ياسر الزعاترة:
التزام القاهرة ببنود الاتفاقية لا يخفف من الهواجس الإسرائيلية
حملت ليفني غريمها بنيامين نتنياهو مسؤولية الجمود في عملية السلام
لم يتوقف الإسرائيليون عن التأكيد على أن نظام حسني مبارك كان جزءا أساسيا من سياج الحماية لهم، فضلا عن الإشارة إلى نائبه الجديد الذي حصل على الكثير من الإطراء
في كلمتها أمام مؤتمر هرتسيليا للمناعة والأمن القومي، اعترفت زعيمة حزب كاديما وزعيمة المعارضة في الدولة العبرية تسيبي ليفني بأن مواطني دولتها يشعرون هذه الأيام "بانعدام اليقين إلى درجة الخوف"، مضيفة أن هذا الأمر يميز دولة إسرائيل، ولا يمر به غالبية مواطني دول العالم. وجاء ذلك في سياق القلق الذي ينتابهم مما يحدث في الخارج، خاصة في مصر وتونس، وقناعتهم بأن دولتهم محاطة بالأعداء.
جاءت كلمة ليفني قبل خمسة أيام من النهاية السعيدة والعظيمة للثورة المصرية المباركة، ما يجعلنا متأكدين أن نبض كلماتها (حتى لو بقي المضمون) كان سيتغير لو جاءت بعد نهاية الثورة وغياب الرئيس المصري حسني مبارك ومعه نائبه عمر سليمان الذي كانت تل أبيب تأمل في أن يكون بديل مبارك، مع العلم أنها لم تكتف بالأمل، بل عملت ليل نهار من أجل إنجاز المهمة لصالح الرجل، وهي ذاتها التي ربما أدت إلى الضغط على مبارك لكي لا يتنحى ويكتفي بنقل صلاحياته لنائبه، الأمر الذي يتوقع أنه جاء نتاجا لتهديدات تتعلق بمصيره ومصير عائلته وثرواتها وما يمكن أن تتعرض له من ملاحقة.
توقيع اتفاقية كامب ديف
وفيما حملت ليفني غريمها بنيامين نتنياهو مسؤولية الجمود في عملية السلام، فقد ذهب رئيس الدولة شمعون بيريز إلى أن الاضطرابات في مصر والشرق الأوسط تجعل من الضروري أن يعود الإسرائيليون والفلسطينيون إلى المفاوضات لصنع السلام.
وهنا يمكن القول أيضا إنه لو جاءت كلمة المذكور بعد الانتصار الذي تحقق، وبالتفاصيل المعروفة لكانت مختلفة، ذلك أن زمن ما بعد الانتصار لن يكون هو ما قبله، لأن لعبة المفاوضات بعد الذي جرى لن تمضي في ذات المسار وبذات الطريقة والروحية، مع العلم أن الجيش المصري بالنسبة للإسرائيليين كان مصدر إزعاج على الدوام، إذ كشفت وثائق ويكيليكس قلق تل أبيب من حقيقة أن العقيدة الأمنية للجيش المصري ما زالت تنص على أن "إسرائيل" هي العدو رغم ثلاثة عقود على توقيع اتفاقية كامب ديفد.
المسؤولون الإسرائيليون الآخرون، وفي مقدمتهم نتنياهو ركزوا طوال أسابيع الثورة المصرية على ضرورة التزام النظام التالي لمبارك على اتفاقية كامب ديفد، لكن التزام القاهرة ببنود الاتفاقية لا يخفف من الهواجس الإسرائيلية، لأن دور مصر حسني مبارك وعمر سليمان، بخاصة خلال الألفية الجديدة كان يتجاوز بكثير مسألة الاتفاقية إلى الالتزام بأمن الدولة العبرية والكثير من هواجسها السياسية أيضا، ومن بينها دعم وتبني السلطة التي ورثت الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.
شروط الرباعية
عودة إلى زعيمة كاديما التي يمكن القول بكل وضوح إنها لم تكن مبالغة في توصيفها للموقف من حيث مخاوف مجتمعها، فقد حصل الإسرائيليون طوال العقود الأخيرة، وباستثناءات لا تذكر على أنظمة آمنت تمام الإيمان بأن الدولة العبرية قد وجدت لتبقى، وأن المشكلة معها تكمن في عملية السلام التي تجري بخصوص سيطرتها على الأراضي المحتلة عام 67.
ولم تتسامح هذه الأنظمة، لا مع الخطاب ولا مع الممارسة التي تنادي بغير ذلك، الأمر الذي انطبق تماما على منظمة التحرير الفلسطينية التي صارت جزءا من النظام العربي الرسمي في شقه المعتدل، فضلا عن حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) التي طالما طالبت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالاعتراف بشروط الرباعية من أجل الحصول على القبول الدولي، وعلى نحو أدق من أجل أن تفقد تميزها في عيون الجماهير.