عندما عاد إلى المنزل ذات ليلة كانت زوجته بانتظاره وقد أعدت طعام العشاء، أمسك يدها وأخبرها بأن لديه شي يخبرها به، جلست هي بهدوء تنظر له بعينيها التي كاد يلمح الألم فيها، فجأة شعر أن الكلمات جمدت بلسانه فلم يستطع أن يتكلم، لكن يجب أن يخبرها: أريد الطلاق ، خرجت هاتان الكلمات من فمه بهدوء.
لم تبد زوجته متضايقة مما سمعته منه لكنها بادرته بهدوء وسألته: لماذا؟
صورة توضيحية
نظر إليها طويلاَ وتجاهل سؤالها، في هذه الليلة لم يتبادلا الحديث، كانت زوجته تنتحب بالبكاء كان يعلم أنها تريد أن تفهم ماذا حدث لزواجهما لكنه لم يستطع أن يخبرها بأنها لم تعد تملك قلبه، فقلبه أصبح ملكً لإمرأة أخرى.
أحس بأنني لم يعد يحب زوجته فقد أصبحا كالأغراب إحساسه بها لم يكن يتعدى الشفقة عليها.
في اليوم التالي وبإحساس عميق بالذنب يتملكه، قدم لزوجته أوراق الطلاق لكي توقع عليها وفيها يقر بأني سوف يعطيها المنزل والسيارة و 30% من أسهم الشركة التي يملكها.
ألقت زوجته لمحة على الأوراق ثم قامت بتمزيقها إلى قطع صغيرة،وأخيراً انفجرت ببكاء شديد.
في الصباح جاءت وقدمت له شروطها لقبول الطلاق، لم تكن تريد أي شي منه سوى مهلة شهر فقط، لقد طلبت منه أن يعيشا حياة طبيعية بقدر الإمكان كأي زوجيين طوال هذا الشهر، سبب طلبها هذا كان بسيطاً وهو أن ولدهما سيخضع لاختبارات في المدرسة وهي لا تريد أن يؤثر خبر الطلاق على أدائه بالمدرسة.
لاقى طلبها القبول من الزوج ولكنها أخبرته بأنها تريد منه أن يقوم بشيء آخر لها، لقد طلبت منه أن يتذكر كيف حملها على ذراعيه في صباح أول يوم من زواجهما وطلبت أن يحملها لمدة شهر كل صباح من غرفة النوم الى باب المنزل.
اعتقد لوهلة أنها قد فقدت عقلها ولكنه قبل تنفيذ الطلب حتى يمر الشهر الأخير بهدوء.
عندما حملها على ذراعيه في أول يوم أحس بالارتباك، تفاجأ ولدهما بالمشهد فأصبح يصفق ويمشي خلفنا صارخا فرحاً "أبي يحمل أمي بين ذراعيه"
كلماته أشعرته بشيء من الألم ، حملها من غرفة النوم إلى باب المنزل مروراً بغرفة المعيشة مشى عشرة أمتار، أغمضت عينيها وقالت بصوت ناعم خافت: لا تخبر ولدنا عن الطلاق الآن، فأومأ لها بالموافقة وإحساس بالألم يتملكنه.
في اليوم التالي تصرفا بطبيعية أكثر وضعت رأسها على صدره، استطاع أن يشم عبقها، أدرك في هذه اللحظة أنه لم يمعن النظر جيداً في هذه المرأة منذ زمن بعيد، أدرك أنها لم تعد فتاة شابة، على وجهها رسم الزمن خطوطاً ضعيفة، غزا بعض اللون الرمادي شعرها، وقد أخذ زواجهما منها ما أخذ من شبابها و تساءل: ماذا فعلت أنا بها؟
في اليوم الرابع عندما حملها أحس بإحساس الألفة والمودة يتملكه تجاهها، إنها المرأة التي أعطته 10 سنوات من عمرها. في اليوم الخامس والسادس شعر بأن إحساساَ بالمودة والألفة أصبح ينمو مرة أخرى.
أصبح حمل زوجته صباح كل يوم سهلاً أكثر وأكثر بمرور مهلة الشهر التي طلبتها، أرجع ذلك إلى أن التمارين هي من جعلته قوياً فسهل حملها.
في صباح أحد الأيام جلست زوجته تختار ماذا ستلبس لقد جربت عدداً لا بأس به من الفساتين لكنها لم تجد ما يناسبها فتنهدت بحسرة قائلة " كل فساتيني أصبحت كبيرةً علي ولا تناسبني"، أدرك فجأة أنها أصبحت هزيلة مع مرور الوقت وهذا هو سبب سهولة حمله لها.
فجأة استوعب أنها تحملت الكثير من الألم والمرارة في قلبها ، لاشعورياً وضع يدي على رأسها بحنان، في هذه اللحظة دخل الولد وقال" أبي لقد حان الموعد لتحمل أمي خارج الغرفة"، بالنسبة إليه رؤية والده يحمل أمه أصبح جزءاً أساسياً من حياته اليومية، طلبت زوجته من الولد أن يقترب منها وحضنته بقوة، أدار الأب وجهه عن هذا المنظر لخوفه أن يغير رأيه في هذه اللحظة الأخيرة، ثم حملها بين ذراعيه وهي تطوق عنقه بيديها بنعومة وطبيعية، ضم جسدها بقوة وكان إحساسه بها كإحساسه بها في أول يوم زواج لهما، لكن وزنها الذي أصبح خفيفاً جعله حزيناً.
في آخر يوم عندما حملها بين ذراعي لم يستطع أن يخطو خطوة واحد، ضمها بقوة وقال لها: لم أكن أتصور أن حياتنا كانت تفتقر إلى المودة والألفة إلى هذه اللحظة.
توجه لعند عشيقته بعد ذلك وقال لها: " أنا آسف لكني لم أعد أريد أن أطلق زوجتي". نظرت إليه مندهشة ومدت يدها لتلمس جبهته وسألته :" هل أنت محموم؟" رفع يدها عن جبينه وقال لها: " أنا حقاً آسف لكني لم أعد أريد الطلاق، قد يكون الملل تسلل إلى زواجي لأنني وزوجتي لم نكن نقدّر الأشياء الصغيرة الحميمة التي كانت تجمعنا وليس لأننا لم نعد نحب بعضنا، الآن أدركت انه بما أنني حملتها بين ذراعي في أول يوم زواج لنا لابد لي أن أستمر أحملها حتى آخر يوم في عمرنا"
أدركت العشيقة صدق ما يقول وقوة قراره عندها صفعت وجهه صفعة قوية وأجهشت بالبكاء وأغلقت الباب في وجهه بقوة.
توقف الزوج في الطريق عند محل بيع الزهور واختار مجموعة من الورود الجميلة لزوجته، سألته بائعة الزهور ماذا ستكتب في البطاقة، فابتسم وكتب: " سوف استمر أحملك وأضمك بين ذراعي كل صباح إلى أن يفرقنا الموت"
وصل إلى المنزل والورود بين يديه وابتسامة تعلو وجهه وركض مسرعاً إلى زوجته ووجدتها قد فارقت الحياة على فراشها.
بينما كان هو مشغولاً مع عشيقته، كانت زوجته تكافح مرض السرطان لأشهر طويلة دون أن تخبره، لقد كانت تعلم أنها ستموت قريباً وفضلت أن تجنبه أي ردة فعل سلبية من قبل ولدهما وتأنيبه المتوقع له في حال مضينا في موضوع الطلاق وهي مريضة، على الأقل هي رأت أن يظل الزوج المحب في عين ولدهما.