محمد خليل عليان الكاتب المقدسي: التجربة الابداعية الاعتقالية هي تجربة ابداعية وليست فردية .. فالفرد يذوب في المجموع الاعتقالي والنتاج هو جماعي بامتياز
عماد منى صاحب الصالون الثقافي: في الوقت الذي كان فيه الاسرى يجترحون الصمود في التحقيق ويخوضون معركة الامعاء وينتجون ادبا ثوريا ملحميا كان ابناء شعبهم في الخارج يبدعون اشكالا نضالية وابداعية مختلفة
نبيل الجولاني الكاتب والشاعر: احيي من كل قلبي محمد عليان الانسان المكافح الحارس لحلمه وفكره والمتمترس وراء حائط انسانيته من اجل تحقيق الحرية والاستقلا ، حاملا بوصلته كناظم للتكامل والتواصل بين المبنى والمعنى من جهة وحسن الاداء الادبي الانساني من جهة اخرى
أدهش الكاتب المقدسي محمد خليل عليان "اسير محرر" المشاركين، اليوم، في لقاء صحفي برعاية مقهى الكتاب الثقافي وتنظيم نادي الصحافة المقدسي بغزارة معلوماته والقائه الضوء على عدد من اساليب الكتابة والتعبير الابداعية الجماعية للاسرى في السجون والمعتقلات الاسرائيلية على مدار محطات زمنية مختلفة من حياة الحركة الاسيرة الفلسطينية.
واوضح عليان ان المساحة المتاحة للادب الاعتقالي مساحة ضيقة بل محدودة جدا في خارج المعتقل اذ يندر تناول هذا المشهد الابداعي وما يحفل به من ابداعات مدهشة ومثيرة رغم القيود والرقابة الصارمة والمداهمات والتفتيش اليومي. وعالم ادب السجون هو عالم يكاد يكون مجهولا سواء عن قصد او غير قصد! وهناك تقصير لدى الدوائر الرسمية التي لا تنتبه بشكل حقيقي متواصل للادب الاعتقالي. حيث انه لا يوجد بيت فلسطيني يخلو من وجود معتقل او اسير.
التجربة الابداعية
واعتبر ان التجربة الابداعية الاعتقالية هي تجربة ابداعية وليست فردية، فالفرد يذوب في المجموع الاعتقالي والنتاج هو جماعي بامتياز. قد يكون هناك معتقلا نشيطا ومثابرا واخر اقل ! نشاطا ، او متعلما مثقفا واخر اقل تعلما وثقافة ويجيد عدة لغات واخر لا يجيد ولكن تفاصيل التجربة هي واحدة لدى مجموع الاسرى والمعتقلين.
نظام صارم
وذكر عليان ان هناك نظامين صارمان داخل المعتقلات وهما متناقضان ومتعارضان نظام الادارة القمعية والسجان والنظام الداخلي للاسرى الذي ينظم حياتهم ويعمل على تصليبهم وتوعيتهم لمواجهة المكائد التي تحاك لاسقاطهم او اخضاعهم واضاعة فترة اعتقالهم سدى في قضايا تافهة دون ان يستفيدوا او يتعلموا دروس العلم والحياة. وبعد ان استتعرض ممارسات ادارات السجون في محاربة القلم والكتاب وحجبها عن الاسرى لسنوات طويلة ، الا ان نضال الاسرى تمكن من تحقيق بعض الانجازات في هذا المجال مما اسفر عن ظهور اشكال واساليب ابداعية في السجون مثل الكتابة على الجدران وايصال رسائل من سجين الى اخر- قبل السماح بالورق والقلم - والتي اتخذت وسائل الكتابة بمسامير الاحذية او بالدم احيانا وملء جدران الزنازين بالشعارات الثورية ! والتصدي للتحقيق والنضال والتحذير من عواقب الاعتراف الى غير ذلك والمنشور السياسي التعبوي الذي يتميز بلغة سياسية وفكرية قوية يدعو الاسرى الى الالتفاف حول موقف معين او تبني تحليل سياسي معين وفقا لمبادئ واهداف كل تنظيم من التنظيمات ويطالب باتخاذ خطوات تصعيدية وفقا للمرحلة المعاشة. ويجري تعميمه بعدة وسائل مبتكرة وطريفة بعد تعبئته في كبسولات.
وهناك شكل الرسائل الى الاهل التي تعتبر من اهم طرق التعبير الابداعي لدى الاسرى وما تحتويه من قيم النضال والصمود والفخر بالانتماء الوطني ودفع هذا الضريبة من الدم والعرق ، وان الضربة التي لا تميت تزيد قوة.. واذا لم اعتقل انا ولم تعتقل انت فمن يعتقل..! وهي رسائل تمتاز بقوة صياغتها اللغوية ومضامينها الادبية والفكرية وكذلك هناك المذكرات وهي نوع اخر من ابداع الاسرى التي صودر منها الكثير من قبل سلطات ادارات السجون ، وضرب مثلا على اضراب سجن نفحة الشهير الذي استمر لمدة 33 يوما ، سجلها قلم الاسير عليان ولكن تمت مصادرتها وهي تروي ساعة بساعة تصاعد عملية ! الاضراب التي سقط فيها الشهيدان راسم حلاوة وعلي الجعفري. وروى كيف كتب اخر عبارة مع اقتراب نهاية الاضراب وهي لا استطيع ان امسك القلم اليوم، وذلك بسبب الوهن والضعف الذي يصيب المضرب عن الطعام لمدة طويلة. وهنا روى كلمة حق في الراحل القائد الشهيد عمر القاسم الذي واصل اصدار البيانات حول تطور الاضراب طول مدته دون ان ترتعش يده او يهتز فكره وهذه من ميزات الاسرى القياديين!
