الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 13 / نوفمبر 01:02

المحامي جريس بولس: لا تراجع عن حق العودة مهما طالت المدّة

كل العرب
نُشر: 06/06/11 13:16,  حُتلن: 14:54

المحامي جريس بولس في مقاله:

نعجب كيف ان الدولة العظمى اميركا، ومعها دول كبرى، تدعو إلى صون حقوق الانسان في كل مكان من العالم، إلا في فلسطين

لماذا يا ترى لا تحفظ حقوق الانسان في فلسطين؟ فهي مهددة ومهتوكة على كل صعيد في ما تمارس إسرائيل من قتل وتنكيل واعتقال وتدمير ممتلكات كل يوم تقريباً

الحل المستقبلي الحقيقي لقضية فلسطين برأيي وبرأي آخرين من مفكرين يهود وعرب وأجانب، لن يكون إلا بتحقيق الحلم الانساني مهما طال الزمن: اي بدولة واحدة موحدة، عاصمتها القدس

حقُّ اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم التي اقتلعوا منها عنوةً هي من حقوق الإنسان في وطنه وعلى ارضه. لا جدال في ذلك. نحن نعجب كيف ان الدولة العظمى اميركا، ومعها دول كبرى، تدعو إلى صون حقوق الانسان في كل مكان من العالم، إلا في فلسطين.
ينادى بحقوق الإنسان من منطلق انها في مقدم القيم الحضاريه في العصر الحديث. فلماذا يا ترى لا تحفظ حقوق الانسان في فلسطين؟ فهي مهددة ومهتوكة على كل صعيد في ما تمارس إسرائيل من قتل وتنكيل واعتقال وتدمير ممتلكات كل يوم تقريباً، ولا نسمع صوت احتجاج او استنكار واحداً يصدر عن القوى الدولية التي ترفع شعارات حقوق الانسان وتشنُّ حُروباً بدعوى الدفاع عنها، كما كان في العراق.

حقوق الانسان في فلسطين
وحق العودة ليس فقط حقَّاً بديهياً من حقوق الانسان في فلسطين، بل هو مثبت بقرار دولي، هو القرار 194 الصادر عن الهيئة العامَّة للامم المتحدة في عام 1948، اي قبل 63 سنةً، واعادت الهيئة العامة تـأكيده بقرارات شبه سنوية لاحقة لا اقل من ثلاثين مرة. قد يقال إن قرارات الهيئة العامَّة ليست لها القيمة التنفيذيه التي تتمتع بها قرارات مجلس الأمن. هذا في مفهومنا هراء. فقرارات الهيئة العامَّة تعبِّر عن إجماع المجتمع الدولي، أما قرارات مجلس الأمن فهي عموماً نتاج صفقة تتم بين الدول الخمس الكبرى ذات العضوية الدائمة، والتي كثيراً ما تتصدرها، حتى لا نقول تقودها، الولايات المتحدة الاميركية. ثم إذا كانت قرارات مجلس الأمن تتمتع بصفة تنفيذية، فلماذا يا ترى لم يطبَّق القرار 425 الخاص بلبنان إلا بعد 22 سنة من صدوره، ولم يطبَّق (بحسب مجلس الأمن) إلا في عام 2000، وذلك بفعل المقاومة الوطنية اللبنانية، ولم يكن في ذلك فضل لا للدولة العظمى ولا حتى للامم المتحدة. ثم لماذا لم يطبَّق القرار 242، الصادر إثر حرب العام 1967، حتى اليوم؟

مصلحة اسرائيل
اليس لان ذلك ليس في مصلحة اسرائيل؟ هل قَدرنا ان يصر المجتمع الدولي على تطبيق القرارات التي تناسب الدولة العبريَّة، مثل القرار 1559 الذي يراد عبره نزع سلاح المقاومة اللبنانية، ويتناسى المجتمع الدولي سائر القرارات التي لا تصب في مصلحة الدولة العبريَّة، مثل القرار 242؟
إلى ذلك، نحن لا نعتبر ان حق اللاجئين الفلسطينين في العودة حق بديهي من حقوق الانسان فحسْب، ولا مجرد حق مُقَرّ بقرار دولي، وانما هو في نظرنا جوهر قضية فلسطين، وهي قضية العرب المركزية. فاذا عاد اللاجئون، كل اللاجئين، إلى ديارهم في فلسطين، كل فلسطين في امتدادها التاريخي من البحر إلى النهر، بحسب القرار 194، فان الجانب الاهم من قضية فلسطين يكون قد تحقق. ذلك لاننا نؤمن بان قضية فلسطين هي في جوهرها اكثر من قضية ارض، فهي قضية إنسان. أنها ليست قضية حدود بل قضية وجود.

