الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 12 / نوفمبر 22:02

راضي شحادة: جوليانو خميس يا شهيد الحرية

كل العرب
نُشر: 07/04/11 13:57,  حُتلن: 14:07

راضي شحادة:

جوليانو مير خميس شهيد الحرية

يا نقطة خلافاتنا التي تجمعنا بعنف نحو الحرية والتحرر الحقيقيين

يا الخسارة التي لا تُعَوَّض والرِّبح الذي لا يُستَردّ..

جوليانو مير خميس، فلسطيني عازل للعنصرية ومقاوم للانغلاق، وأممي حتى النخاع، اليست هذه هي صفات فلسطين الحقيقية والثوار الشرفاء؟ ففي زمن التعصّبات الطائفية والدينية والعرقية لم يستطع ان يتعصّب لنصفه المسيحي ولا لنصفه اليهودي، فكيف يستطيع الانسان ان يتعصّب ضدّ نصفه الآخر وهو مجبول بكليهما في الجينات ومجبول بانسانيته وامميته في المُكتَسَب؟ انه شديد التعصّب لفلسطينيته ولأمميته ولأمّه الأمميّة آرنا خميس، وليت التعصّبات جميعها تكون على هذا الشكل.

مسرح الحرية والتحرر
وفي زمن التراجع والجمود، فهو حصان جامح يجابه الريح المعاكسة كي يصل الى الهدف، ولكنه يتجاوز تلك الريح بقلق: "على قَلَقٍ كأنّ الريح تحتي".
ومن اجل ماذا كل هذا الجهد في مسرح الحرية والتحرر في مخيم جنين المظلوم؟ ربما من اجل التحرّر من انغلاقاتنا، ومن احتلالاتنا ومن تشنّجاتنا. ربما من أجل المظلومين وابناء الشهداء والمشوّهين بعد الدّمار؟ ربما عندما يُقتَل الواقع نناضل من أجل انقاذ الحلم من الاغتيال. انه الشغف للوصول الى انسانية صافية لا تعرف العنصرية ولا التراجع.
مسرح الحرية سيسعى جاهدا للتعويض عن غياب بطله الثوري الأممي المهني المبدع والواعي والحضاري وصاحب العين الثاقبة والطموح الجامح بلا حدود، وسيزرعون بذور حرّيته في ارواح اطفالنا المحرومين منها بسبب الاحتلال والقمع الفكري الرابض فوق صدورنا. انها خليّة نحل مسرح الحرّية التي تسعى بِتَفانٍ وكَدّ لجني العسل عوضا عن مُرّ التشرد والقهر.

يساوم اصحاب الحق
هل يئس قاتلوه من شِدّة الشدّ به الى الأسفل وهو يقاومهم بعنفوانه والشدّ بهم الى اعلى كالعملاق المارد المتمرد، فيمنعهم من منعه ومنع انفسهم من التحليق نحو هدفه المنشود الا وهو: الحرّية والتحرر والانفتاح والتنور؟
ان الذين يشدّون بالطموحين الى الأسفل يحاولون انزالهم الى مستواهم، ولكنّ جوليان يقاوم الشدّ الى أسفل بشكل مستميت، فيطير محلّقا نحو الحرية المطلقة ولا يستسلم لأية شدّ، الا اذا تحوّل الشدّ الى اسفل من احد السافلين باستعمال الغدر والقتل والرصاص الملثّم.
كمية تحرره وحرّيته تذكّرنا كم نحن أسرى لتقوقعنا، فنظّنه قاسيا لأننا لسنا بسرعة ايقاعه وعطائه. نشيط وعملاق كالفرسان المقاتلين القدامى، فيغيظنا لأننا لا نستطيع ان نقلّد تواصل نشاطه واجتهاده وسخائه بدون اية مقابل، لا بل بالعكس كان لا يأخذ ولا يساوم اصحاب الحق الذين يطالبون بحقوقهم، فيقف معهم كي يحصلوا على حقّهم الكامل وينسى حقّه الشخصي وذاته؟ انه درس ونموذج يحتذى به ونتعلم منه للمستقبل، وهذا هو عزاؤنا في رحيله عنا جسدا وبقائه فينا روحاً.

الوصول الى الكمال
من الصعب ان يجمع الانسان بين الفن والسياسة والدقة المتناهية من اجل الوصول الى الكمال، لدرجة انه يغيظ من يتعامل معه، ليس لهدف شخصي بل من اجل انجاح المشروع بأدق تفاصيله. وهو يؤمن ان الدّقة في تطبيق الأشياء الصغيرة وعن وعي واجتهاد هي التي تعلّمنا الدّقة في تحقيق الأهداف الكبيرة. فالتهاون في القضايا الصغيرة يقود الى التهادن في القضايا الكبيرة، كمَثل: المقاتل الفاشل الذي لا ينظّف بندقيته قبل استعمالها، فهو بذلك كمن يصوّب البندقية عن جهل وكسل الى جسده فتثور البندقية فيه بدلا من اصابتها الهدف الحقيقي.
يا اهل الحرّية الأعزاء
يا أهل الفكر السامي والفن الراقي.. يا أهله الانسانيين والامميين .. يا أهلنا في مخيّم جنين المظلوم، نعزّيكم ونعزّي انفسنا باسم احرار فلسطين وباسم الطموحين نحو حرّيتها وتحرّرها، بفقدان بطل الحرية جوليانو مير خميس، والف رحمة له وللبطن الذي بعثه الى الحياة، ورافقه الى علا المجد والحرية الشهيدة آرنا مير خميس وللظهر الذي نزل من صلبه، صليبا خميس. نعزّيكم ونعزّي انفسنا بفقدان شهيد الحرية والثقافة، المتنوّر، الجريء، الحر، الثائر، الأممي..

مقالات متعلقة

.