ابداع الكتاب الاسرى
ولعبت الاغنية والمشاهد المسرحية دورا في ابداع الكتاب الاسرى حيث كانت تنطلق اعراس ومهرجانات وطنية في ذكرى انطلاق الفصائل وتعرض المسرحيات الهادفة ذات الابعاد التعبوية والانتماء والصمود الى اخر مدى. وتتعالى الاصوات الجميلة والرخيمة وتقرع اصوات الطناجر التي تستخدم بدلا عن الطبلات. كما ابتدع الاسرى بعد تحريرهم عادة كتابة السير الذاتية ورواية التجارب الاعتقالية . وكذلك القصة والرواية وان كانت بشكل اقل. ووردت اسماء كتّاب اسرى محررين من امثال وليد الهودلي وعزت الغزاوي ومحمد ابو النصر وراسم عبيدات ومحمد عليان – مجموعة قصصية للاخير بعنوان – ساعات ما قبل الفجر، وهنا ظهر خلاف في وجهات النظر حول تصوير الاسير الذي لا يقهر او الانسان الاجتماعي من لحم وم والذي يحب ويكره ويتقدم ويتراجع ويقف ويسقط ..! وهكذا..! وكانت الاشعار والقصائد واللوحات والاشكال الفنية من وسائل ابداع الاسرى وكذلك المجلات الثقافية والنقدية مثل مجلة ابداع نفحة عدا المجلات والنشرات التنظيمية وصولا الى الصحافة والترجمة التي تولى اصدارها مجموعة من الاسرى الملمين باللغات من امثال عطا القيمري وعلي جدة وسعيد عياش و! محمد عليان واخرون.
وطرح الكاتب محمد موسى سويلم تساؤلات حول مواصفات ادب الحركة الاسيرة في الاعتقال وسبل تحديد ماهية التجربة الاعتقالية الابداعية الفلسطينية؟ وحملّ المهتم بالشأن التعليمي والتربوي راتب حمد الاسرى المحررين جزء من مسؤولية عدم الاهتمام بابداع الحركة الاسيرة .. فكان يجب عليهم هم لا غيرهم تعليق الجرس؟ واستغرب المشجع للثقافة محمد زيادة ظاهرة نكوص الكتّاب الاسرى في الخارج عن الاستمرار في الابداع والعطاء ؟ وهبوط حماسهم والهامهم وهم قادة التضحية والفداء..! ونبه الكاتب الروائي عيسى قواسمي الى ظاهرة ادب الاسيرات حيث ذكرت اسماء مثل مريم الشخشير والهام ابو غزالة ..! ودعت الكاتب الصحفية ريم المصري الى ضرورة توثيق انتاج الحركة الاسيرة من اشكال ابداع! اتهم المختلفة والمتنوعة والخصبة واشادت بظاهرة مركز ابو جهاد للاسرى ؟ وسألت الصحفية يارا دويك الكاتب عليان .. عن الخانة الابداعية التي يحب ان يكون فيها من حيث الابداع الادبي؟
تحية الى محمد عليان
وقال الكاتب والشاعر نبيل الجولاني في كلمة مكتوبة "احيي من كل قلبي محمد عليان .. الانسان المكافح الحارس لحلمه وفكره والمتمترس وراء حائط انسانيته من اجل تحقيق الحرية والاستقلال ، حاملا بوصلته كناظم للتكامل والتواصل بين المبنى والمعنى من جهة وحسن الاداء الادبي الانساني من جهة اخرى ". ورأى المهتم بالثقافة العامة حنا انطون سنيورة ان الاسرى على اختلاف ابداعاتهم من المفروض ان يدافعوا في النهاية عن قضية واحدة؟
الابداع الادبي
وختم عماد منى صاحب الصالون الثقافي الحديث بتكامل مجموع الابداع الادبي سواء في داخل السجون او خارجه، مذكرا انه في الوقت الذي كان فيه الاسرى يجترحون الصمود في التحقيق ويخوضون معركة الامعاء وينتجون ادبا ثوريا ملحميا كان ابناء شعبهم في الخارج يبدعون اشكالا نضالية وابداعية مختلفة.. فليس هناك من تخلى عن واجبه النضالي بغض النظر عن موقعه.. ولكن الانهيار الحاصل الان هو أس الداء والبلاء..! وادار الحوار محمد زحايكة رئيس نادي الصحافة في القدس.