الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 10 / نوفمبر 04:02

خالد القريناوي:التربية بالترغيب والترهيب

كل العرب
نُشر: 22/03/11 08:29,  حُتلن: 14:33

خالد القريناوي في مقاله:

المربي الماهر عليه أن يراعي حالة الطفل ويجعل العقوبة والترهيب ما يناسب جيله وكذلك ما يناسب الخطأ الذي يقع منه

لا شك أن المربي إذا أراد أن يرغب ابنه أو الطالب في المدرسة يحتاج إلى ترغيب معنوي وإما مادي , ومن أمثلة ذلك الابتسامة في وجه الطفل أو الطالب والثناء عليه والتقرب منه واللعب معه والتحدث إليه


التربية بالترغيب والترهيب تعتبر وسيلة من الوسائل التربوية وعامل بناء هام في تعديل السلوك وتهذيب النفس البشرية, ولا تقل شأنا وأهمية عن الوسائل التربوية المختلفة مثل التربية بالعادة أو التربية بالملاحظة أو التربية بالقدوة


التربية بالترغيب والترهيب تمثل الدور الأهم في حياة الطفل, وقد عرّف التربويون الترغيب والترهيب بما يلي :
الترغيب : وعد يصحبه تحبيب وإغراء ، بمصلحه أو لذة أو متعة آجلة مؤكدة ، خيّرة ، خالصة من الشوائب مقابل القيام بعمل صالح أو الامتناع من لذة ضارة أو عمل سيئ ابتغاء مرضاه الله


الترهيب: وعيد وتهديد بعقوبة تترتب على اقتراف إثم أو ذنب مما نهى الله عنه، أو هو تهديد من الله يقصد به تخويف عبادة ليكونوا دائما على حذر من ارتكاب المعاصي


من المهم أن يدرك المربي والأهل هذه الوسيلة التربوية ولهم أن يعرفوا مدى أثرها في تعديل السلوك سواء عند الصغار أو الكبار


ولا بد أن أذكر هنا أن الترغيب والترهيب ألفت فيه كتب ومن أشهرها كتاب الترغيب والترهيب للإمام المنذري والشيخ الألباني, والذي يحوي أحاديث النبي محمد عليه أفضل الصلاة والسلام , فتحمل أحاديث الترغيب والتي ترغب المؤمن في الجنة أو في كل ما يوصل إليها وفي المقابل يحوي أحاديث الترهيب من النار أو ما يقرب إليها ليعمل الإنسان على تجنبها ومن الأحاديث التي تشتمل على هذا المعنى منها حديث الترهيب من عقوق الوالدين قال رسول الله صلى الله عليه و سلم" : ألا أنبئكم بأكبر الكبائر" ، قلنا":بلى يا رسول الله "، قال رسول الله :" إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ، ووأد البنات " رواه البخاري


وكذلك القران الكريم فيه ما فيه من آيات تحمل المعنيين, على سبيل المثال هنالك آيات الترغيب في نشر العلم والترهيب من كتمه قال تعالى:( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون(159) إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم) 160 البقرة والآيات كثيرة جدا وفي مواضيع مختلفة ومتعددة



ترغيب معنوي ومادي
لا شك أن المربي إذا أراد أن يرغب ابنه أو الطالب في المدرسة يحتاج إلى ترغيب معنوي وإما مادي , ومن أمثلة ذلك الابتسامة في وجه الطفل أو الطالب والثناء عليه والتقرب منه واللعب معه والتحدث إليه والنزول منزلته وما إلى ذلك


لكن المربي عليه أن لا يجعل الأمر عادة فيجعل ابنه لا يقوم بعمل إلا بمقابل, فهنا يجب الانتباه والتوازن في الأمر


على المربي أن يقدم الترغيب على الترهيب فهنا التقديم والتأخير أمر هام فعليه أن يعود ابنه بالقيام بالأعمال دون اللجوء إلى الترهيب أو العقوبة إلا إذا استحال الأمر فعندها يلجأ إلى الترهيب ولكن بوعي تام,فلا يعاقب طفله أو يرهبه من أول خطا , فإذا حصل فعليه بالنصح والتوجيه والإرشاد


واليك أن تنتبه أخي إلى أن توجّه الطفل وتنصحه أو إذا احتاج الأمر إلى عقوبة فليكن بعد الخطأ مباشرة وليس بعد انقضاء وقت فعندها لا يصلح العلاج


