ظروف الحادثة المفجعة الذي وقعت للحافلة العائدة من شرم الشيخ أثارت غضبا لدى العرب الفلسطينيين في إسرئيل وذلك بسبب طريقة التعامل مع الحادثة من قبل أجهزة الإنقاذ المصرية التي وصفت بأنّها مستهترة بحياة البشر، وكثيرة هي الإدعاءات التي سمعناها عن طواقم الإنقاذ التي وصلت متأخرة وغير مجهزة كما ينبغي لتقديم المساعدة وكذلك عدم سماح اجهزة الأمن المصرية لوسائل انقاذ اسرائيلية كانت جاهزة بسيارات الإسعاف والمروحيات وطواقم مختصين ووجبات من الدماء من الدخول للمساعدة في إنقاذ الجرحى، وبالتالي سمعنا من يدعون الى مقاطعة السياحة الى مصر من قبل العرب في إسرائيل
أولا نتقدم بتعازينا الحارة لذوي الضحايا والذين نعتبرهم فقداً لكل شعبنا في هذه البلاد ونتمنى الشفاء للجرحى والمصابين، وبعد
فإن الأصوات التي ادعت ان المصريين أهملونا بشكل مقصود لأننا عرب من اسرائيل بل هناك من قال انهم يكرهوننا وهذا تجن وغير صحيح، والحقيقة أن النظام الرسمي في مصر لا يميز بين عربي مصري ولا عربي سوري أو عربي من إسرائيل فالجميع مهملون، وأقصد ان الإهمال لم يكن على خلفية سياسية بل هذا هو الأداء المصري بغض النظر عن جنسية الضحايا وليست بعيدة عنا كارثة السفينة المصرية التي نقلت حجيجا عائدا من بيت الله الحرام ليتحول حوالي الف منهم طعاماً لأسماك القرش بسبب الحمولة الزائدة ووضع السفينة المزري والتي كان يجب أن تخرج الى التقاعد منذ عقود ،وفوق كل هذا عدم استجابة قوات الإنقاذ المصرية لإستغاثة طاقم السفينة الغارقة في الوقت المناسب ولساعات طويلة الأمر الذي أدى الى الكارثة ، ورغم حجم المصيبة الهائل فكأن شيئا لم يحدث ، لم يحاسب المسؤولون ولم نسمع بهزة في الحكومة أو وزارة المواصلات بسبب عفن النظام! وقبل كارثة الحافلة العائدة من شرم الشيخ بأيام وقعت كارثة قطارات في القاهرة راح ضحيتها حوالي سبعين إنسانا كلهم من المصريين وطبعا مئات الجرحى، وتقول الإحصاءات الرسمية أن 6000 مصري قضوا نحبهم في حوادث قطارات خلال السنوات العشر الأخيرة ، بالإضافة الى أكثر من 230 ألف جريح، وهذا يعني ببساطة أن السفر في القطارات الشعبية في مصر هو "مغامرة غير محسوبة " حسب وصف الرئيس حسني مبارك لعملية اسر الجنديين الإسرائليين قبيل الحرب الأخيرة على لبنان،ورغم هذه الأعداد الهائلة من الضحايا في البر والبحر فإن النظام لم يحرّك ساكنا علما أن الإحصاءات تفيد بأن 60% من القطارات في مصر لا تصلح حتى لنقل البهائم حسب تعبير المصريين أنفسهم ،هذا ينطبق على الحافلات أيضا فكثير منها قديم وغير صالح بالإضافة الى حشد عدد زائد من الركاب بهدف الربح وهذا يتحمل مسؤوليته أكثر من طرف إضافة الى إهمال بعض السائقين والطريق الذي لا يليق بمنطقة سياحية بحجم شرم الشيخ التي من المفروض أن تتصدر مراكز السياحة على الصعيد العالمي !
من ناحيتنا نرفض تهمة العنصرية التي حاول البعض إلصاقها بإخوتنا المصريين فقد حدثني شاهد عيان هو الأخ ابراهيم آغا من المزرعة والذي فقد ابن شقيقته أميرهيب وجاره نجيب غضبان في الحادث والذي وصل بعد دقائق الى الموقع فقال أن رجال الإنقاذ المصريين الذين وصلوا بكوا مثلنا ومثلهم بعض رجال الأمن ، لقد بكى رجال الإسعاف لأنهم لم يستطيعوا المساعدة فالتجهيزات التي كانت معهم غير كافية ، وبما أن إبراهيم يعمل في المجال الطبي في مستشفى نهاريا فهو يعرف ما يحتاجه المصابون، إذا فالتجهيزات غير كافية رغم نوايا الطواقم التي وصلت، ثم أنه من العيب عدم وجود مستشفى كبير ولائق ومجهز بأحدث التجهيزات في موقع مثل شرم الشيخ والذي يؤمه ملايين السائحين سنويا من مختلف أقطار العالم، أما منع قوات الإسعاف الإسرائيلية من المشاركة بسبب من الإعتزاز القومي فنحن نعتبرها نكتة بائخة، فأي اعتزاز قومي يمنع إنقاذ حياة البشر! أي اعتزاز وأي نيلة وقبل أقل من شهرين لم يصل وزراء الخارجية العرب وعلى رأسهم المصري ابو الغيط الى بيروت جوا الا بموافقة اسرائيل! " كرامة إيه اللي انت جاي تقول عليها"! والنتيجة أن الإهمال هو سيد الموقف في مصر التي نحبها ونحب شعبها والذي نعتبره ضحية مثل ضحايانا !
طبعا يحق لوسائل الإعلام الإسرائيلية أن تردح وأن تبحث وتدعو المصابين وشهود العيان لجلد الذات لأنها لو لم تفعل ذلك لأقمنا عليها القيامة، كذلك كنا سنفعل لو أن السلطات الإسرائيلية لم ترسل عشرات سيارات الإسعاف ومنها مروحيات بِنية المساعدة! في النهاية ما حدث هو كارثة إنسانية لعشرات الأسر لا يمكن أن نلقي بعبء مسؤوليتها على القضاء والقدر وحده! فهناك الحذر والعقل أيضا، وهناك الإستعداد والتجهيز، كنا نطمح أن نرى مصر الحبيبة أحسن وأرقى نظاما وعدلا من هكذا بكثير، ولكن مرة أخرى نوجه اصبع الإتهام للنظام الذي لم يهتم بإصلاح وضع القطارات ولا السفن ولا الحافلات ولا البنية التحتية ولا الإستعداد والتجهيز الجيد الذي يذهب ضحيته الاف المصريين ومعهم سائحون من العرب وغير العرب الأمر الذي يسيء الى سمعة مصر التي نحبها ونحب شعبها ونشاركه مصيبته في نظامه الذي لا يرعى سوى مصالحه ومصالح المحيطين به وبات عنوانا مخجلا على الصعيد العالمي بالإستهتار بحياة البشر