ابو زكي عانى من الإضطهاد كونه عربياً وعانى من العنصرية واللا سامية وأبو زكي وحيد- في محطة تل أبيب
أجيال أبو زكي متلونة كأزهار الربيع عابقة كأريجه، خضراء يانعة كحواضر السوق تارة تتلألأ مع العتابا فتطرب المحزون
الرحلة بدأت سنة 1954 حيث سجن "أبو زكي" ثلاثة أشهر في سجن حيفا وكان عمره حينذاك لا يزيد عن واحد وعشرين ربيعاً
عمّ شعر محمود شاهين، أبو زكي، من سخنين السهول وامتطى عنان السماء، منذ أكثر من نصف قرن ونواقيس شعره تجلجل في الآفاق مدوية حاملة معها كل الوطنية من المعاني وللانتماء، في شعره حصة تتعدى حصة الأسد حيث نجده يعبر بصورة شاعرية ولا واعية عما تمليه عليه خلجات القلب وسكناته.
عتابا وشروقيات
أجيال أبو زكي متلونة كأزهار الربيع عابقة كأريجه، خضراء يانعة كحواضر السوق تارة تتلألأ مع العتابا فتطرب المحزون وتثير الفرح والسرور وأخرى مع الشروقيات فتدهش السامع وتشده.
لماذا "رحلة العذاب".. رحلة العذاب التي أعيت كاهل الشاعر محمود شاهين "ابو زكي" الرحلة التي اشد "ابو زكي" لها أزره وحمل اعباء سفرها رحلة هاجت بها العواطف واشتدت بها الرياح وجرفت بها الطوفان على ابو زكي ولكن مجاذيفه لم تتحطم أمام شدة الرياح وهيجان الموج بل إشتد عزمه وقوى اصراره للمتابعة والوصول الى بر الأمان حيث وصل بمشيئة الله جل وعلاه.
عربي في مدينة تل أبيب أول الستينات
بدأت الرحلة سنة 1954 حيث سجن "أبو زكي" ثلاثة أشهر في سجن حيفا وكان عمره حينذاك لا يزيد عن واحد وعشرين ربيعاً وهذه كانت الفتيلة التي أشعلت النيران في رحلة عمر وحياة أبو زكي – حيث انتقل بسجنه الى أسوار عكا وهناك لم يكن الحظ لجانبه وسجن مجدداً وحكم عليه بالسجن عامين وكان ذلك عام 1957، وأضيف اليه سنة أخرى وبعد أن خرج من السجن حاول أن يشق طريقه نحو العمل الشريف ليأتي بقوت يومه فعمل مقاولاً للحفريات في مدينة كرمئيل وفشلت مساعيه في هذه المحطة فترك الجمل بما حمل وشد رحاله الى مدينة حولون وسجن هناك عدة مرات، وذلك لآرائه السياسية وما أدراك بالحالة السياسية أول الستينات، قست عليه الليالي وجارت عليه الأيام وأحبطت عزائمه ولكن سرعان ما انتفض الحزن والهم عن كاهله وسافر الى المحطة المقبلة وكانت مدينة تل أبيب – عربي في مدينة تل أبيب أول الستينات.
محمود شاهين
الزوجة ايرانية
عانى ابو زكي من الإضطهاد كونه عربياً وعانى من العنصرية واللا سامية وأبو زكي وحيد- في محطة تل أبيب، تعرف أبو زكي على فتاة ايرانية من القادمين اليهود الى أرض الوعد أرض الأحلام الأرض المقدسة إسرائيل- أحبها وتزوجها وتدبر أموره وسكن في بيارات بيت دجن وفي سنة 1967 وأبو زكي لم يأخذ قسط من الراحة بعد، عاد الى مسقط رأسه بلده الأم سخنين ليحتمي من أنياب العنصرية حيث وقع آنذاك العدوان على مصر وسوريا، لجأ أبو زكي الى حضن سخنين الى أن هدأت الحرب خوفاً من المتطرفين العنصريين الى أن حطت الحرب أو زارها.
صبر وعزم
عاد أبو زكي الى منزله في تل أبيب ورأى ما توقع من انتقام غاشم وضيع حقير فوجده محروقاً ولم تبقي ألسنة النيران منه سوى جدران سوداء قاتمة حزينة. من ضربة الى أخرى وأبو زكي يشد أزره ويتحلى بالصبر والعزم ولم ولن يستسلم. فعاد ليرمم داره ويأتي بزوجته وأبنائه ليجدوا ما قد قضي واستمر في محطة تل أبيب حتى سنة 1977 فوجد نفسه لا يملك أرض ولا منزل خاص له وبدأ الألم يعتصر فؤاده على مستقبله ومستقبل عائلته حيث رزق بأربع أولاد وبنت، وقرر أبو زكي شد رحاله من جديد ومحاولة الرحيل والعودة الى حضن أمه سخنين ورزق هناك بإبنة ثانية حيث كانت آخر العنقود.
محمود شاهين ينفض العياء عن جسده
أبو زكي وزوجته وستة أولاد... بدأت رحلة عذاب جديدة من حضن الأم وأشواك هذا الحضن كانت حادة حتى أدمت أبو زكي وعائلته في سخنين الأم، تشرد أبو زكي وتاه في زقاقاتها وترحل سبع مرات من منزل بالأجرة الى آخر الى أن هز أكتافه ونفض العياء عن جسده وجسد عائلته وشد العزم لإمتلاك قطعة أرض خاصة له وبناء منزل ليسكن فيه كل أولاده وزوجته وأخيراً الحظ يقف الى جانبه ويحقق حلمه ويشتري أبو زكي الأرض ويبني البيت ويؤدي فريضة حج البيت ويزوج أبنائه وبناته، وبعد عناء طويل وسفر مرير حان الوقت ليرتاح أبو زكي ويحط حمله ويغلق شنطة سفره ويحمد الله الذي لا يحمد على عاقبة سواه.
مقاطع من شعر محمود شاهين
نجوم الليل تسهر ع قبالي علينا تهب نسمات الشمالي
على شعبي المشرد والمكبل صورة هالظالم تبقى بخيالي
القهر والظلم ع شعبي تعدد باساليب البشاعة والرذالي
وعصر العذاب ع شعبي تجدد الظالم بشره بقرب الزوالي