إرادة الشعب الفلسطيني
وقضية الوجود لا يقررها جدار فصل تبنيه إسرائيل على هواها، كما لا تقررها محادثات لرسم الحدود بين الكيان الاسرائيلي وكيان فلسطيني مجاور. بل تقررها إرادة الشعب الفلسطيني الحرة. فاذا ما عاد إلى دياره في كل فلسطين، عاد اليه حقه بصرف النظر عن الخلافات التي نعرف سلفاً انها ستبدأ ولن تنتهي حول الحدود الفاصلة بين الدولتين.
هذا مع العلم ان الحل المستقبلي الحقيقي لقضية فلسطين برأيي وبرأي آخرين من مفكرين يهود وعرب وأجانب، لن يكون إلا بتحقيق الحلم الانساني مهما طال الزمن: اي بدولة واحدة موحدة، عاصمتها القدس، يتعايش فيها العربي واليهودي بسلام جنباً الى جنب، بعد عودة جميع اللاجئين إلى ديارهم. قد تنتهي الحرب بتسوية، ولكن الصراع العربي الاسرائيلي، بما هو مقاومة مدنيَّة، لن ينتهي إلا ببلوغ الحلم الانساني. بناءً على ما تقدَّم فأننا لا نغالي عندما نقول إن قضية فلسطين تُختصر بالقرار 194 وليس بالقرار 242، خلافاً لما يُصَوَّر احياناً كثيرة.

الشعب اليهودي
ولكن هنالك للأسف أحزابا, منها الحزب الشيوعي والجبهه تطرح شعار "دولتان لشعبين" أي أن إسرائيل دولة "الشعب اليهودي" بدلا من دولة "جميع المواطنين" وهذا شعار خطر إذ أنه ينسف حقوق الفلسطينيين مواطني دولة اسرائيل كما وينسف أيضا "حق العودة" الذي هو حق مقدس لا أحدَ يستطيع أن يقرر به سوى اللاجىء الفلسطيني وحده. هكذا تكون قضية فلسطين، كما نشاؤها ان تكون، قضية شعب وليست مجرد قضية أرض. بعبارة اخرى هي قضية وجود وليست قضية حدود. وهذا خلافاً لنظرة الصهيونية. وقد جاء مشروع الجدار الفاصل، الذي تبناه ارئيل شارون، ليثبّت مفهوم إسرائيل القائم على مسألة ترسيم حدود معيَّنة بين الكيانين الاسرائيلي والفلسطيني إنطلاقاً من التطلعات الاسرائيلية وبتجاهل كلي للحقوق العربية المشروعة. ونحن نميز في تعريف الحل مبدئياً بين السلام والتسوية. فالتسوية هي صيغة للحل تقف عند حدود إنهاء حال الحرب المسلحة. أما السلام فهو صيغة للحل تحظى برضا واقتناع، لا بل اطمئنان، الشعب الفلسطيني خصوصاً والشعب العربي عموماً.

الاستقرار وتطبيع العلاقات
لذا فان التسوية إن تنهي القتال المسلَّح قد لا تفضي إلى حال من الاستقرار وتطبيع العلاقات على نطاق واسع، وقد يستمر بعدها الصراع لأجيال وأجيال ولو في شكله السلمي أو المدني الذي يمكن ان يتَّخذ شكل الاضرابات والتظاهرات والعصيان المدني والحملات الإعلامية والتحركات السياسية والدبلوماسية، وفوق كل ذلك استمرار المقاطعة الشعبية الصارمة لأسرائيل وممثليها ومنتجاتها. أما السلام، فانه إذ يقترن برضا الناس واقتناعهم واطمئنانهم، فأنه ينهي القتال ويفضي إلى حال من الاستقرار، وترجمته تكون بتطبيع العلاقات على أوسع نطاق، ليس فقط على المستوى الرسمي وانما ايضاً على المستوى الشعبي.

الحرب المسلحة
نسمع بسلام كامب دايفيد بين مصر واسرائيل، وبسلام وادي عربه بين الاردن واسرائيل، ونحن نقول إنه في الحالتين كانت هناك تسوية، انهت حال الحرب المسلحة، ولكنها لم تؤدِّ إلى رضا الشعب العربي في مصر أو الاردن واقتناعه واطمئنانه، لذا لم تُتَرْجَم استقراراً وبالتالي تطبيعاً في العلاقات على النِّطاق الذي كان يرتجى من الجانبين.
نحن نتطلع إلى سلام ناجز يقترن بالرضا العام ومن ثم الاستقرار. هذا السلام لن يكون في نظرنا وفي رأينا إلا في عودة اللاجئين، كل اللاجئين، الى فلسطين، كل فلسطين، في امتدادها التاريخي من البحر الى النهر، واستطراداً في دولة واحدة موحدة عاصمتها القدس يتعايش فيها العربي واليهودي بسلام جنباً الى جنب. هذا هو الحلم الانساني الذي لا بد من ترجمته حركة نضال منهجية في سبيل تحقيق مشروع واضح المعالم.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر.
لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وصورة شخصية بحجم كبير وجودة عالية وعنوان الموضوع على العنوان: alarab@alarab.co.il

مقالات متعلقة

.