حُب التملك عند الطفل لا يعتبر أمراً طبيعياً فقط، بل هو ضرورة أيضاً: إنّه خطوة نحو المشاركة
خطف الأشياء من يد الآخرين، والإحتفاظ بما يملك لنفسه فقط، هما دليلان طبيعيان آخران على حاجة الطفل إلى ترسيخ إستقلاليته وتحديد هويته، وإلى تلمس الحدود والدفاع عن حقوقه
الطفل لا يدرك فكرة أنّه عند السماح لصديق بإستخدام غرض من أغراضه (لعبة، أو دراجة، أو المكعبات الخشبية... إلخ)، فإنّ الغرض سيعود إليه، وأن في إمكانه هو أن يستخدمه مرّة أخرى
الأنانية سمة طبيعية لدى الطفل ولذا يجب على الأهل ألا يستغربوا ميله إلى الاستئثار بكل شيء، ورفضه مشاركة الآخرين بأشيائه. في المقابل، عليهم أن يعلموه المشاركة، ومفهوم الملكية المشتركة، لأنّ هذا الأمر ضروري لحياته الإجتماعية مستقبلاً.
صورة توضيحية
في قاموس الطفل الصغير، لا وجود لكلمات، مثل: "له"، "لها"، "لنا"، "لهم".. إلخ، ولا وجود إلا لكلمة "لي" فقط. إنّ مجرّد إدراك الطفل لمفهوم الملكية، لا يعني أنّه بدأ يدرك أنّ هذا المفهوم ينطبق على الآخرين أيضاً. فبالنسبة إليه لا تنطبق كلمة "لي" على ما يملكه هو فعلياً فقط، مثل ألعابه وسريره وكرسيه.. إلخ، بل على ما يملكه الآخرون أيضاً، مثل: كتاب شقيقه، ولعبة شقيقته، ومجلة أُمّه.. إلخ. حتى الأشياء العامة والتي يفترض أنها ملك لكل الأشخاص الآخرين، مثل: الحافلة، والأرجوحة في الحديقة العامة والأزهار في الشوارع، يمكن أن يعتبرها ملكه وحده. ففي هذه السن المبكرة تعتبر "لي" هي الكلمة المفضلة عند الطفل الصغير.
أنانية مطلقة
وحُب التملك عند الطفل الصغير يشير بالتأكيد إلى أنانية مطلقة يمكن أن تصاحبه طوال حياته. إن خطف الأشياء من يد الآخرين، والإحتفاظ بما يملك لنفسه فقط، هما دليلان طبيعيان آخران على حاجة الطفل إلى ترسيخ إستقلاليته وتحديد هويته، وإلى تلمس الحدود والدفاع عن حقوقه.
حُب التملك
إنّ حُب التملك عند الطفل لا يعتبر أمراً طبيعياً فقط، بل هو ضرورة أيضاً: إنّه خطوة نحو المشاركة. وما لم يعطَ الطفل فرصة تقدير ما يملك والإستمتاع به، فإنّه سيواجه صعوبة في تعلم المشاركة. إنّ كلمة "تملك" تأتي قبل كلمة "مشاركة" بأشواط كبيرة على جدول التطور عند الطفل. ومعظم الأطفال يبدؤون في فهم التملك في النصف الثاني من السنة الثانية من أعمارهم، لكنهم لا يتعلمون المشاركة إلا بعد أن يبلغوا الثالثة أو الرابعة.
الاقتراض والإقراض
عقبة أخرى تعترض طريق الطفل نحو المشاركة، هي مفهوم الاقتراض والإقراض. فالطفل لا يدرك فكرة أنّه عند السماح لصديق بإستخدام غرض من أغراضه (لعبة، أو دراجة، أو المكعبات الخشبية... إلخ)، فإنّ الغرض سيعود إليه، وأن في إمكانه هو أن يستخدمه مرّة أخرى. إنّه يساوي بين العطاء والتخلي. ومع إحتمال أن يقدم الطفل إحدى ألعابه المفضلة لشقيقه الذي يبكي، أو يتشارك معه قطعة الكيك الخاصة به، فإنّ هذه التصرفات تنم عن تعاطف لا عن كرم. فالطفل يواسي، لكنه لا يشارك، ومع ذلك، يجب الإطراء على هذه التصرفات وتشجيعها، لأنّ الأطفال يميلون إلى تكرار الأعمال التي تلقى استحساناً من الغير، وخاصة الأُم، فيتحول ما يكررونه إلى عادة.