روبرت فيسك :
ان الوثائق الفلسطينية ملعونة كما لعن وعد بلفور ذاته
زمن الاكاذيب قد ولى ومضى. تلك التي تتلخص بكلمات القادة العرب والتي وللاسف هي كلماتنا نحن (الغرب) التي نلقيها اليهم
على الشعوب العربية ستختار قادتها بانفسها حقا. مما سيخلق واقعا عربيا جديدا يخلو من تواطؤ حكامهم مع الغرب ومن انسياقهم وراء سياساته
استوقفتني مقال جريء في الاندبندنت لكاتبها روبرت فيسك تحت عنوان: "واقع جديدي ينزل على العالم العربي" عالجت المقالة احداث تفرقت في ميادين مختلفة في العالم العربي ابتداءا من فلسطين وتونس ومصر ولبنان, الا ان جميعها ينبع من اصل واحد ويبدو انه سيصب في بحر واحد ايضا.
يبدو وكأن الشرق الاوسط او بلدان العالم العربي على شفا حرفة تسقطها بعيدا عن ديمقراطية الحكام الذين يرضى عنهم الغرب, وكأن الشعوب العربية اخيرا ستحقق ديمقراطيتها, ديمقراطية يمتعظها الغرب على محبته للديمقراطية طالما انجبت حكاما عربا ترتضيهم نوابا لسياستها في الشرق الاوسط.
الوثائق الفلسطينية المسربة
الا انها ديمقراطية غير مرغوب فيها اذا ما حققت رغبة الشعوب في اختيار نواب عنهم يهتمون لمصالحهم ولا يبيعون قضاياهم كما يتمخض من ملف وثائق الجزيرة التي احاطت رقاب القادة الفلسطينيين في السلطة الفلسطينية بالسلاسل تسوقهم الى محاكمة الشعب الفلسطيني بل والعالم العربي اجمع لان مسألة القدس وبيت المقدس واكنافه مسألة الامة العربية والاسلامية في كل الاوطان.
فيقول فيسك في مطلع مقالته ان وثائق الجزيرة اظهرت استعداد السلطة الفلسطينية (ويضعها الكاتب بين اقواس موضح انه من اليوم فصاعدا نحن بحاجة الى وضع هذه العبارة بين اقواس) للتنازل عن حق 7 ملايين لاجئ في العودة الى ما ارض تسمى "اسرائيل" الان والاكتفاء بالابقاء على حق عودة عشرة بالمائة منهم فقط. ويتابع فيسك انه كما يبدو واضحا في الوثائق الفلسطينية المسربة فان القادة الفلسطينية الذين يفترض بانهم ينوبون عن الشعب الفلسطيني برمته كانوا ولا يزالوا مستعدين لتدمير حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة. الامر الذي يدعو الى استشاطة الغضب في صفوف العامة الفلسطينية. فعلى ما يبدو فان الوثائق الفلسطينية ملعونة كما لعن وعد بلفور ذاته. فالمساومة والمتاجرة بالارض واحدة. الا انها اليوم من ابناء الشعب نفسه.
يقول فيسك انه فيما تتكشف الوثائق الفلسطينية لتتوق اعناق عباس فياض عريقات وصحبهم يتظاهر المصريون في شوارع القاهرة والسويس منددين بحكم مبارك ومنادين باسقاط حكمه وقمعه. يتزامن هذا وذاك مع تعيين مناصر حزب الله رئيسا للحكومة في لبنان. وتعقب هذه الاحداث اسقاط رئاسة بن علي في تونس التي لا تزال تعج بها الشوارع التونسية الا الان.
يقول فيسك ان زمن الاكاذيب قد ولى ومضى. لن تكون هنالك اكاذيب بين الشعوب العربية بعد اليوم. تلك التي تتلخص بكلمات القادة العرب والتي وللاسف هي كلماتنا نحن (الغرب) التي نلقيها اليهم. نحن (الغرب) اللذين جلبنا هذه الجلبة في العالم العربي والشرق اوسطي.هذه كلمات فيسك الجريئة التي هي احد من احد سيف.
الاجابة الكاملة والشافية
نحن البريطانيون نحب الديمقراطية في مصر. ولكن لا يسعنا الا ان نزج اؤلئك الذين يطالبون بها ويرمون نظام الحكم الواحد وراء السجون. وهكذا دواليك. تماما كما نحب للسعب الفلسطيني ان يتمتع بالديمقراطية طالما اختار الاناس "الصح" والمناسبين الذين نرضاهم (الغرب). اما في لبنان فيبدو ان الشعب هنالك قد قرر ان ياخذ نصاب الامور الى يديه ويحقق الديمقراطية الحقيقية التي يرغبها ونحن (الغرب) لا نحب ذلك.
فنحن, كنا نود لو اختار اللبنانيون حلفائنا واحباؤنا السنيين الذين يدعمون الحريري.
ويتساءل فيسك عما ستؤول اليه الاحداث, وكيف سينتهي بنا الامر. فيقول عل الشعوب العربية ستختار قادتها بانفسها حقا. مما سيخلق واقعا عربيا جديدا يخلو من تواطؤ حكامهم مع الغرب ومن انسياقهم وراء سياساته. ولكننا سنضطر الى سماع الاجابة الكاملة والشافية من تاريخ الايام القليلة المقبلة وما تحمله من اخبار وانباء.