د. جوني منصور:
لو فرضنا انه لم يقع حريق الكرمل، ووقع حريق او انفجار في مصنع من مصانع خليج حيفا، ماذا كان سيصيب أهالي المدينة وضواحيها؟
"حريق الكرمل" درس للجميع في عدم الاهمال لمن أهمل، وفي دفع من له حق في المطالبة بحقه وعدم التلكؤ مطلقا، لأن "الجايات أكثر من الرايحات" كما يقول مثلنا الشعبي
"الكرمل يحترق"، كلمتان على ألسنة الناس في حيفا وقرى الكرمل والجليل، بل الوطن كله. احتراق الكرمل، ولا يهمني إذا كان مقصودًا أو غير ذلك في هذه الظروف، هو ثورة عارمة على غطرسة المؤسسة الحاكمة بإهمالها أكثر الخدمات الانسانية والضرورية للمواطنين، حيث باعت مواطنيها بأبخس الأثمان مفضلة تكديس جيوشها بالسلاح والعتاد لمحاربة أصحاب البلاد في غزة والضفة الغربية والقدس العربية وحتى في الداخل، الذين تعتبرهم مواطنيها. حريق الكرمل هو "ثورة" و "غليان" كلفت هذه المؤسسة ملايين جراء اهمالها وتقاعسها عن توفير حاجات مواطنيها، حيث كان همها الأكبر تخصيص كميات كبيرة من المال للمؤسسات الدينية المتزمتة والابتزازية التي يترأسها وزير الداخلية ويمثلها في حكومة نتنياهو.
مضاعفات
حيث تظاهر الوزير بأنه طلب ميزانية خاصة ومضاعفتها لتحسين خدمات الإطفاء، ولكن في حقيقة الأمر أنه كان غير مهتم بما هو ضروري للمجتمع العام، كان همه حزبه ومؤسساته الدينية المتشددة والعنصرية. أما رئيس الحكومة نتنياهو فاستفاد من المصيبة والكارثة بالظهور أمام وسائل الاعلام التلفزيونية بأبهى حلة ومتحملا أقصى المسئولية، وكان هو الكاسب الرئيس من كل ما حدث.
ماذا بخصوصنا نحن؟
إذ أسرع وأبرق واتصل مع كل زعماء العالم ليرسلوا له طائرات اطفاء لأن اسرائيل صاحبة أقوى جيش في العالم، ومالكة أكثر الطائرات تطورا وتقدما، لا تملك طائرة، ولو طائرة واحدة تعمل على اطفاء حرائق بحجم كبير كالذي حصل. وفيما لو فرضنا انه لم يقع حريق الكرمل، ووقع حريق او انفجار في مصنع من مصانع خليج حيفا، ماذا كان سيصيب أهالي المدينة وضواحيها؟ الأصوات ارتفعت وما تزال مطالبة بإعادة بناء أجهزة الاطفاء في حيفا وفي سائر مناطق البلاد. ومع كل هذا، وبالرغم مما حصل، فإننا كمجتمع عربي فلسطيني في الداخل نسأل أنفسنا : وماذا بخصوصنا نحن؟
القرى والمدن العربية غير مجهزة بالمرة
هل سيفكر مسئول حكومي في إقامة محطات مطافئ ودفاع مدني في القرى العربية؟ الكوارث المحتملة في القرى والمدن العربية تفوق تلك القائمة والموجودة في القرى والمدن اليهودية. هناك حاجة ماسة وضرورية أن يقوم المسئولون وذوي النفوذ بالتطرق إلى هذا الموضوع. القرى والمدن العربية غير مجهزة بالمرة لوقوع أي كارثة كبيرة، ومن جهة أخرى لن تصل إليها قوات المطافئ بالسرعة المطلوبة لإخماد أي حريق أو لإنقاذ شخص أو عائلة.
"حريق الكرمل" درس للجميع في عدم الاهمال لمن أهمل، وفي دفع من له حق في المطالبة بحقه وعدم التلكؤ مطلقا، لأن "الجايات أكثر من الرايحات" كما يقول مثلنا الشعبي.