عكرمة ثابت :
لكم أوقاتا ثمينة لا تضيعونها هدرا
لكم طقوس وتقاليد يتمناها كل من داهم يومياته القنوت والكسل ويكفي انكم - يا أبطال فلسطين الأحرار – الوحيدين اللذين حولتم السجون الى مدارس
نذوق - نحن أمهاتكم - مرارة بعدكم عن أعيننا الف مرة كل يوم ، ومثلكم تماما نكتوي بنار الحسرة والاشتياق لملامسة أناملكم من وراء الاسلاك والحاجز الزجاجي
( طلبت مني والدتي أن أكتب لأخي الاسير في سجن شطة الاسرائيلي هذه الكلمات في ذكرى مرور تسعة أعوام على إختطافه من قبل الوحدات الخاصة الإسرائيلية ، حيث أصدرت المحكمة الاسرائيلية في سالم بحقه حكما تعسفيا يقضي بسجنه لمدة 25 عاما مقرونا بحكم جائر، تم إبطاله قانونيا فيما بعد ، كان يقضي بهدم منزل اسرتنا المكون من ثلاثة طوابق ) وقد كتبت أمي لأخي "مسلمة " وزملائه الاسرى تقول :-
ولدي الحبيب ... أبنائي الاسرى والاسيرات في سجون الاحتلال الزائلة حتما ...
زملائكم الابطال القدامى
نذوق - نحن أمهاتكم - مرارة بعدكم عن أعيننا الف مرة كل يوم ، ومثلكم تماما نكتوي بنار الحسرة والاشتياق لملامسة أناملكم من وراء الاسلاك والحاجز الزجاجي ... وكم من سنوات إنتظرنا كي يسمح لنا بزيارتكم في قلاعكم وحصونكم ، لكننا كنا دوما وما زلنا نعاني من تهم الاحتلال الملّفقة بأننا لسنا أمهاتكم ولا توجد اية صلة للقرابة بيننا وبينكم ... ويا حسرة أولئك الامهات اللواتي قضين رحمهن الله – شقيقتي الكبرى شهيرة خالتك أم الواثق ( والدة الاسير العتيق مؤيد الشيص ) واحدة منهن - دون أن يكتب لهن شرف إحتضان ابنائهن من زملائكم الابطال القدامى أو المعزولين ، ... يا حسرة اولئك الزوجات اللواتي لم تسمح لهن قوانين إدارات السجون الجائرة بزيارة أزواجهن خلف الجدران والقضبان ... أما ألاسيرات الماجدات يا أبنائي فالكلمات تعجز عن وصف حالهن وأحوالهن .
ولدي الغالي ... أبنائي الابطال
منذ سنوات طويلة - نحن وأنتم وغيركم من قوافل الاسرى المبعدين والمحررين – كانت سجونكم وزنازين عزلكم وأقبية التحقيق التي سطّرتم فيها اسمى معاني البطولة والعزة ترتعد منا عندما كنا نصطف في طوابير الزيارة متحمّلين ساعات القهر والعذاب الطويلة من اجل إطلاق زغرودة الشرف لكم ... كنا عندما نغني فرحا بكم تهتز أبراج المراقبة التي طوقتكم من كل الجهات ، وكان السجان يرتعب خوفا من إبتسامة أطفالكم الرضع ... أنا متأكدة أن لكل واحد فيكم قصص بطولية لا تنتهي في رحلة صمودكم الاسطوري في وجه السجن والسجان .
كنا يا ولدي – رغم فوارق السن فيما بيننا – نتعلم دروس النضال والتضحية والصبر والثبات منكم ، فهذا زميلكم نائل قد حطم بسنوات سجنه الطويلة موسوعة غينيس للارقام القياسية ورفاق قيدكم من اسرى المؤبدات والأسرى القدامى والمرضى قد هزموا عنجهية السجون وظلمها بصبرهم وثباتهم الذي لا يوصف ، وأخواتكم الصابرات الماجدات لا تقل معاناتهن عن تلك المعاناة التي تتعرضون لها في يوميات معركة الارادات التي لم تنتهي فصولها ولن تنتهي الا بإطلاق سراحكم جميعا وإغلاق تلك السجون البغيضة التي تفنّنت بعذاباتكم ومحاولة كسر إرادتكم وصمودكم .
ولدي العزيز ...
الحال لدى امهات الاسيرات والاسرى
لم تمنعني – كما هو الحال لدى امهات الاسيرات والاسرى – سنوات البعد والمنع الأمني وسوء الاوضاع الصحية ، من أن أتفاخر يوميا بأنك فلذة كبدي الاسير ومهجة عيني التي تنير ظلمة السجن وعتمة الزنازين ، فانتم – ومهما تنوعت إنتماءاتكم التنظيمية والسياسية – أوسمة البطولة والفخار من أجل فلسطين ومن أجل كرامة شعبها ، وانتم اللذين ترتفع بكم الهامات وتشمخ بكم سهول البلاد وجبالها ، كيف لا ، وأنتم من حمل لواء الفداء والتضحية في سبيلها ؟!!! وأنتم أول من أطلق صرخته في وجه الانقسام ووهبتم ارواحكم واعماركم للوحدة الوطنية ومن أجل حماية جبهتنا الداخلية ومشروعنا الوطني الاستقلالي .
أمنيات عائلاتكم وكل المؤيدين
لا اريد أن أطيل عليك وعلى رفاقك - فقد عرفت وتعلمت من تنقلي بين السجون - أن لكم أوقاتا ثمينة لا تضيعونها هدرا ، لكم فيها طقوس وتقاليد يتمناها كل من داهم يومياته القنوت والكسل ويكفي انكم - يا أبطال فلسطين الأحرار – الوحيدين اللذين حولتم السجون الى مدارس وجامعات وقلبتموها من مقابر للأحياء إلى مصانع للرجال الاوفياء !!!
لقد إخترت – يا ولدي – أن أكتب لك في ذكرى إعتقالك التاسعة والتي تتزامن مع حلول يوم الاسير الفلسطيني 17نيسان ، هذا اليوم الذي فيه تجوب أمهاتكم - المزينة صدورهن بصوركم الجميلة - الحواري والميادين ، وتنطلق أمنيات عائلاتكم وكل المؤيدين لكم في اوساط المعمورة كلها مطالبة بحريتكم وإطلاق سراحكم وإنتزاعكم من بين أنياب سجنكم اللعين !!!
في يومكم الخالد - يا مهجة قلبي - اقول لك ولكل الاسيرات والاسرى : أن فجركم يا فرسان الليل آت .. نصركم بإذن الله آت .