساحات الواسعة من الاراضي هي احدى الاسباب لعدم تخلي اسرائيل عن الجولان
الاصوات الإسرائيلية المنادية للسلام مع سوريا غاليتها ليس الا تفكيك حلقة التهديد الإسلامي لإسرائيل المتشكل من حزب الله وإيران وسوريا
في الوقت الذي نسمع فيه، عن إمكانية مفاوضات سلام بين اسرائيل، وسورية، ومطالب بشار الاسد بإعادة الاراضي السورية المحتلة خلال حرب الايام الستة عام 1967، المتمثلة بهضبة الجولان، مصدر الموارد الطبيعية الاول لإسرائيل، وعلى الرغم من الاصوات الاسرائيلية المنادية بتحقيق هذا السلام، وان كان لأهداف عدة في نفس يعقوب، ومن بينها تفكيك حلقة التهديد الإسلامي لإسرائيل التي تتشكل كل من، حزب الله اللبناني، وسوريا، والجمهورية الاسلامية الايرانية، فقد بات جلياً وواضحاً ان "حلم الجولانيون بالعودة"، يتلاشى يوماً بعد يوم.
الحكومة الاسرائيلية ايقنت اهمية الجولان
ان ما نشهده من محاولات اسرائيلية حثيثة، لطمس المعالم العربية، وتوسيع الاستيطان في تلك الاراضي الخضراء، الرائعة، ذات التلال والوديان، والأنهر، جميلة التضاريس، عليلة الرياح، انما تؤكد ما يختبئ بين الأسطر التي خطها قلمي، ففقط خلال السنوات قد تكون "العشر الاخيرة" ايقنت الحكومة الاسرائيلية، حتى مع تغيّر رئيسها ووزرائها، ان الجولان لا بدّ وان يبقى اسرائيلياً، او لنقل محتلاً، منعاً لوقوع التباس، لما فيه من "أمور" ستضطر المفاوضون التفكير مئات المرات قبل إنزاله على طاولة المفاوضات.
الموارد الطبيعية والحيوانية
الموارد الطبيعية في الجولان كثيرة، فالجولان يتمتع بهطولات مطرية غزيرة، قد تصل الى مئات الملمترات سنويا، الى جانب الأنهر والوديان بالعشرات فيه، ليس بدون التربة الخصبة للزراعة، التي تستغل للتفاح والكرز، والكرمة، والتين، والحمضيات، وانواع عديدة من الخضار، وباتت اسرائيل تصدرهم على ان هذه المنتوجات ملك لها، ومع المياه، والمزروعات، قد نجد ان الموارد الحيوانية ايضاً لها دورها فمن المعروف ان الحيوانات والمراعي التي تعيش في الهضبة ذات قدرة انتاج قد تكون مضاعفة عن تلك التي تعيش في مزراع وحظائر اخرى في البلاد.
السياحة .. ولكن ...
من الجهة الاخرى نرى ان السياحة في الجولان تلعب دوراً هاماً ايضاً في الصراع على بقائه بسيادة اسرائيلية، فإذا أراد ينيف من تل ابيب، قضاء عطلة شتوية مع عائلته، فلن يذهب الى ايلات بطبيعة الحال، بل الى شمال البلاد، حيث روعة الطبيعة الخلابة صيفاً وشتاء، وسيكون احد الايام التي سيقضيها هناك، في جبل الشيخ، أعلى قمة جبل في اسرائيل، حيث المنتجع السياحي "حرمون" الذي يمنحه وأفراد عائلته فرصة التزلج على الثلوج البيضاء، ويدر لإسرائيل بالملايين سنوياً، ليذهب في اليوم التالي الى منتجع الحمة، ذات حمامات المياه الحارة، ومن بعدها... لا أدري فلست ضليعاً بتنظيم الرحلات..! ولكن...
الجولان مصدر رزق آلاف العائلات
ان المصانع وأماكن العمل التي اقامتها اسرائيل في الجولان تشكل ايضاً المصدر المعيشي لآلاف العائلات، ففي الجولان، وبحسب الإحصائيات التي تمكنت من التوصل اليها، 700 مكان عمل في مجال الزراعة، يعمل فيه 1100 عامل، و24 مكانا في مجال الصناعة، يعمل فيه 860 عاملاً على الاقل، و207 منتجعات سياحية يعمل فيها 270 عاملاً، و180 محلاً تجارياً، يعمل فيهم 600 عامل، وفي الخدمات العامة والمؤسسات التربوية والتعليمية هنالك اكثر من 1820 موظفا. – وهذا سبب وجيه آخر لألا تفرط الدولة بهذه الاراضي التي تمتد مساحتها حتى 1200 كيلومتر مربع، تحت سيادتها.
نسبة الاستيطان في الجولان تزداد يوماً بعد يوم
والآن نصل الى هدف كلماتي القليلة هذه، على أمل ان لا اطيل عليكم، ففي الامس فقط، انطلقت حملة اسرائيلية يهودية متطرفة، لتهويد الجولان، بعد تهويد الجليل والنقب وشتى المناطق ذات الرائحة العربية النظيفة، عندما اعلنت وكالات صهيونية عديدة، توفير الاراضي والمنازل وأماكن العمل، والأموال الطائلة لمستوطنين يوافقون على الإنتقال للعيش من مركز البلاد الى الجولان، لتتلقى هذه الوكالات في الساعات الأولى لحملتها أكثر من 800 مكالمة، من بينها 600 طلب انتقال أكيد الى تلك المناطق، وهذا وحده من شأنه ان يسبب القلق والخوف في نفس كل من يغار على أرضه، ويخاف عليها، ويخشى الاستيلاء او ما بعد الاستيلاء، قد نصفه بتشديد القبضة عليه، ف6500 مستوطن فقط باتوا في يومنا هذا 14000 نسمة، ومنذ بداية السنة وصل عدد القاطنين الجدد في الجولان الى 700، وخلال السبع سنوات الاخيرة ارتفعت نسبة الاستيطان بـ 60% على الاقل.
السرقة ونهب اسرائيلي للجولان
وما كبت أنفاسي، وأضاق صدري، هي تلك الصور المحزنة لبركة الرام، التي زرتها لاول مرة وآخر مرة حتى اليوم، عندما كنت في العاشرة من عمري، لقطف ثمار التفاح مع عائلتنا في كروم صديقنا "أبو وفيق"، المحاذية للبركة، عندها أبديت إعجابي بها، وتمنيت وبحق لو اننا نسكن في الجولان، وبمحاذاتها. وما يحدث لبركة الرام انما يؤكد السرقة والنهب الاسرائيلي لهذه الاراضي العربية الابيةـ، بمياهها ومواردها، وما اثلج صدري الا حملة "سقيني من القنينة" الذي اطلقها الاشقاء الدروز الاحرار، الا ان ليس الرام فقط تريد حملات مناهضة مماثلة، بل الارض، والوطن، والعلِم والعَلَم.
قضية الجولان باتت مستعصية اكثر من القضية الفلسطينية
وفي النهاية وعلى الرغم انه ما في اليد حيلة، الا ان قضية الجولان، أمست لا بل أضحت، أصعب من القضية الفلسطينية بحسب وجهة النظر الاسرائيلية، فإسرائيل لن تتخلى عن الجولان مهما كانت النتائج، وبالتالي "لا سلام مع سوريا"، ولا يسعني في هذه الاثناء الا ان اقول: الجولان يستودعكم...
(علي ابو الهيجاء - الناصرة)