فيسك: ها هم العرب يستصرخون منادين بالديمقراطية الذي اشار اليه اوباما في خطابه الى العالم الاسلامي من القاهرة عام 2009 وها نحن نقابلها بقلة الاحترام
نطالع في الاندبندنت البريطانية صباح اليوم مقالة لمراسلها روبرت فيسك في القاهرة تحت عنوان: "رياح التغيير تكشف نفاق الغرب" وكما عهدناه, ينسج فيسك بكلماته سيفا قاطعا حادا, ينال من النفاق والذبذبة.
يقول فيسك في مطلع مقالته, لا يوجد شيء يكشف نفاق الاصدقاء مثل ثورة العرب لا سيما ثورة في قمة الحضارية والسلام والانسانية يحرك عجلتها مطلب لتحقيق الديمقراطية التي نتمتع بها نحن هنا في اوروبا وامريكا.
اغتصاب الاراضي الفلسطينية
ثم يذهب فيسك الى القول اننا اضطررنا الى سماع الهراء الذي تفوه به اوباما وهيلاري كلنتون خلال الاسبوعين الماضيين والذي انتقل من الحديث عن الاستقرار الى انتقال سلمي للسلطة, يتم فيه اجتزاز زمام الرئاسة من مبارك الى المدرب والمحبوب امريكيا واسرائيليا, عمر سليمان.
اضف الى ذلك, استطلاع "فوكس نيوز" الامريكية مشاهديها ان الاخوان المسلمين هم المحرك الاساسي وراء هؤلاء الرجال والنساء البواسل الذين خرجوا الى شوارع مصر مناهضين لنظام مبارك الهرم.
وبعض اخر تحدث عن ترحيبه بالمطالب الديمقراطية غير ان الحذر والاحتراس واجب وضروري لاسباب بسيطة هي عدم وضوح ما قد تنجم عنه مثل هذه الثورة المصرية العربية اقله في العيون الغربية او الذريعة التي يتبناها الغرب الان احتذاء بالحكومات الاسرائيلية, وهي "ان الوضع اكثر تعقيدا مما قد يبدو عليه" ذريعة تلوح بها الحكومات الاسرائيلية عندما تتهم باغتصاب الاراضي الفلسطينية وتضمها الى مستعمراتها الاستيطانية.
ثم ينتقل بنا فيسك ليعالج الموقف الاسرائيلي من الثورة المصرية والذي على حد تعبير فيسك , موقف غير محتمل وفيه هزيمة ذاتية. فاسرائيل تصبح اكثر امنا وامانا اذا ما احيطت بدولة تخضع لنظم ديمقراطية بحسب رأي فيسك, اكثر منه من الانظمة الدكتاتورية او الأوتوقراطية وممالك الملوك المجاورة.
ثم يكشف لنا فيسك سري هذه المواقف الغربية المتضاربة فيقول ان المؤرخ الفرنسي دانيال ليندينبرغ قال بحر هذا الاسبوع الحقيقة وهي : ان علينا (الغربيين) ان نعترف اننا وللاسف نؤمن في اعماق اعماقنا ان العرب متخلفين ورجعيين.
احتلال اوروبا
ويعلق فيسك على هذه الاقوال يانه لا جديد في هذا, فقد طاف على السطح الشعور الخفي والحقيق اتجاه العالم الاسلامي.وقدد تبين اخيرا من حديث الالمانية انجيلا ماركيل ان التعددية الثقافية قد فشلت (واعقبها بالمثل رئيس الحكومة الائتلافية ديفيد كامرون مؤخرا).
ويقول ان مثل هذا النفاق الغربي قد تبين في موقف الاتحاد الاوروبي من عضوية تركيا فيه. فتركيا تعتبر المثال الوحيد حاليا في الشرق الاوسط الذي يجمع ما بين الاسلام والديمقراطية بكل انسجام وهرمونية, الا اننا نحول بكل ما في الامر من عنصرية دون انضمامها الى الاتحاد الاوروبي.
بكلمات اخرى يقول فيسك, اننا نحب ان يصير العرب ( او المسلمون) مثلنا ولكن طالما بقوا بعيدا عنا. ولكننا عندما يتمنون ان يصبحوا مثلنا ويعلنون انهم لا يرغبون باحتلال اوروبا نسلط عليهم رجالا مدربين امريكيا ليحكموهم.
فها هو روبرت غيتس الناطق باسم البيت الابيض يشيد بمدح الجيش المصري لمقاومته, في الوقت الذي يجدر به الاشادة بمقاومة الشارع والشعب المصري المطالب بالديمقراطية بشكل سلميا ويخلو من العنف.
ويختم فيسك مقالته بكلمات حارقة, يقول انه عندما يطالب العرب بالكرامة والاحترام الذاتي, المستقبل الذي اشاد به اوباما في خطابه الى العالم الاسلامي من القاهرة عام 2009, نصفعه بقلة الاحترام وتشكيك في النوايا. فبدل ان نرحب بالمطالبة بالديمقراطية نعتبرها كارثة.