كذلك إذا أخطا الطفل أمام إخوته أو الطالب أمام صفّه فيجب معالجة الأمر على شكلين كما بين التربويون , فمنهم من يقول يجب نصحه وتوبيخه أو معاقبته أمام أخوته أو طلاب صفّه حتى يعرفوا الخطأ وعقوبته فلا يقعون فيه , ومنهم من يقول عليه أن يعاقبه لوحده حتى لا يبقى منكسر القلب أمامهم خجلان منهم , والحقيقة الأول فيه من الفائدة التربوية فهنالك أخطاء تقع كثيرة وشبيهة فإذا عرف الابن أو الطالب نتيجة الأمر وفّر على نفسه الوقوع فيه لمعرفته بالنتيجة , وهنا لا يظن الإنسان أن العقوبة هي بالضرب وإنما العقوبة هي آخر الحلول فلا يلجا إليها إلا من استعمل كل الحلول التي تسبقها مثل عدم النظر إليه , أو الإشارة إلى انه اخطأ أو عدم التحدث إليه لفترة زمنية قصيرة ليشعر بالذنب ثم النصح أو التوجيه فان استحال الأمر فالعقوبة بالضرب المعقول أفضل من تركه يموج على خاطره وقد فصلنا في الأمر في موضوع التربية بالعقوبة



حياة مبنية على اسس الترهيب
لكن من جهة أخرى على المربي أن لا يجعل حياة ابنه مبنية على أساس الترهيب والعقوبة , فلا يصح أن يحدثه أو يسمعه فقط بما هو مخيف , وأنا أذكر أن الأمهات في السابق إذا طلب منها ابنها أن تقص عليه قصة كانت الأم لا تعرف إلا قصص الخوف كمسلسلات وأفلام اليوم, فكانت الأمهات يحدثن الأطفال بقصة الغول التي تصطاد الذين يخرجون في الليل حتى أصبحنا كبارا نخاف من الظلمة والليل , خوف موروث اكتسبناه بطريق الخطأ, واليوم وبكل أسف الأم التي لا تريد ابنها يخرج من البيت تقول له : " يا بني لا تخرج في ساعات الظلمة فهناك من يخطف الأولاد " ,حتى اذا خرج الولد بجانب بيتهم تراه ينظر بخوف مما سمع وكأنه يترقّب الخطّاف ,لا يجوز تخويف الطفل والتحدّث معه بهذه الطريق قد تكسب سمع وطاعة ابنك لكنك تغرس فيه الخوف المستمر , لا يجوز أن يعيش الطفل في حالة من الخوف الدائم والملازم له طوال حياته , أصبحنا نعيش على واقع الترهيب والخوف سواء من الأخبار التي نشاهدها أو نسمعها وكذلك المسلسلات التي يشاهدها الأبناء مع الأهل وغيرها , فيجب الحذر من هذه الأمور


وكذلك على المربي الماهر أن يراعي حالة الطفل ويجعل العقوبة والترهيب ما يناسب جيله وكذلك ما يناسب الخطأ الذي يقع منه , فليست الأخطاء كلها سواء وليس الأشخاص سواء فالطفل ليس كالبالغ وذوي الاحتياجات الخاصة ليس كغيره وهكذا


وهنا أود أن أوجه رسالة إلى الأهالي أنا استغرب كل الاستغراب من بعض الأهالي الذين لا يقبلون لا أمر الترغيب ولا أمر الترهيب , فالمعلم إذا ضحك مع ابنه وحاول التقرب منه قد يفاجأ المربي بكلمة من والد الطالب لماذا تتعامل مع ابني هكذا؟ , وإذا حاول المعلم ترهيب الطالب لقيامه بسلوك وتصرف سيء سيواجه السؤال نفسه لماذا تتصرف مع ابني هكذا وبأي حق؟


أمر غريب زمن الأهالي منهم من لا يعرف المعلم الذي يعلم ابنه إلا إذا قام المعلم بمعالجة تصرف ابنه وتعديل سلوكه حينها يأتي مهددا للمعلم دون معرفة السبب حتى

هذا إذا ما قام بتقديم شكوى ضده في الشرطة

مقالات متعلقة

.